البارت السادس عشر 💕

617 9 5
                                    

🌻لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين🌻
**********************

حينما أتم الطبيب كشفه على أميرة كانت تشعر بضيق بالغ من جو الغرفة المعبق برائحة المطهرات القوية كما أنها تألمت حين أزالت الممرضة سن المحقن الخاص بالمحلول الذى كان يمدها بالعقاقير اللازمة حتى تستقر حالتها ,هز رأسه برضا وهو يقول ببشاشة: ما شاء الله اتحسنت كتير فى فترة بسيطة والدليل على دا هو اننا نقلناها لاوضة عادية ,والحمد لله أننا عوضنا الدم اللي نزفته.
ثم التفت محدقا بوجه حازم المضطرب وهو يهنئه على سلامتها ثم استطرد بفضول: مش صدفة غريبة أن تكون فصيلة دمكم واحدة ؟ دا لان الفصيلة دي أصلا نادرة جدا !
ابتسم حازم مجاملة للطبيب الشاب وتملص من الاجابة على سؤاله بدبلوماسية حين باشر بسؤاله: امتي ممكن تخرج من المستشفى يا دكتور؟
لم يكف الطبيب عن توزيع ابتساماته وهو يمارس عمله فى تسجيل بعض الملاحظات عن الحالة ويضيف أسماء العقاقير الجديدة المطلوبة ولكنه أجاب بسماجة: مش ممكن , مش بالسرعة دي يا استاذ حازم , متنساش أن الوقعة ممكن تكون سببت أثار مش واضحة لسه فلازم الاول نتأكد من سلامتها قبل مانسمحلها تخرج.
أنّت أميرة بخفوت حين غرست الممرضة محقنا فى ذراعها المكشوفة طبقا لأوامر الطبيب المعالج , فالتفت اليها حازم متعاطفا وهو يقترب من فراشها محتويا كفها الرقيق بيديه حتى يلهيها عن الألم ,وانتهت الممرضة من عملها وبقيت تنتظر تعليمات الطبيب الجديدة بخصوص المريضة وكانت تهز رأسها بدون أن تناقشه فانشغلا عما يدور بين أميرة وحازم,ثم تبعته الى الخارج.
كان حازم ما زال على وضعه وهو يعتصر أصابعها حتى يتأكد من أنها حقيقية أمام عينيه وتبتسم له بحب كما كانا بالماضى البعيد قبل أن تنهال عليهما الحوادث الواحدة تلو الأخرى ,كان بعينيها الكثير من التساؤلات الصامتة ,وظلت متعلقة به كطفل صغير وجد أمه التى ضاع منها ,جذب كرسيا معدنيا ليستقر الى جوارها قريبا منها ولم يكن يجرؤ على افلات يديها ,ويبدو أنها كانت سعيدة بتمسكه هذا وبدأت تتساءل عن كيفية وقوع الحادث وكأنها لا تتذكر : اي اللي حصل ياحازم ؟ انا وقعت ولا اتكعبلت ؟أنا مش فاكرة حاجة ... غير أنى كنت بتكلم مع ريم و...
لم تكمل جملتها فقاطعها حازم هائجا: ريم ؟ وريم مالها باللي حصل؟
توترت أميرة وخشيت من انفعاله الواضح فانكمشت على نفسها وهى تردد بأسى: مش عارفة ,كانت بتقول .. مش مهم .. اصلا مش فاكرة بس كانت متضايقة منى أو او حاجة زي كدا ,وبعدين وقعت ومش فاكرة ... رأسى بتوجعني اوي , آه.
هدأ من لهجته الثائرة فلا مجال لها بهذا الوقت وربت على كتفها بحنان وهو يحاول بث الطمأنينة فى نفسها:
حبيبتى , لو سمحتي مفيش فايدة من انك تحاولي تفتكري اللي حصل ,انسي كفاية أنك رجعتلنا بالسلامة.
لم يبد على وجهها دلائل الانفراج من أزمتها الدائرة بعقلها فهزت رأسها لتبعد عنها ذكريات محزنة أخرى فقالت بقلق:بس انا بفتكر حاجات تانية متلغبطة , زي عربية,,, حادثة وكنا مع بعض مش كدا ؟
