انتزاع

10 0 0
                                    













حياتك تسير دائماً بين محوري الكرب والفرج, فأحسن الظن في الله لأنه طوق النجاة الوحيد لراحة البال

إسلام المصري










انتزاع
(قصة قصيرة جدًا)














أراكم الآن تلتفون من حولي كشظايا ورفات من حديد تحاصر قطعة مغناطيسية دون أي إنجذاب ... أرى أغلبكم مرتدين ملابس سوداء ... خُبأٌ ضيق لا يسع سوى فرد واحد ؛ وكأن فاعله لم يدري بحجم مقيمه ... جسم مستطيل نحيل لونه أبيض ساطع تخرج منه روائح العطور العربية الطيبة ... يبدو عليه أنه كفن وتبدو جثته أنها أنا .... وجوه شاحبة يابسة يملؤها الحزن في برد ديسمبر القارص ... أصوات كأصوات البكاء المكتومة ... أنين في حناجر متحجرة ... وشيخ يجلس بجواري يُسمعني أفضل الدعوات .... يرددون آمين بتأثر من موقف عظيم ... أشعر برجفة غريبة لم أشعر بها من قبل ... ليس لي جسد يرتعش ... ولكن شعور من الصعب وصفه ... أري بعضهم يرتدي النظارات الشمسية ولا أعلم ما فائدتها في طقس ضبابي لا تستطيع أشعة الشمس شقه وإن كانت لديها مخالب حديدية حادة الأطراف ... بالفعل الحاضرون يملؤن المكان ... لكن أين كانوا من قبل ؟؟؟ ترى ماذا سيكون حدفي وإلي أين يأخذني المصير ... رغبتي ويقيني في رحمة الله إلي أبعد الحدود ... مطمئن بعض الشيئ ولكن لا مأمن لنا إلي أن نحيى في جنة الخلود الدائم ... رائحتها بعيدة كل البعد عن رائحة التراب الندية التي نستنشقها كل يوم.

- ماذا بك يا فلان ؟؟؟ أكل يوم علي هذة الحالة ؟
- لا أدري يا فلان ... عندما تأتي شهور فراق الشمس من أراضينا أشعر بتلك الرجفة التي شعرت بها عند الإنتزاع.
- ألا ترى تعبيراً أفضل من ذلك ؟
- إنها الحقيقة ... كل منا قد إنتزعت روحه ولقينا من رحمة الله ما لم نكن نتوقعه ولكن لا نعلم ماذا ينتظرنا في أي لحظة.
- يا فلان ... من رحمك في الدنيا ورأف بحالك عند إحتضان تراب الأرض لك كما ذكرت لنا من قبل قادراً علي رحمتك تلك اللحظة التي كلما تشتت أذهاننا عنها تعود بها مرة ثانية لتذكرنا بها من جديد.
ألا تذكر لي مرة أخرى عن لحظة إحتضان الأرض لك ؟
- يا فلان ... إتركني أتابع ما سوف يحدث لقد ذكرته لك مراراً وتكراراً... لماذا تشعرني بأنني فقط من وري تحت التراب ؟ كلنا كذلك.
- لا يا فلان ... أنا لم أشعر بذلك ... فقط شعرت بشيئ غريب يثقل علي وكأني مضغوط تحت حمل ثقيل وبعدها مر السؤال بيسر ووجدتنى معكم ... لا أدري ما هو إسمي ولا أحد يدري ما هو أسمه وكلنا وكل من يأتي لنا يصبح فيما بيننا مجرد فلان.
- أنا شعرت لحظتها بحنان دافئ وكأن التراب يحتضني بكل أمان كحضن أبي الذي فارقني من سنين عده حتى أنني صرت ألتفت يميناً ويساراً لإعتقادي أنه هو من يحضني.
أخبرني إذن ... هكذا شعرت بالراحة التي تبحث عنها في سردي لتلك اللحظة ؟ لن تسألني هذا السؤال مرة أخرى لأني أشتاق لنفس هذا الحضن وأفتقد من يلمسني وأفتقد أنا أيضاً لمس الأشياء.
أنظر ... يبدو أنه رجل مهم ... ترى هؤلاء الذين يرتدون النظارات الشميسة ؟ أجسامهم في نسق واحد ولهم هيبه.
-ولماذا كل هذة اللهفة ولماذا كل هذا الإهتمام ؟؟؟ سنراه قريباً لا تتسرع ... وسيأتي يسألنا عن أسمائنا وعن إسمه وسيصبح فلاناً مثلنا وسيأخذنا في تحقيقات كثيرة ويظل يسأل ويسأل
أين نحن ؟
وماذا ينتظرنا ؟
وإلي متى ونحن سنظل علي هذه الحالة ؟
أنت تعرف كل سؤال سيسأله لنا وبالتأكيد ليس لنا إجابات لتلك الأسئلة وإن كنا نعلم !!!
فكان من الأولى أن نجيب أنفسنا أولاً قبل أن نجيب عليه.
- ترى ... بداخلي شعور بأني أريد أن أبوح لك بسر.
- سر ؟
- نعم وسر خطير ولن أخبرك به حتى أن توعدني بأنه سيصبح سر بيننا.
- يبدو أنه سر خطير ولفضولي في معرفته سأضطر أن أعاهدك بأن لا أتفوه به لأحد قط.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 03, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

انتزاعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن