أنهى السيد وجيه الشرقاوي دراسته الجامعية، وعاد إلى ضيعته. وبعد تشاور من أهله وأقاربه، قرّروا أن يزوجوه بقريبته السيدة حنان. فتزوجها وبدأ عمله في القطاع التعليمي. وبعد سنوات أنجبت له السيدة حنان فتاةٌ جميلة أسمياها ميرا، بدأت تكبر أمام أعينهما. فكانت حنان تدللها كثيراً، أما وجيه لم يظهر لها عطفه بسبب قساوته وطبعه الحاد.
مرت السنين فحملت حنان بولدهم الثاني، وبعد عدّةِ شهور أنجبت جاد. ترعرع جاد وأخته في جوٍ من الحنان والقسوةِ في نفس الوقت. كبرا ودخلا المدرسة لتلقي تعليمهما، فكانت ميرا متفوقةٌ جداً، أما جاد فكان يدرس خوفاً من والده فكان لديه ميولاً أخرى. ووالده كان دائماً يقسو عليه حتى يصبح مثل أخته، بينما هو كان لا يوفر جهداً من تحقيق ميوله. فعند وصوله من المدرسة يأكل وثمّ يذهب فوراً إلى الساحة للعب كرة القدم مع أولاد الحي. وعند عودته يضربُه والده ويجبره على الدراسة.
وعند وصوله لسنّ المراهقة، علم جاد بمخيم كرة قدم في المدينة يقيمه لاعبي المنتخب الوطني لتدريب الفتيان الصغار. فقامت السيدة حنان بإقناع زوجها بأن يسمح له بالذهاب فوافق بعد جهدٍ جهيد. فذهب جاد وكانت السعادةُ تملاُ قلبَه، فشارك في المخيم وبدأ بتطوير موهبته يوماً بعدَ يوم. وبعد مشاركتِه بثلاث مخيمات في ثلاث سنوات، أتت فرصة عمره فطلبه مدرب الفريق الذي كان بطل لبنان عند الرجال، بأن يشارك معهم ببطولة الفئات العمرية فوافق ولم يكن يصدق ذلك. وبعد انتهاء البطولة فاز بها رفقة زملائه بالفريق وتوج جاد بأفضل لاعب بالبطولة. فعرض عليه الفريق بأن يأمنوا له كل ما يحتاج شرط التوقيع لهم، فوافق دون تردد. لكن الصدمة كانت عندما عاد إلى ضيعته وهو يحمل كأس أفضل لاعب والميدالية الذهبية، فغمر أمه وأخته وقال: هنئوني فلقد فزت ببطولة الفئات العمرية وحصلت على أفضل لاعب فيها. فقالت ميرا: مبروكٌ يا أخي فلطالما حلمت بأن تصبح لاعب كرة قدم. فقال: وليس هذا كل شيء. فقالت حنان: وماذا بعد؟ فجاوبها: لقد طلب مني الفريق التوقيع لهم واللعب دائماً معهم، ها هو حلمي يا أمي بدأ يتحقق. ففرحت أمه لكنها كانت تخاف من ردّتِ فعل زوجها عندما يعلم.
وعندما عاد وجيه إلى البيت عانقه جاد وقال له: يا أبي إبنك أفضل لاعب في بطولة الفئات العمرية والفريق عرض علي أن أكمل اللعب معهم فهنئني يا والدي. فرماه وجيه على الأرض وقال: ماذا؟ تريد أن تتىك المدرسة وتفلت في الشوارع للهوِ بهذه اللعبة السخيفة؟ فرمى الكأس والميدالية وقال: لن أسمح لك بأن تضيع عمرك بهذه السخافة. لن تلعب كرة القدم مرة أخرى أسمعت! ومن اليوم ممنوعٌ عليك الخروج من المنزل إلا إلى المدرسة. فحزن جاد وكاد أن يختنق بردّةِ فعل والده، لكن لم يكن بيده حيلة. فهو قاصر وعليه سماع الكلمة. فمرت السنين وأكملوا دراستهم حتى وصل جاد إلى الشهادة الثانوية، وبوصوله إلى الصف الثاني عشر كان قد بلغ سنّ الرشد. وفي يومٍ من الأيام دخل جاد إلى المنزل ورمى كتبه وضبّ ثيابه وهمّ بالخروج. فقال وجيه: إلى أين يا ولد؟ فقال: اليوم لم أعد ولداً، ألم يكن حلمك بأن أتعلم؟ ها أنا اليوم تارك المنزل وسأدمر حلمك كما دمرت حلمي منذ سنوات. فقال وجيه: إن خرجتَ من المنزل لن تعود ثانيةً، أسمعت؟ فقال: لا تخف لن أعود ولكن ضع في بالك أنّي لن أترك حلمي ولن يمنعني عن ذلك لا أنت ولا غيرك، وذهب. وعند وصوله إلى المدينة مساءً لم يكن له أحدٌ هناك، فتمشى في شوارع المدينة وهو يحمل شنطته من مكانٍ إلى آخر. إلى أن رآه أحد الأشخاص فناداه: جاد! فالتفت إليه وسلم عليه فكان واحد من شباب ضيعته يعمل هناك. فقال سعيد: ماذا تفعلَ هنا؟ ولماذا تحمل ثيابك؟ وإلى أين أنت ذاهب؟ فقال جاد: لا أعلم تركت المنزل اليوم وأتيت إلى المدينة ولا أعلم إلى أين أذهب. فقال سعيد: ستذهب معي إلى شقتي وستنام عندي وتحكي لي كل ما جرى معك، وذهبا. وعند جلوسهم قال سعيد: أخبرني يا جاد ماذا حصل؟ فأخبره جاد بكل ما جرى معه من سنين، وأضاف وعند وصولي إلى سنّ الرشد أتيت إلى هنا فلم أعد أطيق المكوث في المنزل. وأريدك أن تدبر لي عملاً. فقال سعيد: وهو كذلك وحظك طيب فاليوم أتاني شخص أعرفه وطلب مني أن أجد له عامل تسويق لشركته، وغداً سآخذك إليه. فقال جاد: شكراً لك. لكن أريد خدمةً أخرى فقال سعيد: وما هي؟ فردّ: أريدك أن تتواسط لي مع ذلك الشخص بأن يكون عملي فقط في النهار. فاستغرب سعيد وقال: كما تشاء لكن لماذا؟ فقال جاد: لأنني أريد التدرب في النادي المحلي هنا، هذا إذا قبلوني مرةً أخرى. فقال سعيد: لا تحمل هماً فإن كانت موهبتك لا زالت قائمة فأكيدٌ أنهم سيقبلوك. فسهرا سوياً ثمّ ناما. وفي الصباح خرجا وتوجها إلى الشركة فسلم سعيد على صاحبها وقال: ها قد نفذت وعدي، جلبت لك شاب نشيط وسيعجبك. فقال روجيه: ممتاز والتفت إلى جاد وقال: متى تستطيع أن تبدأ؟ فقال: منذ الغد سيدي إذا شئت ذلك. فوافق روجيه فشكراه وخرجا. وعند عودتهم قال جاد: إذهب إلى الشقة وأنا سأعود فيما بعد. فقال سعيد: إلى أين أنت ذاهب؟ فابتيم وقال: إلى أين تظن؟ طبعاً إلى النادي، فدعى له بالتوفيق. وعند وصول جاد إلى النادي قرع الباب ودخل، فقال للموظفة أريد مقابلة المدير. فقالت: ألديك موعد معه؟ فقال: صراحةً لا لكن ارجوكِ أن تبلغيه أنني أريد رُأيته. فدخلت إلى المدير وقالت: سيد علي هناك شابٌ يريد رؤيتك. فقال: من؟ أتعرفينه؟ فقالت: لا سيدي، لكنه مصّرٌ على أن يراك. فقال: أدخليه. فخىجت وطلبت منه الدخول. وعند دخوله سلم على السيد علي وقال: ألم تتذكرني؟ فقال علي: ليس تماماً. فرد: أنا جاد الشرقاوي، فلقد فزت معكم منذ سنوات بلقب بطولة الفئات العمرية. فقام علي عن كرسيه وقال: جاد! أين ذهبت؟ لماذا لم تعد إلينا؟ وفي أي نادٍ تلعب الآن؟ فابتسم جاد وقال: لا ألعب في أي نادي سيدي، وأتيتُ اليوم وكل أملٌ أن تقبل إنضمامي إليكم. فقال علي بالطبع، لكن هناك مشكلة. فسأله جاد: وما هي؟ فقال: يجب أن يراك المدرب فعمىك الآن لا يسمح لك إلا باللعب للفريق الأول، وآمل أن تكون مهراتك كما كانت. فقال جاد: دعه يجربني. فرافقه علي إلى ملعب التدريب وعرف الندرب عليه، وكان بعض زملاء الطفولة أصبحوا في الفريق الأول فرحبوا به. وبعد أن أخبر علي المدرب عن جاد وإنجازه في بطولة الفئات العمرية. فقال المدرب: أنظر يا جاد، هناك تمرينين كل يوم، واحد في الصباح الساعة الثامنة، وواحدٌ عند الساعة الخامسة، وفي الأسبوع المقبل لدينا مباراةٌ وديّة سأشركك بها إن أثبت جدارتك تكمل معنا وإذا