حاول أن يتجاهل حديثها وهو ينبهها الى ضرورة التزام الهدوء وعدم تحريك رأسها بعنف فالطبيب ما زال غير متأكدا من عدم اصابتها بارتجاج بالمخ كما أن الجرح قد توقف عن النزيف ولكنه قد يعاودها مرة أخرى ,فاستسلمت لارادته وهى حائرة ثم سألته عن خالتها: بس فين خالتى زينب ؟ أنت مقولتلهاش لسه , اكيد هيا قلقانة عليا.
أسقط فى يده بعد ذكرها للخالة زينب وأخذ يحاور نفسه: اي اللي المفروض اعمله دلوقتي ؟ واضح انها لسه تفكيرها مشوش بسبب الحادثة ,والأحداث والمواقف بتختلط عليها ,مرة تفتكر ريم , ومرة تانية تفتكر بالحادثة الأولي اللي حصلت لها من أربع سنين وفقدت بسببها ذاكرتها في الفترة الاخيرة بس ,الدكتور النفسى وقتها اللي كان ماسك حالتها قاله انها فاكرة اللي فات كله من ساعة ماتولدت ماعدا اخر كام سنة نسيتهم ,ودا كان معناه أنها متقدرش افتكرت ولا تفتكر انهم اتجوزوا في السر ومحدش كان يعرف ولا حتي خالتها زينب , ولما الست زينب عرفت انها كانت معاه في عربيته وقت الحادثة هزأته ولامته وطردته من حياتهم خالص بالذات أنها كانت بتحاول البت اللى أختها وجوزها سابوها امانة في رقبتها ,ومكانش قدامه ساعتها غير انه يبعد عنها لحد ماترجعلها ذاكرتها ,وفضل يتابعها من بعيد عشان يطمئن عليها ,وبدأت في شغل جديد كان هو اللي جابهولها في مكتب الأستاذ فهمى اللى كان معرفة له ,وكل دا من غير ما تعرف طبعا لانه بالنسبة ليها مجرد راجل غريب متعرفوش,واستني كتير لحد ما تتحسن حالتها وواضح أنها مارست حياتها بشكل طبيعى واتعرفت على زميل ليها , جاسر ,الشاب اللى كان بيشتغل معاها في نفس المكان وعلاقتهم اتطورت , مش قادر ينسي السكاكين اللي كانت بتقطع في قلبه لما شافها بتخرج معاه أكثر من مرة وهو مش قادر يمنعها ,الا اذا حب أن حالتها الصحية تنتكس أو يسبب لها فضيحة عالعلن لو أعلن خبر جوازهم ,وفى وقتها مكانش مستعد يواجه جده ورفضه التام لأى صلة بحمدي أو بنته حتى بعد وفاة عمه لم يتزحزح عن موقفه الرافض لها لأنها ابنة المرأة التى اختطفت ابنه من بيته وأسرته ,فأخذ يراقبهما بعين لا تغفل خشية تطور العلاقة بينهما الى أمر آخر .
ريماس: حازم ... سرحان في اي ؟
حازم: هه ... لا ولا حاجة , آخ.. نسيت أن أطمنهم عليكي , اكيد قلقانين دلوقتي .
ريماس: مين دول اللي بتتكلم عنهم ؟ وفين خالتى ؟
حازم: حبيبتى , متشغليش بالك , هروح اقولهم أنك فوقتي ,ولو عاوزة اقول لخالتك زينب ماشي بس مش دلوقتي عشان لو شافت حالتك كدا هتختار مش هتستحمل صدقينى.
ريماس: متمشيش وتسيبني لوحدى , أنا خايفة.
كان صوتها المرتعش وقسمات وجهها الجميلة التى تغضنت بفعل تكشيرها أكثر مما يحتمل فعاد الى جوارها وهو يحتضنها برفق حتى لا يؤلمها من فورة مشاعره التى انفجرت بعد طول كتمان فلم يعد قادرا على السيطرة عليها وهمس لها بعشق: أميرتى ,أنتي عارفة أنك أغلى وأقرب الناس لقلبى , ومقدرش ابدا أتخلى عنك ,بس ثقى فيا يا حبيبتى , سيبيني بس حبة وهرجعلك بسرعة .
تشبثت به وهى تشعر بالأمان الذى افتقدته طويلا بعد أن ناداها باسم التدليل المحبب اليه ( أميرتى ) وكأنها تعود الى منزلها بعد غياب سنوات وترددت قبل أن تتركه يغادر وهى تسأله باستعطاف: وعد ؟
حازم : وعد يا ملاكى.
ثم كوّر أصابعه أمام شفتيه وألقى لها بقبلة فى الهواء ,ثم انصرف تاركا الفتاة حائرة مرتبكة .

(عشقت صيادي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن