الآن الساعة 3:52 صباحاً ، الثلاثاء بتاريخ 11 نوفمبر سنة 2014
لأول مرة منذ 9 سنواتٍ سأكتب عن حياتى مع أبي أو بالأحرى سأكتب كيف فقدتُ حياتى ..
بينما كنت في عالم أحلامي مرت في مخيلتي حياتى مع أبي، عندما كنت صغيرة يأتي إلى المدرسة يأخذني إلى عمله في فترة الإستراحة، جميع أصدقاء أبي كانوا يعرفون أني حبيبته المدللة التي لايحتمل فراقها..
وفي البيت ألازمه كظله وقت الفطور، الغداء، العشاء لا أضع شيئاً في فمي إلا حين يأتي هو ، وقت القيلولة كنت أيضاً أنام معه، لازال بين عيناي صورته وهو نائم على الفراش إذا مرض لايجعلني أقترب منه كان يكره أن أراه يتألم من الوجع ، يطردني من الغرفة فأنام أمام الباب أو أدخل خلسة عندما ينام وأنام تحت قدميه شعوري بأنه يبعدني عنه في وقتها فقط كان يقتلني كأنه أخرجني من حياته،
ف/معه لم يكن في حياتي متسع للمزيد من الأشخاص حتى أمي وأخوتي لم أكن اختلط معهم كثيراً كان يغنيني عن العالم بأجمعه، حتى عندما ألعب كنت أراقب نظراته وإبتسامته لي كان كل تفكيري معه ..
كانت أجمل أيامي ،لازالت كل صورة لي معه تنخر في ذاكرتي تؤلمني ،تمزق قلبى ويتورم جفني من البكاء ،إلى الآن حين تضيق بي دنياي أتخيل أنني نائمة بجانبه أشعر بملمس شعره الشائب بين يدي أشعر بضلوعه حين يحضنني، ولحيته على وجهي ،أرى نظرات عينيه لى ونبرة صوته عندما يغضب مني، وأبتسم عندما أتذكر همسه في أذني فهو ملجئي حين تضيقُ آنفاسي ..
كنت أُحِبُه حد الموت ولكن أَحَبَه الموت أكثر مني و أخذه ،"و فجأة مات أبي" عِشت صدمت لم أكن أتخيلها يوماً ، إلى الآن لا أتذكر تفاصيل سنة وفاته، كنت أتلاعب بمخيلتي أقول ربما سافر وسيعود ، أسمع همسات صوته "لن أذهب إلى مكان إلا وأنتي معي" وكأن نفسي لاتريد أن تستمر بالتظاهر والكذب و أراني أجهش بالبكاء وأصرخ قائلة كذب علي ، تركني وحدي كسرني و "مات" هو تركني أصارع الأحزان وحدي ومضى ، تذكرت اللحظة وبكيت ،بكيت وبكيت وبكيت؛ كأن عيني أبيضتّ حتىَ كاد صوت قلبي أن يبح ..
حين أسمع خبر وفاة أحدهم ولديه أطفال أفكر في داخلى أنه ليس من العدل تركهم يبتسمون الآن ويلعبون و لاحقاً يدفعون الثمن وبأعلى صوت سيبكون..
لا أعرف لماذا لا يصارحنا الكبار بحقيقة الموت وفاجعته والألم الذي سيصيبنا ؟
لماذا لا يخففون علينا تحطم القلب ؟
لماذا يحيكون لنا قصص لاتمد للواقع بأي صلة ؟
فقط أخبرونا واجعلونا نتألم،ننكسر و ننهار وقتها ثم مع الوقت سيتجبر الكسر وسنتأقلم ،لا تنتظرونا حتى نكبر ونعيش الحزن ،ونبكي وحدنا في آناء الليل ونبحث عنهم في النهار..
من بعده وكأني بدئت بناء حياتي من الصفر ،اقتربت من عائلتي التي عانت كثيراً معي ،رسمت ذكريات جديدة، تصوروا حجم الأشياء التي ماتت بداخلى لكي أتأقلم..
"المَوت" كلمة تحمل في حناياها تحطيماً للقلوب و فراغاً في العائلة وتعباً في الذاكرة، تشويهاً لحياة كبيرة رسمناها في الصغر ..
ويبقى فقدانك لأباك يعني أن تقف طويلاً قبل أن تخطو ، وحينما تسير سترى أنك فقدت ظلك، ستدمع عيناك ويعتصر قلبك الألم حين يسألك أحد عنه، وفي أجمل مناسباتك تنتظره كثيراً وتعلم أنه لن يأتى ..
وتبدأ تعيش الحزن واحتواء الألم مرة أخرى،ويتكسد الشغف في زوايا روحك، تتعب من البكاء وقلبك لن يحتمل وعقلك لايريد أن يرضى بفكرة فقدانه للأبد، فلقد رحل من كان يستطيع تحسين مزاجه السيئ..
"التَأقلُم" نعم هو الشيء الوحيد الذي يستطيع تعديل حياتى فى وسط كل هذه الفوضى،
امهلوني القليل من الوقت لكى استوعب فكرة زوال جزء من روحي، و أميز بين الحلم والواقع ، فلقد هدمتني الحياة مراراً وحطمتني الظروف وكلما ذكرت سيرته نبش قبره في صدري ونزف،وكل نَبْضٍ في قلبي هو فيهِ يُوجعُني،ويُرْجِعُني إلى زَمَنٍ كان فيه معى، ويوجعني دمي ..يوجعني ويوجعني الوريد ُالذي يسري فيه يوجعني !
#أبِي يا فقيد قلبي وسجين روحي، أنت أول الأشياء الجميلة التي رحلت عني، تركتُك هُناك وحدك لكن الملائكة حولك، و ذلك التُراب الذي يُغطي جسدك هو رحمة فـ الحياة باتت عنواناً لـ الشقاء ويا ليتني أنا تُرابْ قَبرك ..
أُحِبُگ #أبِي
الساعة 6:26 صباحاً