لا فاعذرني. فوافق جاد على شروط المدرب، فخرج والسعادة تغمره وعاد إلى المنزل وأخبر سعيد بما جرى. مرّت الأيام وكان يعمل في الشركة ويتدرب في النادي قبل العمل وبعده وذلك إلى أن أتى موعد المباراة. فدخل الفريقان أرض الملعب وكانت جماهير النادي تنتظر فريقها، كيف لا وكان النادي بطل لبنان. بدأ جاد يستعرض مهاراته في تلك المباراة، فانتهت بنتيجةٍ ثقيلة لبطل لبنان ففازوا بستةِ أهداف مقابل لا شيء. وكان من نصيب جاد المساهمة بأربعة أهداف فسجل ثلاثة ومرر الكرة لرابع هدف. فتفاجأ الجمهور كما المدرب بما قدم جاد. وعند دخول غرفة الملابس هنأه رفاقه ومدربه وقال: لقد أثبت لي أنك تستحق الوجود في فريقنا، فأهلاً بك بيننا.
مرّت السنوات وأصبحت ميرا طبيبة، أما جاد أصبح صيته يملأ البلاد فكان يصول وبجول في الملعب ويسجل الأهداف، حتى أصبح معشوق الجماهير. وذات يوم دخل وجيه إلى منزل قريبه كي ينضم إلى رفاقه للعب الورق، فتفاجأ أنهم يجلسون أمام التلفاز فقال: ألم تلعبوا الورق اليوم؟ فرد قريبه: بلا، لكن سنتابع هذه المباراة وعليك أن تتابعها معنا. فقال وجيه: مباراة ماذا؟ فقال مسعود: إنها مباراة بطولة الدوري فالمتصدر والوصيف بينهم نقطةٌ واحدة والمباراة اليوم بينهما فسنتابعها. فقال: لا مشكلة. إبتدأت المباراة وبينما كان النشيد الوطني يُعزف، مرّت الكاميرا على وجوه لاعبي الفريقين فرأى وجيه إبنه جاد في فريق النادي فدمعت عينه، فكان قد اشتاق لإبنه الذي غاب عن المنزل لعدّة سنوات. وعندما انتهت المباراة فاز فريق النادي بنتيجة هدفين لهدف، وسجل الهدفين جاد وقاد فريقه للفوز بالبطولة. ففرح أقربائه وقالوا لوالده: جاد يرفع رؤوسنا في السماء. فهز رأسه وجيه وقال: يا ليته سمع كلمتي وأصبح مهندساً أو طبيباً كأخته، عندها كنت سأكون فخوراً به. فقال ميعود: ما هذا الكلام يا وجيه، إبنك الآن أفضل لاعب في بلدنا وأُختير ليمثل المنتخب الوطني. وفي اليوم التالي دخل جاد إلى مكتب علي وقال: سيدي، أريد منك خدمة. فقال علي: أطلب ما شئت يا بطل. فقال: أريدك أن تساعدني بتقديم طلب حر للإمتحانات الرسمية، فأريد متابعة علمي. فوافق علي ورافقه إلى وزارة التربية وقدموا الطلب. وبعدها بدأ جاد بالدرس والتحضير لها. وبعد تقديمه الإمتحانات وفي اليوم الذي كان سيُعلن به عن النتائج، عاد جاد إلى الضيعة فاستقبلته أمه وأخته بالأحضان، لكن والده لم يسلم عليه فقال جاد: رغم كل إنجزاتي كلاعب كرة قدم على صعيد الوطن لا زلت لا تريد التكلم معي فقط لأنني لم أتعلم كما أردت؟ فقال وجيه: إنجازات؟! لا يصنع الإنجازات إلا المتعلمون. بضع ساعات وضعت حنان الأكل فجلست العائلة على الطاولة، وبينما باشروا في الأمل رنّ هاتف جاد فردّ ففتح مكبر الصوت، وإذا بصوت يقول مبروك يا جاد لقد نجحت. ففرح كثيراً وشكره على إتصاله وأنهى المكالمة. فقالت الدكتورة ميرا: بماذا نجحت؟ فقال: اليوم حصلت على الشهادة الثانوية. فقدّمت طلب حر بعد فوزي في بطولة الدوري ودرست حتى نجحت. فباركت له أمه وأخته وقبلوه. أما وجيه ففىح من قلبه وقال له: ألف مبروك. لكن لماذا قدمتها وأنت لا تريد التعلم؟ فقال: أردت الحصول عليها وحصلت، ولكنّه لم يكن يريد أن يعرف أحد بماذا يخطط.
بينما كانت أيام الصيف تطوي صفحاتها، إتفق النادي البطل مع فريقٍ إيطالي كان يقيم معسكر تدريبي في لبنان لإقامة مباراة ودّية بين الفريقين،فحدث ذلك. وأثناء المباراة كما جرت العادة قدّم جاد مستوٍ عالٍ من المهارة وسجل هدفين في الفريق الإيطالي رغم خسارة فريقه بخمسة أهداف مقابل ثلاثة. وبعد إنتهاء المباراة، طلب مدرب الفريق الإيطالي من مدير الفريق أن يسأل عن عقد جاد وأن يعرض عليه اللعب معهم. وهذا ما حصل فوافق جاد على الإحتراف بإيطاليا. فاعتذر من ناديه وفسخ العقد ووقع على كشوفات النادي الإيطالي. فشكره السيد علي على ما قدّم للفريق وتمنى له التوفيق في مسيرته الجديدة. وثاني يوم ذهب جاد إلى ضيعته وعندما دخل المنزل استقبلته أمه وأخته بالأحضان كما العادة، وسلم على والده الذي كان لا زال يحمل في قلبه غضباً بما فعله. فقال جاد: اليوم جئت أودعكم. فقالت ميرا: تودعنا؟ إلى أين أنت ذاهب؟ فقال: البارحة وقعت عقد مع فريق إيطالي، وبعد غد سأسافر معهم إلى هناك. فبكت أمه وقالت: ولكن لماذا؟ أنت في وطنك نجم يتكلم عنك الجميع. فلماذا السفر؟ فقال: لا تحزني يا أمي، لكنه عقد احتراف ولا أستطيع أن أرفضه فهذه فرصة. وبعدما ودعهم وجلس مع جميع أقاربه الذين تفاخروا به ذهب جاد إلى إيطاليا. وفي موسمه الأول هناك سجل مع النادي الكثير من الأهداف وقاده لمركز مؤهل لبطولة الدوري الأوروبي. وفي الموسم الثاني تعاقد النادي الإيطالي مع نجم برازيلي واعد فشكل ثنائي رائع مع جاد وقادوا فريقهم للفوز ببطولة الدوري الأوروبي. وبعد هذه الإنجازاا وقضاء ثلاثة مواسم مع النادي الإيطالي، تلقى فريقه عرضاً كبيراً من نادٍ إنكليزيٌ مشهور فلم يستطيعوا رفضه. فانتقل جاد إلى بريطانيا وتابع ما بدأ به بإيطاليا. أي أنه قدم المستويات الكبيرة الفريق الإنكليزي، كما تابع دراسته الجامعية هناك. وبعد سنتين تأهل النادي الإنكليزي إلى نهائي دوري الأبطال لمواجهة بطل إسبانيا. وقبل أسبوعٍ من النهائي كان جاد قد أنهى دراسته الجامعية. فأرسل جاد شخصٌ إلى أهله في لبنان. وعند وصوله إليهم قال الشخص: هذا منزل السيد وجيه الشرقاوي؟ فقال وجيه: نعم تفضل. فقال: لقد ربحتم معنا أنت وعائلتك رحلة إلى بريطانيا وغداً السفر. فقال وجيه: بماذا ربحنا؟ فلم نقدم على أي مسابقة؟ فقال الشخص: سيدي أرجو منك أن لا تسألني، جهزوا أنفسكم فغداً أنا عائدٌ لمرافقتكم إلى بريطانيا. فاستغرب الجميع ما حصل، فقالت ميرا: يا والدي لماذا لا نذهب؟ فلقد ربحنا هذه السفرة. وهي كانت تعلم ماذا يجري، فكانت دائماً على إتصال بأخوها جاد.
وفي اليوم التالي، سافر وجيه وعائلته إلى بريطانيا ولكنه كان متفاجئٌ بها. وعند وصولهم أنزلوهم في فندق خمسة نجوم وقدموا لهم جميع الخدمات الممتازة. وقبل دخولهم إلى النوم قال لهم الدليل: غداً صباحاً جهزوا أنفسكم فسنأخذكم إلى مكانٍ رائع. فقال وجيه: كما تشاء. وفي الصباح، أتت سيارة وأخذتهم وعند وصولهم إلى المكان قرأ وجيه جامعة هارفورد فاستغرب. فدلوهم إلى مقاعدهم في الصف الأمامي المخصص لأهالي الطلاب فاستغرب وجيه بماذا يحصل. فبدأت عميدة الجامعة كلمتها بشكر الطلاب وتهنأتهم بنجاحهم. وقالت الآن سيتم توزيع الشهادات على الطلاب. ونبدأ بقسم الهندسة المعمارية، وبينما كانوا يقولون أسماء الطلاب قال وجيه لحنان: أنظري لو كان إبنك بينهم ماذا كان حصل؟ لكن وأسفاه. وبعد تلاوة الطلاب الحاصلين على درجة ممتاز. بدأوا بأسماء الحاصلين على درجة جيد جدّاً فقالت قارئة الأسماء. نجم تشيلسي وطالبنا جاد الشرقاوي درجة جيد جداً. فدمعت عين وجيه وهو يرى إبنه يحصل على شهادة الهندسة كما بكت عيةن حنان من الفرح. وعند الإنتهاء من توزيع الشهادات على الطلاب. رمى الطلاب قبعات تخرجهم ودنا كل طالب من أهله. أما جاد فاقترب من والده وقال: اليوم أكون قد حققت حلمك بعد تحقيق حلمي. فغمره وجيه وقال كم أنا فخور بك يا ولدي. فلقد رفعت رأسي فأنت لست نجمٌ عالميٌ في كرة القدم فقط، بل ومهندساً متفوقاً. أعذرني يا ولدي، أعذرني يا جاد فلقد قسوت كثيراً عليك. فقبل جاد يده وقال: لا يا أبي بل أنا من يجب أن يعتذر فلم أخبرك بما أخطط وجعلتك غاضباً كلَّ هذا الوقت. فأخءهم جاد إلى منزله واحتفلوا سوياً. وبعد ثلاثة أيام قطع لهم التذاكر ورافقوه إلى ألمانيا ليشجعوه في المباراة النهائية. فانتهت الأشواط الرئيسية بهدف لهدف. وفي الدقيق قبل الأخيرة من الشوط الثاني الإضافي سدّد جاد كرةً صاىوخية إستقرت بشباك حارس ريال وفاز تشيلسي ببطولة أوروبا وصفقت جماهير تشيلسي ورفعت صور جاد في العالي. فكان أهله ينظرون من حولهم ويرون صور أبنهم ترفع في السماء فكانوا فخورين به كثيراً. وبعد العودة إلى بريطانيا طلب جاد من فريقه إجازة فأعطوه أسبوعين فرافق أهله إلى لبنان. واليوم الذي تلى وصولهم إلى البلد أقام وجيه حفلةً على شرف إبنه جاد، فعزم أهل الضيعة والأقارب وقال: ها هو إبني المهندس جاد قد رفع رأسي ورُفعت صوره من البريطانيين بسبب نجوميته بكرة القدم. فهنأه الجميع بما قدّم من مستوى عالٍ والفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا. فقال جاد: شكراً لكم، وأريد منكم أن ترافقوني غداً. فقال وجيه: إلى أين يا بني. فقال: وأنا في الغربة تعرفتُ على فتاة من منطقتنا وأريدكم أن ترافقوني لطلب يدها من أهلها. ففرح الجميع.
وبعد أن خطبها في اليوم التالي، وإقامته لمدّة أسبوعين في لبنان عاد جاد إلى بريطانيا. وفي السنة التالية عاد جاد إلى ربوع الوطن وأقيم له حفل زفافه وأخذ عروسه وعاد هذه المرة إلى إسبانيا بعدما وقع على كشوفات نادي ريال مدريد.
وهكذا تحقق حلم العمر للمهندس جاد الشرقاوي.
الكاتب وليد بحمد
YOU ARE READING
رواية حلم العمر
Mystery / Thrillerتتكلم الرواية عن طموح شاب وحبه لكرة القدم والمشاكل التي نتجت عنها مع والده الذي كان مصّراً أن يدرس هندسة. تتابعون الأحداث في الرواية