في يوم من الأيام ومع طلوع الفجر إنطلقت (لينزي) من منزلهم الريفي تركض إلى حديقة الزهور الخاصة بجدتها بعد أن سمحت لها الجدة بذلك.
قفزت مرحًا من فوق سياج الحديقة إلى زهور جدتها المفضلة بعد أن صافحت الفزاعة القريبة من تلك الزهور.
إنحنت برفق تشتم رائحتهم العطرة. ثم أمسكت إحداهم بيدها وعيناها تلمعان بشدة، فاستفاقت سريعا وقامت بصفح يدها بخفة قائلة...
"لا لن أقطفكِ أنا فتاة قوية؛ فقد وعدتني جدتي أنها ستنقل الزهور التي أختارها من الحديقة، وتضعها في حوض أزهار شرفتنا لتستمر بالنمو وذلك سيكون يوم الإثنين المقبل. ولا تقلقي أيتها الزهرة التي لا أتذكر اسمها... جدتي تفعل ذلك لأنها لا تريد قتلك هذا ما قالته لي. وأعتقد أن إسمك لابندر أو لامندر على ما أتذكر." .
أخَذَت (لينزي) نَظرَة سَريعَة على الزهُور لِتَختَار مِنهُم ما تُريدُه لديها في الشرفة؛ فلمحت جناحَين جميلَين يهتزان بهدوء. قَد كَانَت فراشة صَغيرة واقفة على زهرة.
طَارَت الفراشة بعيدًا إلى الجانب الآخر لِلحديقة فَسَارَت خَلفها حَتَّى استَقَرَّت الفراشة أخيرًا، وتقابلتا وجهًا لِوجه.
"مَرحَبًا أيَّتُها الفراشة!" .
"مرحبًا! كَيفَ الحال؟" .
"بِخَير.. أنتِ تَستَطِيعينَ الطَّيران أليس كذلك! أريدُ التَّعَلُّم مِن فَضلِكِ.." .
وافَقَت الفَراشة على طلَبِها وأخَذَت تُحاوِل وتُحاوِل أن تُعَلِّمها الطَّيران.
وَقَفت على مكان مُرتَفِع ارتِفاعًا آمِنًا، وفَرَدَت ذراعَيها، وقَفَزَت وهي تُحَرِّك ذراعَيها بِسُرعة وبِتَتَالي.. حَاوَلَت الإمساك بِأوراق الأشجار المُتَساقِطة والرَّفرَفة بِها.. حَاوَلَت الفَراشة أن تَحمِلَها وتَطير بِها..
حاوَلَت ولَكِن ولِلأسَف كُلَّ تِلكَ المُحاوَلات بائَت بالفَشَل.
"أشكُرُكِ أيَّتُها الفراشة على مُحاولاتِك مَعي. سأتَقَبَّل حَقيقة عَدَم استِطاعَتي لِلتَحليق مِثلُكِ في الهواء." قالَت (لينزي) بِأسَى وتَعتَرِيها مَلامِح الخَيبة والحُزن.
"لَقَد حَلَّقتي بالفعل. ألَم تُلاحِظِي ذلك؟!" نَظَرَت لَها لِينزي في دَهشة.
"كيف ذلك أيَّتُها الفراشة؟ أخبِريني مِن فَضلِكِ!" .
"لَقَد طَلَبَتِ مِنِّي أن أُعَلِّمَكِ الطَّيران، ولَم تَهتَمِّي إن كانَ حَجمي صَغيرًا، أو أنَّني مُختَلِفة عَنك؛ فأنا فراشة وأنتِ إنسان. ولَقَد طَلَبَتِ ذلك لأنَّكِ أرَدتِ التَّعَلُّم، ولَم تَتَكَبَّري أنَّكِ أكبَر مِنِّي حجمًا، وأنَّهُ كَيف تأخُذي مِنِّي العِلم لِاعتِقادِك أنَّ مِنَ المُحرِج والسَّيِّئ أن يَتَعَلَّمَ الكَبير مِنَ الصَّغير. 'ضاع العلم ببن الحياء والكبر' ؛ فَمِنَ الغَباء أن نَتَكَبَّر على طَلَب العِلم، ومِنَ الغَباء أن نُحرَج مِن طَلَبِهِ أيضًا مَهما كَانَت الطريقة أو الوَسيلة؛ فالتَكَبُّر والحَرَج لَن يُفِيدُونا في شيءٍ إن لَم نَعرِف إجابات لِلتَساؤلات التي تَدور في عقولِنا." .
"ليست قُدرة التَّفكير الواعي مِن كِبَر السِّن بَل بِكِبَر العَقل مَهما كَان السِّن." .
"تَهانِينَا لَقَد حَلَّقتي تَحلِيقَتَكِ الأولى الحَقِيقِيَّة يا كَبيرة العقل!" هَنَّأت الفَرَاشة (لِينزي) بابتِسامة كَبيرة؛ فَفَرَحَت لِينزي بِشدَّة، وانطَلَقَت فَخورة بِتَحلِيقَتِها الأُولَى الحَقِيقِيَّة.
أنت تقرأ
تَحلِيقَتَِها الأُولَى الحَقِيقِيَّة
Short Storyتَهانِينَا لَقَد حَلَّقتي تَحلِيقَتَكِ الأُولَى الحَقِيقِيَّة يا كَبيرة العَقل!