الفصل12: روح من العائلة

530 30 11
                                    

جلست نجود على سريرها تتذكر ما حدث مع خالد ، و كيف طلبت منه الطلاق، لا تعلم لماذا فعلت ذلك ، لم تكن تريد الطلاق منه ، على الأقل حاليا ، لكن كلامه عن زوجته و أولاده جعل تطلب ذلك
.
.
.
فلاش باك
- طلقني يا خالد
- لماذا؟
- ما الذي بقي بيننا لكي نكون متزوجين ، أصلا إنها غلطتي اني لم أطلبه قبل 21 سنة .
- و لماذا تطلبينه الأن؟
- سأتزوج
- عفوا ، لم اسمع جيدا
- انت أكملت حياتك و تزوجت و انا بقيت معلقة لا متزوجة مثل الناس و لا مطلقة لها حرية ، أريد حريتي يا خالد .
إقترب منها جيدا و أمسك دراعها بقوة و همس في أذنها
- على جثتي يا زوجتي ، ستبقين على عصمتي .
- لماذا ، أليس لك زوجة و اولاد و روح ستسامحك على تخليك عنا ، ماذا تريد مني أكثر، الا يكفيك العمر الذي ضاع.
تنهد في قلة حيلة
- إذن يوجد عريس ؟
- ليس من شأنك .
تغيرت ملامحه إلى غضب شديد
- نجووووود ، انا ليست صديقك ، إحترمي الإسم الذي تحملينه، لازال إسمك نجود البحيري ، و إياك التفكير في رجل أخر و انت لا تزالين على عصمتي .
أصيبت بالخرس ، للحظات نسيت كل شيء ، نسيت كل ما فعله بها، و ان هذا حديث عادي بين زوجين لا يردان التخلي عن بعض ، لتعود إلى أرض الواقع ، و تتركه و تصعد إلى غرفتها .
.
.
.

أفاقت من تلك الذكرى، لماذا تصرف هكذا ، لكي يحافظ على إسم عائلته ، لكنه لو كان مهتما بإسم العائلة ما كان إعترف بروح و تحمل الإشاعات التي سوف تطاله بسبب هذا ، هل يعقل أنه لازال يحبها، إبتسمت بمرارة ، نعم يحبها جدا ، لدرجة أنه تزوج بعد عام فقط من ذهابها، لكن لماذا لم تطلب الطلاق قبل تذهب إلى الجزائر، كان لديها أمل أنه سيلحقها و سيرجعها، لم تكن كرامتها من رفضت العودة و طلب الطلاق ، بل أملها الدائم الذي اعاشها طيلة السنين الماضية أنه سيأتي يوم يرها فيه ، إلى أن ذهبت إبنتها و ذهب الامل، و أشعل الإنتقام نارا في قلبها ، لكل تلك السنوات التي مضت و إبنتها محرومة من والدها، خططت و نفذت ربما حالت عن الخطة قليلا حين طلبت الطلاق ، لكنها مسرورة برفض خالد للفكرة فالطلاق كانت آخر الخطوات في الخطة، لا علينا فهي الأن يجب أن تركز جيدا ، هو مقتنع تمام الاقتناع بمريم بل أبدى أهتمام و مشاعر ما كانت تتوقعها أبدا، عليها إراحة
نفسها قليلا .
..
..

في الغرفة المجاورة لغرفة نجود كانت تقبع مريم في ركن من أركان الغرفة، تتذكر ما حدث في لقائها مع خالد ، لقد إستشعرت الصدق في كلامه ، و حتى لمعة عينيه كانت حقيقية ، رغم أعوامها الصغيرة إلا أنها تجيد معرفة الصادق في مشاعره ، الأمر مختلف مع نجود فهي دائم تشعر بالحيرة حين تحدثها نجود عن مشاعرها إلا أنها تشعر بالتعاطف دائما، و لأول مرة منذ أن اتت إلى مصر تسأل نفسها هل ما أفعله صحيح، تشعر بتأنيب ضمير مر لذلك الرجل الذي يعتقد أنها إبنته ، لكنها متعاطفة مع قصة نجود و تعلم أنها ستتأذى لو إنسحبت او أعترفت لخالد بالحقيقة ، معلقة بين السماء و الأرض و تدري كم ستستمر هذه الحالة ، أعصابها لا تتحمل هذا ، أحست بقليل من الواقعية و هي تفكر هكذا فمنذ سفرها إلى تونس و هي مخدرة تماما تنفذ الأوامر و حين قدمت إلى هنا إستلمتها نجود و أكملت معها بنفس الأسلوب، ما هي نهاية كل هذا الإتفاق أن تقابله لكن هل ستتكرر هذه المقابلة ، تنهدت في الأخير و نهضت تنام قليلا فهي لا تعلم ماذا يخبئ لها القدر.
