الإنسان منا يعيش في صراع دائم, بين الخير والشر, بين الحق والباطل, بين الصالح والطالح, وينتصر في النهاية الأصل. الأصل الذي تربيت عليه, وفطمت عليه, وشبت عليه. إلا إذ قد تحرر من قيود العبودية وقررت أن... تفكر.لا تقترب ... لا تقترب أرجوك ... استدر ... استدر وأجعلني في المقدمة ... لا تستمع إليه, إنه سيهلكك حتماً إذا اتبعته, أنت لاترى هيئته، فلتسألني أنا عنه، هذا الذي تنسط إليه مريب حقًا، حسده مزيج بين اللون الأحمر والأخضر، عيناه جاحظتان كبيرتان لونهما أحمر براق، أنفه معوجه وأسنانه مدببه، أما شعره المجعد تصل ضفائره الغير متناسقة السمك والطول إلى حوافره، لما لا تتبعني أنا, أنا الذي سوف أنجيك من المهالك, لماذا تُصغ إليه وتقيّدني, وتعصب عيناي وتكمم فمي وتُصِمّ أذناي !!؟؟؟
بكل كبر وغرور يحدثه وبثقة كبيرة
- اقترب ... اقترب أكثر ولا تبالِ ... هيّا أنا أقودك للصواب, لا تلتفت إليه ولا تنصت له كثيراً, لا يأتي من ورائه غير الهمّ والتّعب والشّقا، يلتف في ثوبه الأبيض مدعيًا المعرفه بنوره الذي صنعه كهاله تغري كل من يحدثه، اتبعني أنا, سلّم إلي وسوف أجعلك في مكانة أخرى ومختلفة؛ فاطلق سراحي, واجعل بصري بصيرتك, تكلّم كما أُملي عليك من كلمات وضّاءة, واجعلني سمعك كي أرشدك.*****
علي طاولة مستطيلة خشبية ذات لون أزرق سماوي، في ركن مميز يطل علي أحد شوارع مصر الجديدة، يجلسان سويًا ويتكلمان في هدوء، إن كنت متابعًا لهم من بعيد، تتيقن أن أحدهم يشبه رجال الأعمال في فخامة هيئته وطريقة كلامه، والآخر تراه مثقلًا بالهموم والمسئوليات.- هل أمهلتني 24 ساعة كي أفكر في الأمر سيدي؟
- لك فقط 24 ساعة, إذا تأخرت فاعلم أن (نجيب) سيتولى أمرك وأمر قسمك فيما بعد.
- حسناً سيدي لن أتأخر في الرد.
- بالتّوفيق سيد (مدير قسم حسابات الشركة) القادم إذا رغبت في هذا اللقب
أومأ (ابراهيم) برأسه أي فهمت, ثم خرج يفكر في الأمر، لا ترى عينيه سوى الأرض ناظراً إليها, تموجت أفكاره كموج البحر, أخذ عقله يُحدّث نفسه
- الأمر يبدو بسيطاً ولكني أستصعبه, سيتبدل حالي, وسيرتفع شأني, وستكون كلمتي هي العليا, ولن يكون لي نِدٌ في الشركة سوى رئيس مجلس الإدارة, هنا ستتساوى الرؤوس, ولكني لا أستطيع, مبادئي وما تربيت عليه غير ذلك
إستفاق من غفلته وقَطع حبل أفكاره جرس الهاتف, فأخذ ينظر إلى اسم المتصل فوجدها (ريما) فزفر من فمه زفير الملل، لا يعرف أيترك الجرس إلى أن ينتهي ولا يهتم لاتصالها أم يرد, انتبه لسائق الأجرة الذي يبعد عنه بمسافة تقدّر بنحو الخمسمائة متراً قادمة, فرفع يده مشيراً إليها ليستوقفها فهوى على الأرض فاقداً وعيه.
إلتفت المارّة حوله في محاولات استكشاف الأمر وتقديم يد المساعدة, منهم من انتبه سريعاً فأخرج هاتفه الذكي ليقدم بلاغ استغاثة عبر التطبيق الجديد الخاص بالإسعاف, ومنهم من استخدم جريدته اليومية أداةً لاستنشاق الهواء, وآخر تحدث بمكالمة تليفونية لإسعافه, حتى وقفت سيارةٌ عرضَ صاحبها المساعدة ونقله إلى أقرب مشفى, فكانت تلك أسرع وسيلة لإنقاذه.
أنت تقرأ
تضاد
General Fictionقصة نفسية تلقي الضوء علي الصراع الداخلي الذي يمر به الإنسان في المواقف العصيبة