كانت تسير وحيدة وحزينه بعد لقائه . كم كانت تشتاق إليه و كما تقنع دائما بحديثه و كلماته . إلا انها اليوم كانت كالسهام التى صوبها لقلبها . كلماته كانت تحمل من الصدق الكثير . ذكرها بمن تكون و الأحمال على عاتقها و المنتظرين عودتها . واجهها بسؤال كانت تهرب من ذكره لانها لن تجد له إجابة . ( من أنا بالنسبة إليه ؟ ) . كان السؤال بابا للعديد من الأسئلة زاد من جراح قلبها الحزين . أليس لها الحق بالحب و الحياة ؟ هى لم تحبه لإنه أمير . ولا كفرصة للهرب من كل الأعباء و المسؤليات التى ألقيت على كاهلها و التى حملتها برضاء لزمن طويل . لكن هل لها مستقبل مع هذا الأمير ؟ هل تجتمع السماء بالأرض إلا بلوحة الخيال ؟
كان صدرها يزدحم بالهموم . كانت تريد أن تصل فقط إليه بتلك اللحظة لتلقى له بكل تلك الهموم عله يمسح عن قلبها كل تلك الأحزان . إنطلقت إليه بكل ما أوتيت من قوة تجرى إليه و كأنها تهرب من كل هذا . حتى وصلت إلى القاعة الكبرى بالقصر و قد انهكها التعب و ضاق صدرها بكل تلك الأسئلة و الهموم . إندفعت إليه و كأنها غريق يتعلق بأخر سبل النجاة . لم تنتبه فى اللحظات الأولى لكل هؤلاء الجالسين بالقاعة فما أرادت إلا رؤيته و ها هى تنظر إليه ولا ترى غيره . أرادت أن تنطق لكنه فاجأها بما كتم كل آهات الحزن بداخلها . كانت كلماته كسيف قطع قلبها لنصفين بلا رحمة أو شفقه و كأنه جلاد لعين ليس له أى ضمير .
امير بغضب : نسمة ما الذى أتى بك إلى هنا الأن ؟ و كيف تقتحمين المجلس دون إستأذان . ألا تقدرين أى مسؤلية ألقيت على أعتاقى هنا ؟ ألا تستحين ؟! لا يحق لكى هذا مهما كان سبب حضورك فأنا أجلس مع علية القوم مجتمعين . هيا إذهبى الأن إلى مخدعك و عندما أنتهى سأستمع إلى سبب تصرفك هذا . هيا و سألقاكى بعد حين .
من صدمة كلماته لم تنطق ببنت شفا غادرت و لا تعلم كيف تحملتها قدماها دون أن تسقط و كأن كبريائها هو العكاز الذى منعها من الإنهيار أمامه . فهى إلى الأن تشعر أنها لم ترى أحد سواه .
كان سيف كلماته المسموم مازال مغروس فى صدرها و بعد أن خرجت من باب القاعة و قفت بسكون فى ذهول . تمر بها اللحظات ولا تدرك أيا منها و كأنها إنفصلت عن هذا العالم . مكبلة أقدامها بالأرض لا تقوى على الحراك . مسلوبة الروح مطعونة الفؤاد . إجتمعت عليها أحزان الكون بأسره . كل من مر عليها من عمال القصر كانوا فى شفقة على حالتها هذه دون أن يعلموا ما السبب الذى أوصلها لتلك الحالة .
أرادوا الإقتراب منها لمساعدتها و لكن ما من سبيل هنا للسؤال . لتبادر إليها إحدى و صيفات القصرلتقترب منها لتمسك يدها و إقتربت فتاة أخرى أمسكت بذراعها الأخرى و هنا فقد لم تعد تقوى على أى مقاومة لتسقط بين أيديهم بإنهزام فاقدة للوعى . ساعد الجميع فى نقلها لمخدعها يمدون إليها يد العون و القلوب تشفق عليها و تتسائل أتلك نسمة حقا الفتاة الرقيقة التى تمنح السعادة بالمكان الذى تمر به من إبتسامتها العذبة الرقيقة لمد يد المساعدة للجميع . أتلك نسمة التى كانت تغرد بين الطيور فى حديقة القصر فى الصباح مع الهواء العليل . لقد إعتقد البعض أن الزهور تفتحت اليوم من أجلها هى . فكيف ينتهى بها الحال بكل هذا الحزن الذى إكتسى ملامحها .