الفصل الواحد والعشرين... معضلة

695 20 12
                                    

الفصل الواحد والعشرين... معضلة
أن مرت الحياة بدون معضلة، فاعلم أنك ميت
..............................
بسم الله الرحمن الرحيم....
وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿٣٢ الإسراء﴾
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴿٢ النور﴾
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴿٢ النور﴾
الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ﴿٣ النور﴾
وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴿٣ النور﴾
الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ﴿٣ النور﴾
وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴿٣ النور﴾
وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴿٦٨ الفرقان﴾
يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ ﴿١٢ الممتحنة﴾.......
صدق الله العظيم.....
كانت تلك الكلمات التي أضافها الشيخ حسين عندما سئل عن مسألة عقاب الزنا.... عيون متلعقة بيسأل أحدهم بالتقرير : ولا اي يا شيخ...
صامت يستمع، يتلذذ بالكذب، يبتسم في سخرية تارة ليقول : كلام ربنا....
ليضيف آخر بحزم... : وانت متزوج، وحكمك الرجم حتي الموت...
ليرفع الشيخ يده هادرا : يا حج مهدي للزنا أحكامه، للزنا اربع شهود
ليضيف الآخر بتحدي :... موجود حداك، الخواجة وصحاب البنية والخدمين
ليستكمل الشيخ كرم حديثه : زين، هاتهم...
.... نظرة ريبة من الوالد والأخ والجد يراقب، فهو قال بكل هدؤء قبل المجلس، اتركوا لي الأمر.... وتركوا له ذاك، نظرة بعيدة، المكان محسود بالرجال والسلاح تفوح رائحته أكثر من الهواء، عيون تراقب وأخري حذرة... قلب يخفق بألم وتوتر، واخر يطمئن... وآخر يهبك من فرط السعادة السامة... وكلا في فلك يسبحون........
حضر الشهود والخواجة... نظرة تلمع في عيون كرم، ليقول : انتم الشهود... نظرة تهكم من بعض الجلوس.. ليكمل هو بتساؤل : مين فيكم على ديني...
تفرقوا فريقين، أمر الحارس أن يأتي ليقول : انت هتحلفوا على دينك وانتم هتحلفوا على دينكم... ويكمل بخدعة : احكيلولي دا حصل ازاى...
نظرة غضب والتفاتة سريعة واعتراض يسبق بغضب من أحد الحضور قائلا : استحي يا شيخ كرم دا مش موضوع حديث...
عيونه غضبت وأصدرت شرار، وضرب بيده المعافاة علي الطاولة قائلا : انتم استحلتوا دمي، وجربتم قتلي، واتهموتني بالزنا، وهتخربوا بيتي  وتجوللي استحي.... وبعدين الحياء للحريم، اللي شاف روحه حرمة يجوم...
نبرة عتاب من الجد قائلا : بكفايالك يا كرم....
لينطق وهو يتوعد سرا :  انجطوا، حد منكم دراني وانا بعاشرها ....
ليكمل الخواجة مايرو : الحاجات دي مينفعش تتقال قدام الناس يا شيخ، مش من الأصول....
ليترك مسبحته على الطاولة ليقول : ماشي، اكشفوا عليها....
لتصرخ هي قائلة : ملعوب عشان تهرب يا شيخ تاجر دكتور... يكذب فضحتك...
ابتسامة منه وسط تعجب الجميع، ماذا يضحك ليقول :  انتي جلتي آخر مرة لمستك امتي...
اطرقت في لحظة وقالت بتوتر، لم يفكر احد في تلك النقطة كليا : من، من، من قبل حادثتك، آخر زيارة للخواجة....
ليكمل : زين، من شهرين، المفروض لو حديثك صوح، تكوني حبلة من شهرين... يعني نكشفك عليكي ونعرف الموضوع...
لحظة صدمة... ليظهر الطبيب حامد ليقول : اسف على التأخير، الموصلات كانت سيئة انهاردة...
لينظر له قائلا :  الطب يجدر يعرف هو حبلة من أمتي وامتي آخر حد لمسها صوح يا دكتور
هز رأسها بايجاب قائلا : فعلا، ولكن يفضل في مستشفي، عشان تتوفر دكتورة لبعض المسائل، لرفع الحرج....
ليقول أحدهم : دا مكروه يا شيخ... كشف العورة مكروه في كل المواضع...
ليلتفت له قائلا : للضرورة أحكام، وابقي إستغفر...
لحظة صمت، بعض الثغرات لم تدرك جيدا، الخطة اتهام وبعدها حادث يؤدي بحياة الجنين الوهمي من الأساس، لكرامته أراد ذالك، فنادي على مطاوع واشارة من راسه، ليشهر السلاح وتقيد جنود الحراسة، ويحتل اولاد الليل المكان، ينزل قصرا ويقيد أسماء معنية، الفتاة والخواجة والشيخ مهدي وبعض الاتباع منهم... انزلهم أرضا، جعل رؤسهم في الطين، غصب الشيخ سلام قائلا وسط الأسلحة : عيب يا كرم دول في ضيافتي في حمايتي...
ليقول هو : شيخ حسين، اي جزاء القصف في الدين...، وأكمل بشبه أسيء : اما البنت انا ملامستهاش، اي مستشفي هجولكم أن محدش لمسها، وأنها لسا بنت بنوت، اما عن المشيخة، أنا فوتها للشيخ سلام يعطيها لللي يختارها، لأن مسافر ومتنازل عنها، اما الخواجة كنت بعرف منه حاجات عاوزها في السفر، بس انتم مش بتفهموا... ومحدش ليه صالح بيها، خلي الخواجة يحكي، اما الخمر فالخواجة اللي وجعه من غير قصد علي خلاجتي، وأكمل بحزن دفنه : اما عن الولد. فأنا مبخلفش، والدكتور حاتم معاه الدليل
لتنطق إحدي الفتيات خوفاً من القتل : كلام الشيخ سيلم...
ويندفع احد اتباعهم أرضا مصاب يختنق قائلا : الحج مهدي هو اللي خطط... وتلفظ أنفاسه بصعوبة قائلا :  الحج مهدي اللي عملها...
وهنا تدخل أدهم، وغلاب... انتهت الخطة، لحظات صمته كان يعد الثغرات، كان يجد لها حلول، لحظات صمته يضع الخطة ، يعثر علي مناطق في الاتباع.. عيون تتتربص بالافق، وحزن يلبس به، براءته معناها الفراق، مابه الفراق، فهو آت، حقها المعرفة، وهو لن ينتظر وهو تعذب في صبر بسببه، يكفها عام ويزيد من العجز، سعادة غير مكتملة، لا ينقصها عمرا من الحرمان......... حرك كرسيه المدلوب، تحرك بصمت، اما الآخرين   ......
بمرارة وقفت العائلة، والشيخ حسين وسلام، لبس الوجوم كل الوجوه، فقال معتصم لرجاله: ربيوهم...
لم يعترض الشيخ سلام، فالخطئية شملتهم... ولا يملك لهم غفران، حزن عليه هو من جعله في تلك المكانة، المكانة التي أودت به.... لحق به الجد والأب والعم..........
فحل بمنزل العائلة الصدمة من الأنباء، لم تستطيع الفتيات الحزن أو السعادة، عيون تبكي حزينة.... وعيونهم في خفية تتعلق بها، لا أحد يلوم.... فهي لم تسعد ببراءته حتي حزنت على مصبية أخري، عيون الوالدة تتشفي فيها، اهكذا تتخيل، مسحت دموعها... فتح الباب بواسطة أدهم وتبعه الآخرون... يحرك كرسيه بيده السليمة بصبر، ليلتقي بها، بإبتسامة كاذبة.... وهي تعدل من وشاحها لدخول أخيه.... عيون تلمع بالدمع وتفيض ونظرة للجميع لتأتي أمه متناسية باقي الأخبار قائلة بمرارة السعادة والقهر : مبروك يا ولدي، ربك نصرك، كنت خابرة أن ربنا هينصرك... كنت خابرة أن تربيت يدي متعملش أكده واصل.......
قبل يدها في رحمة لحزنها، والدته فاشلة في إخفاء مشاعرها.... ليقول أخيه بحب : اطلع ارتاح يا خوى...
هز راسه في رفض قائلا : استسمحت الشيخ حسين، اقعد معاه يومين، تلاتة الجايين...
ليهتف الجد : علي راحتك يا ولدي، بس كنت روح البيت اللي في شرج البلد كبير وتأخذ راحتك...
ليؤكد قائلا : يومين وهروحله يا جدي، ويكمل بهدؤئه المعتاد : تاذنلي يا جدي....
تعجب الجد وتسأل : بأي يا ولدي...
ليتقدم للعم قائلا : يعلم ربنا، اللي شوفته منها كان كل خير يا عمي... ونعم التربية والدين...
ليريبت العم علي كتفه وتظهر نيته في الأفق لها، كادت تصرخ بقول لا، ليفاجئها بالوداع قائلا : عشان حسن العشرة والجميل والحج، بتك طالج يا عمي، انتي طالج يا فتون....
صدمة، يغير مساره للخراج وسط انهيار جديد، صعدت لغرفتها تغلق الباب قبل أن يلحقها احد، جلست القرفصاء، تضم ركبتيها وتبكي فقط، تبكي لعل البكاء يمحي بعض ما اصبيت من خذلان، تحركها قدمها لتدرك رحيله، وتؤقن أن بعض الجفاء الذي احسن باستحياء، ولاح في شكوه وثرثرة لهم، كان علي حق، هو كان مفارق ولكن في ميعاد يختاره هو...... وهي تكون خيار فقط، خيار يتم تخيره لاختيارات اختارها آخرون....... الجد أراد، فقرروا أن تمكن الرغبة للنور... وهو رأي مصبية، فري الرحيل فرحل.... وسط كل الهزائم كانت وهي في العراء، لحظة هل قال لها أنه يحبها، يحبها حقا بمقدار ما أحبته دهرا......... كانت تشبه حور، الاثنان جميلتان، ولكن توجد لعنة تقول"الجميلات سئيات الحظ"....
......................................
نظرة شاملة منه، جميلة منقمة، منظمة... عيون بنية والشعر كذلك، يميل للنحاسي، قوام ممتاز، بعض الاتران في الخطوات ثقة مطلوبة، جلوس بجوار مدونة وقهوة... ومنظر جميل في مقهي مرقوم، ماذا تريد أكثر من هذا.....................
ليقول بدقة شديد وتبغه يعبر عنه، عيون تخطط وتنسج فريسة لذيذة : دكتور روفيدا.....
نظرة شاملة وعملية لتقول : صفوت محرز الشريف...
ليقول بشيء من التهكم مقلد الحكمة : المريض اللي مقدرش دكتور يعالجه، من أمتي قررتوا أن الفساد مرض
بعملية اردفت : اومال هو اي....
رد بوضوح وهو ياخذ فنجان قهوتها يتلذذ به، يتجرعه ببطء : سلوك، نمط، لولا الموت الحياة مكنتش هتستقيم.... الغابة بتحتاج ضحايا لاستمرار
نفت نهاية قوله : احنا مش غابة
نظرة ثاقبة ورمز في يدها ما ابتسامة ليردف: اتاكدي من الموضوع دا من خطبيك.......
بعض النقود وضع علي الطاولة.... والتقط قلمها قائلا :الزيارة انتهت يا دكتورة.....
..... لحظة صدمة، تعجب ودهشة.... نظرة عميقة للمال تجد فيه ورقة تقول بدهاء : المعرفة لا تكتمل
.... نفثت في ضيق.... وغادرت..... وكلا منهما يحمل ذكري.......................
.................................
رحلت ترنيم مع سلمي للسوق، الحماة المصون أخذت حالها في زيارة غير معرفة المراد أو الغاية، فقد اذكروا انها رحلت، وزوجة العم ذهبت لزيارة ابنتها... وتوثيق علاقة العائلتين بعزيمة نهاية الأسبوع تحت طلب الأب....... محمود معها تلعب معه وتطهو الطعام بجواره، الفتيات يعملن في الأسفل وقد استغلوا فرصة غياب فتحية وقاموا بتشغيل المذيع والاستماع بالموسيقى، بانغام عالية... ، والدادة ذهبت لأقرب مصرف للأدوية، لان ادويتها نفذت، تلاعب الصغير، ويلاعبها يحكي كلمة ماما يخجل، تبتسم، بعض الدوار.. الذي ياسئت منه، انها الأنيميا اللعينة... حركة غير مفهومة المصدر، اطفات الموقد، وحملت الصغير وهو مازال يلعب في احضانها وبخصلاتها، نفس قريب خلفها، كادت تصرخ لكنها وجدت امتلكت صوتها منحته للصمت الإجباري، لحظة قبل أن تضم الصغير ليحاول آخر سحبه من احضانها وسحب من الاخر بعنف، تبكي وتحاول اخذ لكنه تسقط فاشلة، محاولة إقتراب منها يد طليقة وأخرى يمسك بها تكاد تحطم ويده الأخري على فمها.... سد حرة، اول ما تصوبه المزهرية على رأسه، جرح وتركها لحظة يدرك إصابته وتحررت تركض خلف الآخر ، فقدت صوتها من الخوف، لا يهم تريد الصغير، يحاول الآخر الرحيل وكتم صوته.، يختنق، تغير لونه و زاد صراخه.. لتجازف بالتقدم لتجد سلاح مرفوع بقول صامت لا قابل للنقاش : ارجعي.... ، تعافي الآخر برهة، لتجد تسحب بعنف من مرافقها وينهي القصة وهو يطعنها بنصل حاد، لتصدم متالمة، نزيف، رؤية مشوشة، سقوط، وارتطام، وغياب، يليله بثوان هروب من قبل آخرون... بالصغير..........قصة وقدرت لها النهاية......
..........................
فترة سفر لاسكندرية قبل مغادرة أرض الوطن كانت قرار صائب، فترة نقاءة كانت كافية، تتجول بين الشواطئ، وخصلات شعرها تميل علي جانب واحد، رياح الأمواج تضرب الصخور، فتحدث بها بعض التغير مع الزمن... لكنها أمواج من الصدمات تدمرها، تقصيها لبلاد أخري، ترحل في ثوب هروب... عينان تفيض بالذكري، وقلب آخر يفيض بنشوة إنتصار... صوته بابت تعرفه من وسط ملايين الأصوات وهو يقول : عجبتك الحدوتة
نظرة شاملة له، معطف الأسود، يضع يده في جيوبه، يمشي بثقة، هو متزن وحديثه متزن، هي فقط علي حافة الهلاك، عيناها تفترس دواخلها، كل ما يبطن ويشدو في صمت.... لتقول بهدوء أشبه بالسكون : مشكور يا باشا
.... خطوة قريبة، وسلسلة أثرية عن والدتها، امسكها وجذبها بعنف من خلالها : في حاجات احلي، بس كله في وقته....
والفت يده، احمرار المكان، وخدش جزء منه ينزف بضعف، والم تفوهت به لحظة جلعها يقول وهو يمنحها محرمة خاصة به : رقيقة، سهلة الكسر......
ورحل، قبل أن ترد، هي لا تملك الرد، تملك الخوف والبقايا والهوامش، تملك شهرزاد الحكايا، ولكن شهريار يملك المصير، عيناها بكت وقلبها خفق متعصرا، رؤية مجهولة للقادم ولمصيرها.... لحظة تراه إثر خطواته ولكنها لا تراه، اختفي مثلما ظهر.... عيون تحلق في الفضاء، فيض من الألم، اشتاق للحرية، وصراخ فاض بها وهي تستند يدها على الرمال في إنكسار وتحطم، وبكاء مضاعف صربية لامس، يزيد صوت صراخها، فاقلق الحرس، التي ركضت وتركهم في ركض غير معلوم الهوية والمتجه، فتسقط تارة وتركض مجددا، تقترب الأمواج من الشاطئ فتضربها، ولكنها مازالت تركض، وتهبط مجهدة فتصرخ بوتر أقل ويتحول كل الأمر للبكاء والانين... وعيونه تحلق في المكان، مستمع بالانهيار، يسكنه حزنا طيف لابنته يراه في لحظة وأخري، يراه حزينا مفرط الدمع... لحظة للطيف بأكي ويداه ملخطة بالدماء، يذكر القصة كالأمس،  يذكر جيدا ابنته يارا، الرقيقة الهادئة، ضجرت من أفعال عمها، قالت لابن الأكبر ابيها، أن الفتاة ظلمت، تريد الرحيل، حجثتها ولكن لم يستمع، بقوله " مشكلة خاصة لا تتدخلي صغيرتي" حزنت واختفت ابتسامتها، ابتعدت عن الجمع، هربت من الظلم، ولكنه لحق بها..... حدث ما حدث اصبيت وأصابت الإسهام الأقدار، قتل العم وهربت الحزبية والمحبوبة، حدث زواجها من أخري، غضب ابيها.... وهي تتراجاها، تذكره بالحق، تذكره بالخطأ، ولكنه لا يعرف الغفران، وأمر وحكم وقتل من قتل في لعبة صغيرة لا نهاية لها، هي وطفلته أو عائلته...... تخلي ويتم التخلي عنه برصاص يعلم مصدره، حدث ثار مدبر... وخطف الآخري، احتجازها، ولكن يارا تبحث عنها في الملفات وبين رواق الجنود ونفوسهم، تبيع الغالي والنفيس من أجل حريتها، احساس الظلم يضيق بروحها.... علمت المكان وعدتها بالحرية... علم الاب اللقاء، وشهده مرة، الحق الغضب بالكون كله.... غضب منها وصفعها وعاقبها.... لكنها لم تكترث، وابتعدت ضعفا و هزيمة.... سكنت، أصابها الذبول، احترقت بالصمت..... بلغ ابيها أقصي العقاب وقتل والدة وسام... حرمها من رؤية الصغير، انتشت روحه ولكنه قابل انكسار روحها، ذبلت الزهرة باستدامة.... علقت عيونها علي الضحايا، سقطت بين يديه، فاسراع الخطي للمشفي والأطباء، لا يجدون علاج وتهديده، سوف تقتلون أن أصابها مكروه، رعاية مثالية، ولكنها لا حراك لا روح.... افاقت لحظة واحدة تسأله وقد أصابها الإكتئاب : بابا انت بتحبني
سمع صوتها، ابشر بقرب العلاج، هي صغيرته، صغيرته مثل باقي أبنائه لا تحطم... لا تقهر... أجاب بفيض من الحنان : أكثر حد في الدينا.....
وعيونه تعلقت بعنياها الحزينة.... ابتسامة مريرة مرت علي شفتيها.... وتركها في نهاية اليوم للراحة، وكتبت في رسالة من كلمات معدودة " قررت امنح القصة العدالة ، قررت امنحك نفس الألم، أنهي بقايا مني، تؤلمني، انت كسرت وخسرت إحدي ممتلكات ياباشا...
وكتبت بروح الطفلة" هتوحشني يابابا.... "..... وختمت الرسالة برسمة منها عن عناق اي وابنته.... أمرت بتركها في غرفتها للراحة، فرحلت الممرضة والطبيب المراقب.... لحظات تتأمل الحياة، تتذكر وتقهر من جديد، تركت يداه للسحاب، وروحها للعنان تحلق.... أردت فستان من اللون الأبيض تودع به كل شيء، اللون الذي تلف به في الميلاد والرحيل والسعادة... اللون الذي يعبر عن أقصي السعادة والوحشة والظلم...... دمعة حائرة، دخوله الغرفة ينادي عليها ببعض الحنان، اختفائها للحظات ارعبه، طيف ابيض في الشرفة صرخة اب خرجت منه : يارا
.... ولكنها رحلت توفت قبل الانتحار صعدت روحها للعنان وسقط الجسد أرضا في لحظة دخوله الشرفة، وجد صغيرته تغادر العالم، سقطت أمامها أسرع ولكنها لم ينقذها..... حالة من الذعر أصابت المشفي، عيون تتجول في الأركان هبط لجثة صغيرتها يضمها والدماء لوثت ثوبها.... وجهها هادئ كأنها نائمة، عجز الطبيب عن التفوه بكلمة اتركها للفحص، اتركها أن إكرام الميت دفنه سيدي..... تنفسه ينازع... ليحضر ابيه عندما كان حيا، جد الصغيرة قائلا : ارحمها يا راغب.....
عيونه تحاشت الدمع وأكمل الآخر وهو يقبل راسه : إكرام الميت دفنه... روحها الطاهرة بتحب الرحمة فراحت ليها.....
لحظة سكون، وسط ألمه والفراق ، مازالت ملامحه جامدة.... يحملها ويضم جسدها بقوة، يستنسق عبقها، رائحة الياسمين كانت تفضلها دائما، ويضعها على السرير المتنقل، تناوله الممرضة غطاء، ليستر جسدها والأطراف، تنفس بقهر ورحيل بطئ منهم لتمفن ويتم الغسل والجنازة، يقبل رأسها يزرع الأزهار والياسمين على قبرها يزينه مما كانت تحب غرفتها، يزورها دوما، وهي تزوره بطيف حزين، رسالة الوداع اغلي ممتلكاته، رسائلها منذ نعومة اظفارها له في عمله، انتظار، جعلته متيم بها، يحبها، يوم ماتت والدتها لم يحزن لوجودها لم يعبء بثقل الحياة لأنها هنا.... تحكي له وتتحدث معه.... حقا لا يقص عليها مشتق عمله والاعيب الحياة ولكنه يكفي أن يري الجزء النقي من خلالها، حديقته التي زينت بازهارها التي غرستها بيديها يهتم بها، ويراعاها.... رحلت ورحل الأمان والسكن من روحه، تزوج هالة لتضيف بعض النظام لحياته، تطفي بعض الروح، حاولت ولكن هو فقد يارا وهو يريد يارا.... طيف يارا يحلق روحه، سيدمر الجميع، ليتذوق مثلما ألمه لفراق يارا، ربما موت أخيه لم يؤثر بروحه فراق يارا.... نظرة للطريق ونظرة جانبية البحر تطفو امواجه بذكريات تمتلكها هي... خطابها محفور في عقلها... يتكرر مقطع واحد فيه " قررت امنح القصة العدالة"...............
.........................
لقاء تقليدي مع العروس، لحظة هي مازالت عروسا، ولكن الأمر مختلف تتمشي معها، لذيذة، لطيفة، حفيفة الظل، ومثقفة، جمالها مريح لا بأس به، تميل لبعض النحافة، ربما ذاك بسبب إصابتها بالسرطان سابقا، خصلات شعر سوداء لامعة، ليست طويلة تنسدل لبعض الطول علي كتفها، وجه قمحي، ملامح جذابة، وجنتين يبرزها عن الضحك والابتسامة بشكل جذاب، عيون بلون العسل المضان القليل من اللون البني..... تزهر ازهارها.... عند الابتسام براحة... يمكننا القول بكل راحة، انها جميلة ومميزة ومشرقة....
ابتسامة من تنسيم لتقول : انتي فعلا إنسانة شبه مثالية... بس، اي اللي جابرك على الحال دا...
نظرة عميقة للفضاء.... ولها لتقول : تقصدي
أجابت : مش حابة اكون بخرب عليكي....
ضحكت الأخري، وقالت وهي تدور في سعادة وتميل لتطقف زهرة، تزين بها خصلاتها الكثيفة... : ياه بيحب غيري، مين قالك اني هتجوزه حبا
صدمة، رفع الحاجب في دهشة، لتجيب : انا عايزة استقرار، هو أفضل...ابن أو بنت ليا، عالم صغير، يكافح عالم كبير، بعض الود والاحترام يفي بالغرض..
انتي بقي عايزة اي....
صمت، يعطي إجابة " لا أعلم" لتجيب الأخري : الحب كذبة يا تنسيم...، اي تمن الحب مع انسان مريض، واي الحب دا اللي يدمر انسان ويخليه تعيس وسط النعم دي... جربتي وجع السرطان، قهر اب عشان مش تمن العلاج لبنته أو أمه أو مراته، جربتي مرارة أهل فلسطين وطفل أهله اقتلوا قدامه، اتسلب منك وطن، وكان ابنك التمن للحرية زى اللي حصل في ٧٣... اتسلب منك وطن ومش راجع زى ما حصل فيكي في فلسطين سنة ٤٨، حد سلب شرفك ومالك وعائلتك غصب، جربتي الجوع، البرد، الملاجئ، لفيتي على المعسكرات ايام الحرب، جربتي برودتها، جربتي غلاء الأسعار، عدم توافر حاجتك الأساسية، جربتي الفقر والمرض... وأضافت بتوجيه : طبعا لا، انتي بس جربتي قصة طيش شباب بايخة، دمرت علي قد ما دمرت.... امسحلي انا مش بقلل من ألمك، بس دا شيء تافه... وسط كل الموجود في العالم، انا اشتركت في الهلال الأحمر... وشوفت حاجات مرعبة للذات، وشوفت اوطان ماتت هي وأهلها.... احزني، لكن تموتي في الحزن دا كفر، وانا مش كافرة، اكفري لوحدك...........
تركتها وأخذت تلهو مع كلبها الصغير هي والأطفال، والاخري تقف لتقول وسط ركضها : ارمي الهوى واشتري الأحلام، كلنا هنموت بكرا.......
...............................................
جلست الأم وسط ترحيب من ابنتها و اخت الزوج مروة، وترحيب فاتر من والدتها، ولكنه قام بالواجب، عرضت عليها العزيمة، فوافقت في ترحيب، ولكنها أجلت المعاد قائلة : هشوف الأول المعاد هيناسب حكيم، وهاكد عليكي بليل....
نظرة ذات مغزى حلت علي مروة... فابتسمت الأم بحبور : وماله يابنتي، يالا هروح عشان احلق ابوكي قبل ما يروح... عن اذنك
قالت في عرض : لا اتغذي... معانا
ضحكت قائلة : وبابا ياكل لوحده....
فكرت برهة وقالت :  خلاص سماح المرة... بس المرة الجاية مافيش
ابتسمت الأم في امتنان وقالت وهي تربت على كتفها : بإذن الله.........
واوصلتها وقالت مروة وهي تغني : يا مرسال الهوى، روح بلغي مرسالي، مرسال شوق ومحبة، اكتر ماللي في بالي...
وأكملت بشيء من الغنج : كدا، ولا غلط، غلط صح
أبتسمت وهي تداعب خديها : مش هرد عليكي... لا
ضحكت قائلة تقلد إحدي التأثيرات : طبعا، هخلي سي حكيم يرد، وأكملت بنداء هزلي : ياسي حكيم... ياروحي...
ضحكة افتلت منها.. وابتسامة... ودعوة لبعض السمر، لا تخلو من حشر مزاحها صاحب مغزى واحد بصوتها تغني : الصنارة غمزت غموزة... موزة موزة موزة "....
...................................
علي مقهي بلدي جلس مع رفاقه... يدنذن أحدهم بالعود في إبداع يليق بالمكان، ومن حين لآخر يغير صبي القهوة القنوات للاقتراب النشرة الإخبارية، وحاتم وصديقه يجلس معه وهو يخبره بشيء من الحقد : في ناس عشيتها ارتاحت...
لوى فمه قائلا : يسمع من بؤقك، دا حتي انا داخل علي جواز ومصائب
لمعت عيون صديقه يخبره بسخرية :  جوازة السعد والهنا، انت عارف انت هتناسب مين...
كتم في قلبه دعائه قائلا : إلهي تشوف اللي شايفة..
........ ليقول الآخر في تدقيق : قلقان من حاجة...
ليكمل : عايز اعرف لا مؤاخذة دنياتها اي...
رفع الآخر يده وهو يضربها بصدره في فخر : انتي جيلتي... في ملعبي، عارف صاحبي مدحت لو كان سمع كلامي، مكنش ابدا وقع في المصيبة اللي وقع فيها
بتساؤل سأل : حصل اي
ارجف الآخر وهو يرتشف رشفات من كوبه : ابدا، اتجوز واحدة ابدا مرتاح حبتين وطلعت مش ولابد.. ربنا يستر على ولاينا....
تسأل أكثر باهتمام : و هو في الأول عمل معاه اي
ضحك باستياء قائلا : ضحكوا عليه، وكتب المهر والمؤخر شيكات، وفي الأول كان معلصلج معاه، بس بعد كدا تمم الفرح وشال في العزال والفرح وكل حاجة تقريبا حط فيها واضاف باستياء : قال أي، بنشتري راجل، ويعيني لولا كبير المنطقة راجل كبارة طلع باقل الخسائر... يالا ربنا يستر علينا...
وأضاف يؤكد شكه : وهو عمل كدا لي
اكمل الآخر مدعيا الذكاء : بأف شيليه شيلة مش بتاعه.... ويطلقها... وبعد كدا يجوزها اي جوازة خواجاتي......
...... دعونا نقول بصدق، ماكان الشك ثاني شيء، الا وقتله..........................
......................................
تحدثها الخدامة عن القتيلة في خفية، ترتجف اوصالها وتلعن الرجال، مالك أن قلقا في غير معاده، المربية اعتذرت لمرضها ولن تكمل اليوم تخبره انها حاولت التواصل مع زمزم عبر الهاتف ولكنها لم تجب، عن طرق هاتف العمل، في أكثر من محل لهم، كان يتجول فيهم ويراجع الحسابات والعرض، كان يتصل يطمئن عليها... لكن لا إجابة.......... قلق، تقابل عند البوابة باختيه، سالهم عنها، لا يعلموا شيء.........
تنفس قلق، أسرع الخطئ الي منزله، يطمئن حاله، هي بخير، ربما مرض الصغير، ورحلت تبحث عن طبيب، نعم رحلت للطبيب، ليست عادتها الصمت... دخل الشقة، يفتحها وخلفه اختيه.... ينادي عليها ويبحث عنها بعيونه : زمزم، يا زمزم حبيتي،... تدمير في أرجاء المنزل، آثار دماء علي المقابض... والارضيات، خطوات أسرع وبحث أشمل، في منتصف الصالة.... غارقة في دمائها.... هبط سريعا يرفع جسدها بنداء وصدمة : زمزم، زمزم ردي علي
..........................
ساعدته اخته في رفع جسدها علي كتفيهما.... ولحقت بهم الأخري، أفراد العائلة تجمعوا في طرقة المشفي.... خوف، دقائق تمر دهراً، قدمه المته من الوقوف، فجلس والتوتر ياكله، كل التوقعات في رأسه، يطرق أحدهم بشدة فيه، عيناه
لا تحيد عن والدته، ينظر لها باتهام، ولكن صبرا، خرجع الطبيب من غرفة العمليات، كان هو أول من استقبله ليردف الآخر بحزن : البقاء لله
.... يعض القصص ينقصها الحكايا، السعادة، ينقصها ختام..........
...... يتبع

خطايآ المارد، الجزء الثاني من سلسة معزوفة العشق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن