عاد كليهما ليجلسا مُجددًا وتجولت ماديسون بعيّناها علي أركان المكان.«حان دورك ما قصتك إذًا؟» أستند نايل علي يديه وجلس يستمع إليها.
«طائشة، مُتهورة، مُندفعة، حمقاء، أتصرفُ دون تفكير أيًا يكن ما يدعونني لقد أكتسبت ذلك منه كنت مثل الطائر الصغير الذي يراقب والدته تُحلق بأجنحتها فوق أطراف السحاب فيحاول تقليدها ولكنه يقع كاسرًا أجنحته، وقد كان هو جناحي.» أردفت بضعف ثم نهضت وتوجهت نحو البيانو الملئ بالغبار أمامهم، جلست علي مقعده وبدأت تتلمسه بأصابعها، فتحته ولامست مفاتيحه.
«لقد ولدنا بهذا العالم سويًا لم يكن لنا سوا بعضنا البعض، علمني عزف البيانو هنا بهذا المتجر، علمني كيف أتشاجر مع من يضايقني، علمني ألا أفكر بل فقط أتصرف فالتفكير يُضيع متعة الأمر، علمني أن هناك أُناس بالخارج لا يملكون ما نملكه وأننا محظوظون بأمتلاك بعضنا، كان شقيقي وصديقي ووالدي، كان السقف الذي تَحمل سقوط السماء عني، كان الأرض التي حملتني أثناء أنهياري، كان العالم لا يستحقه فـرحل عنه.» لمعت عيناها وسقطت دموعها علي مفاتيح البيانو، مسحتها سريعًا وبدأت بعزف مقطوعة مألوفة لأذنيها.
نهض نايل عن مقعده وذهب ليجلس بجوارها بصمت، توقفت عن العزف وألتفت له والدموع بعيناها تأبي السقوط.
«أتعلم كيف كان الأمر مُثيرًا للسخرية؟ أن يصاب أمهر الأطباء بـڤيروس نادر لا علاج له؟» تحدثت بكل ألم وأنكسار.
«أتعلم كم كان صعب رؤية الشخص الوحيد الذي يعطي ضوءًا لحياتك أنعدمت الحياة من علي وجهه؟»
أنفجر فيضان دموعها ولم تهتم لتترك نفسها تُعانَق من قبل نايل، لم يُسمَح لها بالبكاء بجنازته، لم تَسمح لنفسها بالبكاء عليه، حتي أصبح قلبها يستغيث بالمساعدة، حتي آتي المُجيب عن إغاثته.
مسح نايل علي شعرها برفق حتي هدأت وتحول بكاءها لشهقات خفيفة.
«إنه يراكي الآن بالطبع لا تريدين أن تأتي روحه الغاضبة لتلاحقني لأنني جعلتكِ تبكين.» مازحها نايل ولكنها ظلت ساكنة مكانها لم تتحرك.
تحرك نايل فأزاحت رأسها عنه ونظرت إليه، مد يده نحو وجنتها ومسح بقايا دموعها بإبهامه.
«لا تبدين بشعة عندما تبكين، تبدين ألطف بكثير.» حاول تقليدها بمزاح فنجح بجعلها تبتسم أخيرًا.
نهض وسحب يدها خلفه خارج المتجر، ظل يأخذ أتجاهات مختلفة.
«إلي أين نحن ذاهبان ؟» سألت بأستغراب عندما طالت فترة سيرهما.
أنت تقرأ
Dear Patience «N.H»
Historia Cortaسَـل النجـومَ كَـيف كان صدي نـواحُ قلبي علي مَـسامعها بعد فُراقـكِ مُهشـماً.