الجزء السادس - المقبرة الملعونة

65 8 0
                                    

غضبة كيان
الجزء السادس : المقبرة الملعونة
                                       بقلم : محمد الجوهرى

طلعت الشمس لتربت بأشعتها على النائمين معلنة بداية صباح جديد لتدب الحياة في القرية و قد تناثرت الهمسات و القصص حول حادث ليلة أمس... و الجميع يضيف لمساته و خياله للأحداث... والجميع يتساءل عن ذلك الوحش الذي يعيش في الغابة إلى جوارهم و كيف اختطف أشباح الغابة (فيرونكا) و لكن ذلك الضخم قد أعادها... ثم يضيف البعض حديثاً خافتاً عن قدرات (فيرونيكا) السحرية و قدراتها على التحكم في الوحوش و عالم الشياطين...

و لكن لم يدر أحداً أن ذلك الوحش (غويل) قد بات ليلته وحيداً باكياً على شاطيء تلك البحيرة في قلب الغابة التي اعتاد أن يشكو لها حاله... حتى أرقته حرارة الشمس ليغادر موضعه و ينطلق يسير في أرجاء الغابة على غير هدى... حتى بلغ حدود الغابة جهة منزل (فيرونيكا) و ظل كامناً في موضعه بين الأشجار الكثيفة لا يرفع عينيه عن منزلها...

مرت ساعات و ساعات حتى جن الليل على (غويل) الذي لم يأتي بحركة واحدة طيلة النهار و كأنما هو تمثال حجري... و مع حلول الظلام دلفت (آزلين) إلى غرفة (فيرونيكا) لتشعل مصباح الغرفة و تعلقه إلى جوار النافذة و تذهب مبتعدة... و أخيراً ظهرت (فيرونيكا)... ظهرت و هي تتوكأ على آثاث الغرفة حتى بلغت النافذة لتفتحها و تستنشق نسيم الليل...

انتفض قلب (غويل) ليخفق بقوة و تسارع ما أن وقعت عيناه على (فيرونيكا) من بعيد و هو قابع في الغابة... شعر ببرودة جارفة تغزو جسده و بقلبه يكاد يقفز مغادراً صدره القوي... وجد نفسه يشير لها بكلتا يديه و هو على ثقة من إستحالة أن تراه في موضعه هذا... لم يشعر بنفسه سوى و هو يغادر مكمنه و يتوجه إليها... إلى (فيرونيكا)...

عجيبة هي تلك المشاعر التي تجتاح قلوب العاشقين فتمتلك كل جوانحهم و تفقدهم أدنى سيطرة أو تحكم في ردود أفعالهم في مقابل كلمة أو ابتسامة او حتى نظرة ممن سكنوا قلوبهم و استعمروها... ليعودوا بعدها متسائلين كيف أقدموا على تلك التصرفات المفضوحة... رغم أنها تبدو الأكثر منطقية و تلقائية في نظرهم في حينها...

من الصعب بأي حال من الأحوال تخيل ألا تلاحظ (فيرونيكا) شخصاً بحجم (غويل) حتى بالرغم من ذلك الظلام الذي يحيط بالمنزل في مثل هذا الوقت... رأته قادماً باتجاهها ليتراقص قلبها فرحاً و انفعالاً برؤيته لترتسم على وجهها ابتسامة عذبة و تفيض عيناها بأسمى آيات الشوق و الفرحة و الخجل في مزيج غريب لو استطاع أحد الرسامين نقله في لحظتها لضربت شهرته الآفاق...

التقت عيونهما أخيراً و ظل (غويل) صامتاً و قد عجز لسانه عن النطق طويلاً و كذلك كانت (فيرونيكا) و إن تدفقت دماء الخجل إلى وجنتيها لتصطبغ بحمرة زادت بياض وجهها رقة و جمالاً...
فيرونيكا : أهلاً بك (غويل)... لماذا أتيت مخاطراً بأن يراك أحدهم و يتسبب في مضايقتك؟؟
غويل : أردت فقط ألإطمئنان على حال قدمك الآن... هل تحسنت؟؟

غضبة كيانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن