قصة نزول القرآن على الرسول الكريم وتلقِّي الوحي لا نمل من روايتها أو سماعها؛ فهي تعتبر ليلة النور والبرهان، وتحوُّل للعالم أجمع، وهي أشرف ليلة إطلاقًا، هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، نزل فيها القرآن على نبينا محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم-. قال الله –عز وجل- في سورة القدر: {إنّا أنزلناهُ في ليلةِ القدْرِ* وما أدراكَ ما ليلةُ القدْرِ* ليلةُ القدْرِ خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ* تنزّلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذنِ ربِّهمْ مِنْ كُلِّ أمر* سلامٌ، هيَ حتى مَطلعِ الفجْرِ}. وقال تبارك وتعالى في سورة الدُخان: {إنّا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ* إنّا كُنّا مُنذرينَ * فيها يُفْرَقُ كُلُّ أمر حكيمٍ * أمراً مِنْ عندِنا إنّا كُنّا مُرسِلين* رحمةً مِنْ ربكَ إنّهُ هوَ العزيزُ الرحيم}. وخير مَن يروي قصة نزول وحي السماء جبريل عليه السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- هي أُمّ المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها-، فتقول -رضي الله عنها-: "أول ما بُدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم؛ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّب إليه الخلاء؛ فكان يأتي غار حراء فيتعبّد فيه الليالي ذوات العدد، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتى فاجأه الوحي وهو في غار حراء، وجاءه الملك جبريل، فقال اقرأ
وتبدأ قصة الوحي عندما دخل جبريل -عليه السلام- على النبي -صلى الله عليه وسلم- في هيئة رجل. ودخول رجل على رجل ليس مفزعًا رغم أن الرجل غريب، ولا يعرفه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن لماذا فزع النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى جبريل عليه السلام؟تعالَوْا نسمع القصة، ونعلم لِمَ خاف -صلى الله عليه وسلم-. تروي السيدة عائشة -رضي الله عنها- فتقول: "دَخَلَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ". هكذا بدون مقدمات ولا سلام ولا كلام، لم يُعرِّف نفسَه، ولم يسأل الرسول عن نفسه. يخاطبه وكأنه يعرفه من زمن، ويقول له اقرأ، والرسول لا يدري أي شيء يقرأ؛ فالرسول أُمّيّ؛ لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وهو يقول له اقرأ؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ". لم يسأله الرسول -صلى الله عليه وسلم- مَن أنت؟ وماذا تريد؟ فقد بُهت بدخوله عليه فجأة، وقوله له اقرأ. قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنا بقارئ". ففوجئ برد الفعل الذي أفزع الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ اقترب هذا الرجل من الرسول، ثم احتضنه بشدة. يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي (احتضنني) حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ". والرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يكن ضعيفًا، بل كان قوي البنية. وكل الرسول الكريم: "ثم َقَالَ اقْرَأْ (للمرة الثانية)، قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ (المرة الثالثة). فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ فقال: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي".
أنت تقرأ
قصص من السيرة النبوية
Документальная прозаقصص منتقاة من سيرة خير البرية الرسول صلى الله عليه وسلم