الجزء الرابع - سيد الظلام

68 13 2
                                    

غضبة كيان
الجزء الرابع : سيد الظلام    بقلم : محمد الجوهرى

في قلب الضباب... ضباب أزرق مهيب... هو ليس من عالمنا... ليس كضبابنا الذى نعرفه... على ارتفاع عدة أمتار من صفحة المياه... مياه المحيط بأمواجه الباردة... و لكن أي محيط هو؟؟؟ الإجابة ليست تعنينا في شيء... فالسفينة تبحر في بحر الضباب و ليست على صفحة الماء... إنها السفينة (مون لايت) تلك التي اختفت بطاقمها منذ قرنين من الزمان... لكنها لازالت تبحر بلا هدف... بلا طاقم ولا قبطان... بلا مرساة... و فيما قد تحتاج مرساة... فبحر الضباب بحر سرمدي بلا موانيء او شواطيء... بلا ليل أو نهار... ضباب لا نهائي...

كانت هناك... على متن السفينة تعد عدتها لخطوتها التالية... إنها (نور)... و لكنها لم تعد تدرك التغيير الذي حدث لها... لم تعد هي الشخص ذاته... من أين لها تلك الجرأة و الشجاعه... لم تنهار.. لم تصرخ .. لم تبكي... حتى أنها لم تجلس لتعاتب نفسها على خطواتها المتهورة... كما لو كان هناك جانباً خفياً في أعماقها غادر أخيراً محبسه و تولى زمام الأمور بينما هي تراقبه من ركن منزو في داخل عقلها...

و بدون ذرة تردد... غادرت (نور) غرفة القبطان تاركة السجلات خلفها لتسير بخطوات واثقة في ممرات السفينة كأنما تحفظها عن ظهر قلب... إلى أن بلغت درجاً هابطاً لقبو السفينة... و قبل أن تهبط أولى درجاته توقفت للحظه و التفتت إلى يمينها لتجد خزانة خشبية مغلقة و مثبتة على الحائط... مدت (نور) يدها و فتحت الخزانة لتتناول بلطة قوية من داخلها ثم استكملت طريقها بثقة...

فتحت (نور) باب غرفة القبو في قاع السفينة بقوة و ثقة... و ألقت نظرة لا مبالية على الحراس الزرق الأربعة الذين لم يبد عليهم أدنى تأثر بوجودها في الغرفة... و إنما ظلوا ثابتين بوقفتهم حول ذلك الصندوق الغريب عند أركانه الأربعة... و من خلف الصندوق مرآه لامعه طويله في مواجهتها تماما خلف الصندوق الغريب... بدت لها هيئة هؤلاء الحراس مألوفة جدا رغم غرابتها و بشاعتها كأنهم جثث زرقاء في طريقها للتحلل...

لماذا هيئتهم مألوفة لم تثر في قلبها الذعر؟؟ كيف تعرف طريقها في سفينة الأشباح تلك؟؟ كيف عرفت مكان البلطة بكل هذه التلقائية؟؟ لماذا إذاً لا تعرف ما هو موجود بذلك الصندوق؟؟

كانت الأسئلة تنهال على رأس (نور) بغزارة بينما تقف أمام الصندوق الغريب... و بهدوء شديد علقت البلطه خلف ظهرها بواسطة حزاماً جلدياً مثبت بالبلطه لهذا الغرض... و فتحت مزلاج الصندوق ليتحرك غطاؤه لينفتح من تلقاء نفسه... و اقتربت (نور) من الصندوق لتجد رقعة جلدية مطوية بداخله... مدت يدها و ألتقطتها و هي تختلس النظر للحراس الأربعة الذين ألتفتوا إليها في توافق تام ليوجهوا لها نظرة خالية من أي تعبير... بسطت (نور) الرقعه أمام وجهها في لهفة لتطالع آخر مشهد قد يخطر بذهنها... لقد كانت الرقعة عبارة عن صورة لشابة جميلة ترتدي ملابس أثرياء الريف الأوروبي العتيقة... شابة أوروبية في الثامنة عشر من عمرها تبدو بشعرها الأشقر و بشرتها البيضاء الناصعة و قد توردت خدودها بتلك الحمرة المميزة... و لكن ملامحها أيضا بدت مألوفه بشدة... فمع اختلاف طفيف في لون الشعر و العينين كانت ملامح الفتاة في الرقعة تطابق تماماً ملامح (نور) في مثل عمرها...

غضبة كيانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن