عزيزتي سيسيليا:
أتمنى أنك بخيرِ. إن كنتِ تقرئين هذه الورقة السحرية، والتي قطفتها من شجرة التين المُباركة من أجلِك خصيصًا كي تحفظ المشاعر داخلها، فإني سأكون بعيدا مؤقتًا. سأرجع إلى عالم السحر، لأنهم يحتاجونني هناك أكثر من هنا. لقد اختفت مجموعة من المخلوقات السحرية التي تحمي العوالم، وذلك بسبب انعدام إيمان البشر بنا قريبًا مما نتُج عنه انعدام التوازن بين عالمهم وعالمنا. الأمر الذي ينبغي تصحيحه في أقرب وقت.
إلا أن أقرب وقت يُمكن قضاؤه هو للأسف خمسون إلى مئة سنة. أشعر بالسوء كلما فكرتُ أنني ربما لن أراكِ قريبًا. إلا أنه يجب أن أطلب منكِ طلبًا، وهو أن تُبقي إيمانك بنا دافئا.
حارس المعبد، هاولفي
قرأت الجدة ما كُتِب بها للمرة الثالثة هذه الليلة، فمسحت عنها الدمعة التي تسللت إلى وجنتها دون أن تختفي ابتسامتُها، وواصلت النظر عبر نافذة غرفتها باهتمام.
- ما الذي سيحدُث الآن؟
سألت دوركاس بتوترٍ مقاطعة الصمت الذي تخلل الأجواء لدقائق، كي يجيب أليكا ونبرة الاندهاش لا تزال على فمه:
- لقد كان هدية هاولفي لسيسيليا لما بلغت الخامسة عشر. إنه سوار سحري يُسجل الذكريات التي سبق أن مرت بها، والرسائل التي تريد إبلاغها.
- والتي لا تظهر بسهولة، إلا إن لمستها دِماء الشخص نفسِه. أكمل هاولفي.
- ولأن سيسيليا ليست موجودة، فقد تكون دماؤك تفي بالغرض.. أكمل أليكا.
- ماذا تقصد بدمائي؟
- إن كانت جدتك حقًا، فدماؤكِ من جنسِ دمائها.
قال أليكا وهو يقفز نحو حضنها، ثم يجرح يدها كي تسيل دماؤها وتصل إلى السوار. تألمت سيسيليا لبرهة من الزمن، إلا أن حركة من هاولفي كانت كافية كي يشفى الجرح فورًا.
- لا تقلقي، لم نكن لنسبب لك الأذى.. قال لها واضعا كفه على رأسها.
- الآن علينا أن ننتظر..
وقبل أن تسأل دوركاس عما يجب انتظاره، سطع ضوء قوي من السوار فأخفوا جميعًا أعينهم بمرافقهم إلى أن اختفى، فظهرت صور ثلاثية الأبعاد لجدة دوركاس في شبابها.
- إنها أول مرة أتت إلى الغابة..
صرخ هاولفي، بينما الصور تُظهر طفلة تمسك بيد بالغة، وكانت تبدو كأنها تتعلم المشي توًا. ثم بعد ذلك صور أُخرى لها، وهي مراهقة، ثم في مقتبل شبابها، ثم في زواجها، وأخيرًا للجدة بعُمرِها الحالي، ثم انطفأ.
أنت تقرأ
هاولفي، حارس المعبد
Fantasiجدةٌ قديمة، تُرسل حفيدتها كي تتبع خطاها التي خَطَت في زمانِها. لِتصِل إلى الغابة التي حُظرت عليها.. كي تُقاد إلى اللامكان، إلى معبدٍ تناوله الغبار، بُنِي منذ ما وراء الزمان.. وتجِدَهُ هناك، بعينيه الفارغتين.. كي تحتار، بين الشر والخير، وبين المغامر...