.....
...
- هل انت بخير عزيزتي ؟
- نعم انا بخير ، الكل مشغول بحكاية زوجة بابا و إبنته ؟
- و انتي ما رأيك فالموضوع ؟
- لا أعلم يا يوسف أن فقط أريد أن نظل عائلة سعيدة ، لا أريد أن نتفرق
- لن يتخلى عنكم عمي ، دعي عنك هذه الترهات
- و انت ؟
- ماذا انا ؟
- هل ستتخلى عني يوما ما؟
- ربما
نرمين بصدمة
- ربما!!!!
- نعم عندما أموت
ضحك يوسف بشدة على ردة فعلها الطفولية .
- انت دائما تفعل هذا بي ، تسخر مني ، أغرب عن وجهي
- حسنا ، ساغرب نهائيا و لن تريني مجددا
تصنع الحزن قليلا
- لا تحزن ، انا لم أقصد
لتلين ملامح يوسف إلى إبتسامة ساحرة و يضمها إليه
- انا أعلم يا قلب يوسف
لتستكن هي في حضنه كأن منزلها الوحيد .
..........
ظل يجول بسيارته لساعات عديدة، لا يعلم اي وجهة يذهب ، لقد جن جنونه حين سمعها تقول أنها تريد الزواج من اخر ، هل تعتقد أنه سيسمح لها بذلك ، لم يصدق أنها عادت لتفاجأه أنها تريد الطلاق ، لكن من هو عريس الغفلة هذا ، يقسم أنه إذا وقع بين يديه سيسوي وجهه بالإسفلت ، ليس خالد من يسمح لأحد بالإقتراب من ممتلكاته ، كان تفكير أنانيا بحتا منه ، كان يريد فقط أن يثبث ملكية له ، لم يكفيه ما فعله بها و يريدها مجددا ، هل يعتقد أنها سترضى به ، حتى و إن إعترف بإبنته منها فهذا لا يكفي أبدا
............
في فيلا البحيري
جلس هشام مقابل جده ، و هو يترقب ملامحه جيدا.
- تخلص من الفتاة
- مستحيل
- هل تعصي أوامري يا ولد ؟
- لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
قالها هشام بتلقائية تامة
- الحق عليا، دللتك كثيرا ، و اعطيتك كثيرا و...
قاطعه هشام
- انا لست عمي يا جدي ، ليس لدي ما اخسره تريد سحب الممتلكات مني ، إفعلها ، لا تتردد، لكن أفضل حينها اكل التراب على العودة إلى هذا البيت ، أو دعك من التهديد و نجد حلا وسطا .
- ماهو الحل الوسط؟
- نفس ما فعلتموه معي انا و يوسف ، صحيح أنكم كرهتم والدتي لكن لم تكرهونا، لماذا إذن نلوم الفتاة ؟
- و الجزائرية ؟
- يطلقها مثل ما وعدكم مند زمن، هو متزوج الأن و له اولاد ما حاجته بها، هذا هو الحل الأنسب يا جدي ، لقد عرف الناس جميعا بأمر الفتاة ، نقبلها و ننهي الأمر ، تضحية منا و تضحية منه أن يطلقها .
- ماذا لو طالبت البنت في حقها في الميراث ؟
- ترث في مال والدها وليس في مالك انت .
بدى كلام هشام مقنع نوعا ما ، امال هشام برأسه إلى الخلف و هو مبتسم إبتسامة رضا فهو يعلم كيف يأثر على جده جيدا ، ثم دار في رأسه تلك نجود ، شخصيتها أثرت في نفسه بعض الشكوك ، سيهتم بها الأيام القادمة ، ربما يكتشف قليلا عنها .
تشاور عباس و ماجدة كثيرا و وصلا إلى الخنوع لحقيقة أن روح من للعائلة و ليس لها ذنب لكن يجب أن يطلق خالد نجود، أرضى هذا الحل سوزان قليلا ، فهي ستجد حلا اكيد للتخلص من روح لكن خالد بدى متأثرا جدا بنجود ، الطلاق هو الحل .
سمعت نرمين قرار عائلتها و لم تهتم بذلك ، كل ما يهمها هو أن يبقى والدها معها .
في الطابق التاني كان أدم في حمام غرفته يتقيئ ، لقد تعاطي كمية جيدة من المخدرات و لم يستطع جسمه تحملها ، و هو الأن يتقيئها و بجانبه يوسف
- كيف تناولت كل هذا يا رجل ؟
- ساعدني او إذهب من هنا
- تريدني أن أذهب و انت حالتك أسوء من إمرأة في اول حملها
- ليس وقت سخرية يا يوسف ، اقسم أني احس ان روحي يتخرج من مكانها
- إسمع علينا السفر ، من أجل أن تتعالج
- ماذا تقصد ؟!
- يا غبي أتعتقد انك ستشفى بمجرد أن تتوقف ، انت مدمن ، يلزمك مصحة و علاج مكثف
- و الدراسة و ماذا عن العائلة ماذا سنقول لها؟
- الموضوع في يدك ، أخبر والدتك أن هناك مشروع كبير في الأسكندرية و الشركة هي من ستقوم به و انت تريد السفر من أجل ذلك ، والدتك ستقنع جدي و إنتهى الموضوع.
- و ماذا عن والدي؟
- سيهتم هشام بالموضوع معه، الموضوع راجع لك اذا كنت تريد الرجوع إلى حياة طبيعية او تريد الإكمال في طريق الهلاك هذا ، فكر جيدا و أخبرني بقرارك، توجد مسكنات الآلام هناك ، ابلغني اذا إحتجت إلى شيء
أومأ أدم برأسه ليوسف و خرج يوسف من الغرفة
و بقي أدم يفكر في كيفية مفاتحة والدته في الموضوع فقد عزم على قرار العلاج يريد الإثبات للجميع أنه احسن من هشام و يوسف ، و سيقوم بهذا بالطريقة الصحيحة .
مرت ساعة و دخلت سوزان الإطمئنان على أدم فوجدته في حالة يرثى لها
- ادم ما بك ، هل انت مريض ؟
- مجرد حمى خفيفة .
- سأتصل بالدكتور .
- لا داعي يا امي ، قلت أنها حمى خفيفة ، لماذا تردين تكبير الموضوع ؟
- خائفة عليك صغيري .
- أعلم هذا، و تناول يدها و قبلها
- أريد مفاتحتك بموضوع مهم ، أريد السفر إلى الأسكندرية من أجل مشروع للشركة
- ماذا، سفر، لكن عزيزي لماذا بإمكانك متابعة العمل من هنا أم أن الأخوين يردان نفيك لكي يستوليا على كل شيء ؟
- ماما ، حبيبتي، لن استطيع التعلم اذا بقيت هنا عليا أن أخوض تجارب المشاريع لوحدي بعيدا عنهما ، إضافة أنه مشروع كبير و مهم للشركة ، و أريد إثباث نفسي .
- عزيزي ، انا فقط خائفة عليك ، لم اعتد عدم وجودك هنا ، ثم إن عيد ميلادك و اختك الأسبوع القادم ، ماذا عنه ؟
- سيكون هناك أعياد ميلاد كثيرة لنحتفل بها ، لكن يكون هناك فرص مثل هذه مرة أخرى، أرجوك أقنعي جدي .
- سأحاول معه و لكن دراستك
- أرجوك يا ماما ، أعدك أن أتابع دروسي ، انا لا استفيد من المدرسة باي حال ، سأقوم بالمتابعة مع اساتذة هناك
بدى
بدا كالولد الصغير الذي يترجى والدته من أجل لعبة و كيف لها أن لا تنفذ ما يريد و هو إبنها فلذة كبدها ، كما أن كلامه أرضى طموحها الكبير بإمتلاك كل شيء .
تنهدت في قلة حيلة
- حسنا ، سأرى ماذا يمكنني أن أفعل من أجلك ، هل اخدت أدوية؟
- نعم اخدت .
- نم قليلا و عندما تستيقظ سأكون تحدثت مع جدك .
في المساء عاد خالد إلى بيته و هو في قمة غضبه ، و عند محاولته صعود الدرج للوصول إلى غرفته عله يرتاح قليلا، سمع صوت أبن أخيه
- عمي ، يريد جدي الحديث معك .
هز خالد برأسه و ذهب نحو المكتب بخطوات متثاقلة و هو يسأل الله أن يلهمه الصبر كي لا يرتكب جريمة اليوم.
كان عباس جالسا على كرسي المكتب ، و يترقب دخول خالد كأسد متربص بفريسته .
- مساء الخير ابي
- من الجيد انك تتذكر اني والدك
- و من السيء انك تنسى اني إبنك و تعاملني مثل العدو .
- أريد مصلحتك و مصلحة العائلة .
- لقد تخطى سني الخمسين يا أبي، ألا تعتقد أني استطيع الأن التمييز بين الصحيح و الخطأ
- انا أثق بك يا إبني ، انا فقط كنت خائفا أن تلقى نفس مصير أخيك
احس هشام بخصة في قلبه ، إلا أنه لم يظهر على وجهه اي تعبير ، و تابع ما يدور بين جده و عمه في صمت ، تابع عباس
- انا لا مانع لدي أن تعترف بإبنتك ، ليس للبنت اي ذنب في النهاية .
هز خالد رأسه في غير تصديق ، و إلتفت إلى هشام يستفسر منه بعينه ، فهز له هشام برأسه أنها حقيقة و ليست خدعة
- شكرا يا أبي، لا تعلم مدى سعادتي بهذا الخبر
- لكن لدي شرط ، طلق الجزائرية
........
.......
. ......
في إحدى المطاعم الراقية
جلست نجود مع عمر يناولان العشاء
- كيف تسير الخطة ؟
- تسير على أكمل وجه
- ممتاز
- لكن انا فعلت شيئا مخالفا للخطة
- ماذا فعلت ؟ تساءل عمر بإهتمام
- لقد طلبت الطلاق من خالد
إبتسم عمر و لمعت عيناه فرحا
- يا ليتك قمتي بهذا الخطأ منذ زمن طويل ، هل طلقك ؟
- لا لم يفعل، و لن يفعل حسب ما فهمته منه .
- لماذا لن يطلق؟
- لا أعلم يا عمر لا أعلم، أرجوك لا تضغط علي
احس عمر بخنقة كبيرة فهو يريد الانتهاء من هذه الدوامة و اخد نجود و الخروج من هذه البلاد مرة و للأبد .
اما نجود فإستندت برأسها على يديها و هي تخفي ملامحها ، ليصعقها عمر بما قاله
- نجود نحن مراقبون .
رفعت رأسها ببطئ
- من يراقبنا؟
-أترين ذلك الرجل الذي يجلس لوحده و يتصفح هاتفه ، إنه هو من يراقبنا ، و إن لم يخوني ظني فقد قام بأخد عدة صور لنا .
- ممتاز الأن خالد سيطلقني ، بدون معاناة ، زفرت في ضيق
تردين أن تعذبيه أليس كذلك ؟
- بالتأكيد.
- إسمعي ما أقوله و نفذي بالحرف
هزت نجود رأسها بالإيجاب
......
.....
......
مرت نص ساعة لتصل تلك الصور إلى هاتفها ، لا تصدق أنها وضعت يدها على دليل سيضمن لها تطليق خالد لنجود بسهولة تامة ، فهي لا تثق بعباس و ماجدة كثيرا ، الأن عليها فقط التفكير في كيفية التخلص من روح ، لن يكون الأمر سهلا لكن لن تدع ما بنته لسنوات أن يتهدم على يد إمرأة تافهة مثل نجود، تأملت تلك الصور جيدا ، لا تنكر أن جمالها مميز ، و راق ، لكن نيران الغيرة تحرق قلبها أكثر و أكثر، أخرجت شريحة برقم مختلف ، و قامت بإرسال الصور إلى هاتف خالد و لتجلس و تتفرج على العرض .
....
....
....
جلس في أحد المنازل التي يمتلكها و هو يفكر ، هو يفكر بما قاله والده ، يفكر في تطليق نجود ، هل فعلا هذا هو الحل، لكنه يحبها ، ربما خالط رأسه الشيب إلا أن قلبه لازال شابا و ينبض بحبها ، يسترجع شكلها على الغداء ، كم هو جميل وجهها ، حتى ملامحها و هي غاضبة تجعله يعشقها أكثر، لكن ما السبيل إلى قلبها و ربما قد إحتله رجل أخر، شعر بغيرة شديدة لمجرد التفكير في ذلك ، و بينما هو يفكر قطع حبل أفكاره صوت هاتفه معلنا على وصول رسالة و ليست اي رسالة بل صور لنجود مع رجل أخر ، جن جنونه حين رأى كل هذه الصور ، فهي فعلا تخونه ، اخد هاتفه و إتصل بهشام، و طلب منه أن يلاقيه فورا ، احس انه على وشك إرتكاب جريمة شنعاء سيكون بطلاها نجود و عشيقها ، من تظن نفسها كي تفعل هذا ، حذرها عندما طلبت الطلاق لكنها لم تستمع إليها لتدفع الثمن .الأن

انتقام الروح (الجزء1)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن