المقتطف الأول

459 8 6
                                    


#أسميتها_وطن_رواية_إيمان_عمر_حصرية_جروب_القلم_وما يهوى

#مقتطفات_من_أسميتها_وطن
البداية من أول رمضان كل يوم السادسة صباحاً



(المقتطف الأول )


"أليس غريب ما تطالبني به الآن يا أبتي".
غمغم محدقاً نحو شعرها الأسود اللولبي كأجراس صغيرة كلما تحركت .. تذكره بشجرة الكافورالعتيقة امام دارهم :" كيف وتين ؟!!".
ضمت ركبتيها نحو ذقنها المدبب .. بينما غمازتها الصغيرة تبرز كلما ابتسمت .. كما التو .. لكن ابتسامتها حزينة ترافق النظرة المهمومة في عينيها السوداء الجفنين بها الكحل الأثمدي الذي تعشق وضعه.. بل ورثت من جدتها طريقة صناعته .. تمتمت في عناد :" لن أبدل رأي أبتي .. لن انفذ سوى ما جاهدت عمراً لتقنعني به ".
لاح الإستفسار داخل مقلتيه الهرمة تحيطها جفون كليلة غزيرة الترهلات ، فلم تمهله أن يعاود مطالباً بإيضاح.. اهدته ما يريدهبصوتها الناعم القوي :"ألم تطالبني بالتوقف عن الصعود للقطار لمجرد أن أتخلص من الإنتظار المزعج ".
انتفضت ناهضة من مكانها على الجلسة الأرضية التي يهواها :" لن أتزوج من اجل الواجب .. لن أتزوج حتى لا أسمع كلمة عانس .. لن أتزوج سوى من احب .. بالتالي رشيد لا يمكن ان يكون خياري ".
قبض ابيها علىتلابيب ثوبها الذي يصل لنصف ساقها السمراء النحيلة .. هامساً بما يشبة التوسل :" ابن أخي .. ليس له سواانا".
سحبت طرف ثوبها من بين حنايا أصابعه اللينة المترجية :" ابن اخيك أنت .. وليس ابن أخي لأتحمله ".
غمغم زافراً أماله كنثرات عطر فسد ليزكم الأنوف :" أين يذهب ؟!!.. بعد ما أموت !!".
قلبها يحمل الإشفاق ، ويعتمل بالعشق .. كيف لها ان تعترف بان هذا القلب صار زين العزازي يحتل غرفه جميعها.. وجدت ان القسوة أقرب طريق للرفض :" لقد حيت عمري كله .. اتسأل .أينا ابنك من صلبك ..أنا أم رشيد ؟!!".
رفع اصابعه في ضيق هاتفاً :" أكاد أرى امك من تتكلم في هذه اللحظة ".
تحركت من هذا اللغو الذي لن تستطيع الصمود أمامه كثيراً:" أمي مرة اخرى ..ألم تطردها من هنا من أجل رفضها لرشيدك الغالي ".
هتف صارخاً:" لم اطردها .. هي تكذب عليك !!".
استجمعت الخيبات من اطراف أوعيتها الدموية ثم غمغمت بحزن :" ربما لو كنت تحدثت انت لي بالماضي اولاً .. كنت صدقتك .. لكني لن احيا أدافع فقط عن رشيد ".
يمهد لها ريق القبول الذي يعاند من اجله :" ابن عمك .. يحبك وتين ".
انتفضت في مكانها .. تكاد عينيها تطفر بدموع الخذلان :" ابي .. رشيد لا يعرف كيف يحب .. لا يعرف سوى التعلق .. تعلق بك لأنك من يعرفه .. وتعلق بي لأنه لم يرى غيري .. متى تصدق أن رشيد معاق .. معاق ".
اندفعت للخارج عينيها تكاد يغشاها الضباب الدخاني المعتم ، فلم ترى الجامد هناك في الرواق أمام الغرفة .. لا يعرف ماذا يفعل؟!.. ثقف مهتزاً لا يعرف التصرف ولا الغضب حتى .. لقد انصت لكل الحديث .. علم ما يحدث .. عيناه قد تأثرت وجعاً استمده من روحه المنهارة تحت أقدامها .. لكنه هنا من اجل منحها الوردة في يده .. تهتز في بكاء يشبه بكاء روحه .. رفعها نحوها .. بعدما ظلت تحدق به في ضيق من ذاتها .. كيف لها أن تنفجر هكذا .. راقبت في حياء يده المرتفعة ، وعيناه البراقة بعبرة متوحدة كعقله الضيق .. تمتم بطريقته المهتزة :" وطن .. الوردة فتحت .. لك وطن ".
صوته الرجولي بطريقته الطفةليى .. جعلتها تبتسم في عينيه هامسة باعتذار :" آسفة رشيد .. لن استطيع ".
غمغم بطريقته المتقطعة كلما ارتفعت حدة توتره :" الور..دة فتح..ت ل..ك وطـ..ن ".
تنظر للوردة التي يضعها أمام عينيها تمس انفها بنعومة بتلاتها .. تشتكي إليها حالها .. لم تجد غير اختطافها بأناملها .. تلا هذا الإختطاف هرولتها من هذا الممر الضيق الذي يطبق على أنفاسها فيخنقها .. تجتازه حتى الدرج الخشبي النصفي هبطت حتى ورشتهم الصغيرة .. تقطع طريقها للباب .. لن تكون سوى لزين فقد اختطف قلبها .
كان رشيد يقف في مكانه يراقبها كعادته الدائمة .. يبتسم ناسياً تلك الإساءة التي سمعها بآذنيه .. يغمغم في حب :" وطن .. وطن ".
سمع صوت عمه يناديه :" رشيد .. تعال يا ولدي طعامك جاهز ".
تمتم لعمه :" وطن .. وطن ".
اجابه عمه بكل ضيق :" اتركها .. ستأكل عندما تعود ".
تقدم ليتخذ لنفسه مكان قصي عن الطعام .. يرفض الطعام دونها .. غمغم مستفسراً:" رشيد معاق ".
انتفضت عينا عمه من هذا اللقب.. تحرك نحوه زاحفاًفي جلسته .. يربت على كتفه مجيباً:" لا .. أنت طيب .. طيب في زمن خاطيء".
اغمض عيناه على وجع روحه من اجل هذا الشاب الذي مازال عقله يقبع في طفولة متجردة من كل الزيف والإستغلال .

أسميتها وطن  (نصف الفصل الرابع كل اربعاء)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن