|١|أريز

421 44 119
                                    


أهلًا وسهلًا

-اللهم إنا نسألك أيامًا مبشرة، وهمومًا راحلة، وقلوبًا مطمئنة اللهم إنا نسألك أن ترفع عنا هذا الوباء وهذا البلاء، وأن تغفر لنا وللمسلمين جميعًا.

وجَب التنويه: سايمون هُو راوي هذه الرواية ليسَ إلّا ولا يُؤثر على مجراها بأيِّ شيء، تخيلوه كشخصٍ يروي ما رآه ويعلمُ بشكلٍ سحري خفايا مشاعر الشخصيات.

______

الثالث من فبراير

لم أستطع تكوين طريقة مناسبة لإلقاء التحية عليكم جميعًا أيها القراء الأعزاء، لذلك بكُل بساطة أنا سايمون، من سيرافقكم في هذه الرحلة الطويلة نسبيًّا، سأروي لكم الأحداث كلها، وَلنبدأ أشعر بأنني أطلت.

"عُقبالك يمّا يا حبيبي" قالَت والدة أريز قبلَ إغلاقها لباب المنزل مُودعةً فلذة كبدها الرابع، والذي بالمُناسبة هُو بطلُ حكايتنا هُنا.

لن أخبركم عن تفاصيل حياته دفعةً واحدة، سأحشرُ تفصيلًا صغيرًا في كل مرة.

أمّا أريز؟ فهُو الآن مُتوجه لحفلِ زفاف صديقه، مُرتديًا ملابسًا أنيقة تُناسبُ الزفاف.

أهمُّ شيءٍ عليكم معرفته الآن أنَّ أحداث هذه الرواية تدورُ في عام ألفين وواحدٍ وعشرين، وبما أنَّ البطل يسكُن في الأردن، وبالتحديد العاصمة عمان، لذلك حفلاتُ الزفاف تقريبًا شبه مختفية بسببِ جائحة "كورونا".

كيفَ سيُزفُّ العروسان؟

الأمر سهل، يقفُ أصدقاء العريس أمام باب منزله يُغنون مع فرقة خاصة العديد من الأغاني الشعبية فرحين بهذه المناسبة، ثمَّ ينطلقون إلى منزل العروس بسياراتهم، لا تخلو الأجواء بالطبع من الموسيقى، وسير السيارات معًا أثناء تلويح الأقارب لبعضهم بفرح.

فورَ وصولهم تُؤخذُ العروس بعدَ طلبها من أهلها من شخصٍ ذو شأن في عائلة العريس وتُقدم القهوة العربية للضيوف ككُل بالطبع.

وبسببِ الجائحة لا يُوجد قاعة للإحتفال، فكلُّ ما يفعلونه هُو الغناء بفرح أمام المنزل، ويأخذ العروسين مع عائلتهم جولةً بسياراتهم في أحدِ الشوارع بكلِّ فرح قبلَ ذهابهما لمنزلهما.

الأمر بسيط، مُبهج، وآمن.

ولكن بعيدًا عن كلِّ هذا، ماذا عن بطلِ حكايتنا أريز؟

أريز مُبتهج بشكلٍ كبير لرؤيته صديقه يُكمل نصفَ دينه اليوم، لكن الحقيقة التي يُحاول التملص منها هي ما قالته والدته قبلَ خروجه "عُقبالك يمّا" سمعَ هذه الكلمة من الجميع، والد صديقه، أصدقائه بلا استثناء، ووالدته.

كلمةٌ ذات طابعٍ طيب على المسمع صحيح، لكن أريز يمتلكُ وجهة نظر أُخرى، كشخصٍ مُجتهدٍ في عمله لأبعد الحدود، يمتلكُ منزلًا مُسجلًا باسمه، سيارة، وعمره فقط سبعة وعشرون عامًا، عليه أن يتزوج!

عليهِ أن يتبع القافلة مثلَ الجميع صحيح؟

لكنّه بشكلٍ ما لا يُريد الآن، لا يعرف بالتحديد ما الذي يُريده في حياته، أفنى عُمره يفعل ما يُريده والده، من دراسته إلى عمله وجمعه للمال ليبني منزلًا في نفسِ البناية التي تقطن بها عائلته.

كان ملكًا في ساحةِ قول "نعم" إلّا في الزواج، لا يُريد.

لا يظنُّ أنه الآن قادرٌ على أن يخطو مثل هذه الخطوة الآن.

عادَ لمنزله بعدَ انتهاء كلِّ المراسم، وفورَ ولوجه للمنزل سألته والدته "بشِّر يمّا"

وهذه أم أحمد، والدة أريز امرأة مُحبّة لعائلتها بشكلٍ كبير، زوَّجت ثلاثًا من أبنائها، وكلُّهم يسكنون في نفس البناية التي تسكُن بها، بنايةُ العائلة.

ولم يبقَ إلّا أريز، وأخته الصغيرة ذات السادسة عشر عامًا.

ابتسمَ أريز فورَ سماعه لسؤال والدته ليقتربَ منها قائلًا "بشِّر؟"

"يعني، ما شفتلك بنت حلوة بهالزفة وقلت أقول عنها لأمي تخطبلي إيّاها؟ ولا وحدة تطلعت عليك؟ شوف اسم الله عليك بتجنن طالع بهالبدلة"

قهقه أريز لما سمعه من والدته ثمَّ أتبع "لا يمّا لسا، وأول ما أشوف رح أقلك، ولو؟ "

"أيوة خليك، أول ما أشوف رح أقلك، تعبت أنا بدي عرس، كل اخواني اللي قبل تزوجوا وأنا صغيرة يلا يا أريز يا حبيبي نفسي أعيش جو أخت العريس"

أخبرته أخته الصغيرة حوّاء ليبتسم قائلًا "حتّى انتِ؟"

أخرجت حواء ضحكة ساخرة ثمّ اقتربت من أريز تهمس قائلة "والله أمي هي قالتلي أحكي هيك، مفكرني تبعت هالحركات يعني؟"

ثمَّ توجهت لغرفتها بكلِّ هدوء تحتَ أنظار والدتها الحارقة، وجَّه أريز نظره لوالدته بعدَ سماعه لكلام حوّاء لتبتسم له والدته بطريقةٍ مُبهمة مُتملِّصة من نظرة ابنها المتعبة من هذه الحكاية.

حرَّك رأسه يمنةً ويسرة ثمَّ ذهبَ هو الآخر ليُبدِّل ملابسه.

إذًا لم يأتي الجزء الذي يدعو للتفاجؤ بعد، إذ أنّ علي الإنتظار إلى أن يبدل أريز ملابسه، ثمَّ يجلس على سريره ليفتح هاتفه وَ...

ها قد جلسَ على سريره.

سُرعةٌ في السرد لن تجدوا لها مثيلًا إلّا هُنا.

فتحَ هاتفه لينشرَ صورة لصديقه على تطبيق "الفيسبوك" مُتبعًا إيّاها بعبارة "أخوي الغالي ألف مبروك" أشارَ لصديقه، وَنشرْ.

فتحَ خانة الإشعارات ليرَ أن طلبَ صداقة جديد وصله والاسم "أنت التالي"

أثار الاسمُ دهشته، حيثُ أنّ لا أحد في هذا العالم قد يُرسل له طلبَ صداقة، فهو شبه غير مرئي هُنا، ينشر في المناسبات السعيدة والحزينة فقط، لم يسبق له التحدث مع فتاة بشكلٍ عاطفي حتى كي تُزعجه بشكلٍ ما.

الصفحة المُسمّاة "بِأنت التالي" فارغة تقريبًا، لا منشورات جديدة إلّا صورة نُشرت قبلَ ثلاث ساعات.

مزحة تافهة، حذفَ الطلب ثمَّ نهض ليجلس مع والدته قليلًا، ولا ضير من إزعاج حوّاء أيضًا.

_____

بخ

شو رأيكم؟😔💗

متَّبعًا إيّاه. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن