شدت بكفيها على الروب الكريمي الرقيق الذي ترتديه ، لتسري رعشة في جسدها عندما مر بها التيار الهوائي البارد ، كانت حافية القدمين بينما بدأت تتحسس في الجدارن الإسمنتية الصلدة حولها ... لم تدري كيف وصلت الى هنا ولم تدري كذلك سبب هذه الرهبة التي تشعر بها الآن .
أحست وكأنها في غرفة تعود الى قرون الى الوراء ... وأكثر ما أثار دهشتها هو تلك المشاعل النارية الموضوعة على الجدران .
توقفت فجأة عن السير عندما لاحظت للظل الذي انعكس لشخص يقف خلفها .
إزدردت ريقها لتلتفت بسرعة خلفها وما إن وقعت عيناها على صاحب الظل حتى صرخت ، صرخة مفزعة من الوجه الشيطاني الذي رأته .
استيقظت من النوم حينها وهبت جالسة بسرعة ، كان العرق يتقاطر من وجهها بينما كانت انفاسها غير منتظمة .
تلفتت حولها لتجد نفسها تفترش الأرض في شقتها الصغيرة ... وكما يبدو انها انهارت ودخلت في نوبة من البكاء حتى نامت ، أقسى واهدء نوع من أنواع النعاس ، ذلك الذي يغشاك بعد دقائق او ربما ساعات طويلة من البكاء ، تذرف الدموع حتى يُنهك جسدك ليتدخل دماغك ليرحمك فيُشعرك بالنعاس والخمول لتنام بعدها كطفل صغير بطريقة هادئة .
تلمست أسفل عُنقها الذي تيبس وبدأ يؤلمها من طريقة نومها الخاطئة ارضاً .
نهضت مُتوجهة الى الحمام لتستحم ببعض الماء الدافئ عسى ولعل أن يريح أعصابها التالفة .
وبعد ذلك الحمام توجهت الى غرفة نومها لتجد ياسمينة ممدة على السرير بجنبها الأيمن .
اتجهت نظراتها تلقائياً نحو الساعة التي تشير الثالثة فجراً ، تحركت نحو الكومودين لتمسك بعُلبةِ الأقراص الطبية ... هزتها لتكتشف هل ما زالت مليئة ام أنها ستنتهي قريباً ، وضعت في يدها بعض الأقراص لتبتلعها بسرعة ثم تمددت على ظهرها بالقرب من ياسمينة ، التي نطقت بصوت هادئ بينما كانت تعطيها ظهرها :
" حاسا انك كويسة ؟ "
استنشقت بعض الهواء وهي تُطالعها بطرف عينها :
" لي عملتي كدا يا ياسمينة ؟ لي ذكرتيني بحاجة بتقطع قلبي من جوه ؟ "
" آن ، أنا خايفة عليك "
" انتي م خايفة علي ، انتي بتأذي فيني "
" لا ، ابداً م بأذي فيك ، ولو عايزة اكون ليك سبب أذى كان خليتك هنا وحيدة "
" الوحدة كان حتكون ارحم ، ارحم من انو تفضلي تدوسي لي على جزء فيني لسا بينزف "
" م عايزاك تثقي في غرباء "
" حفضل عايشة حياتي كلها كدا ؟ وحيدة م معاي اي شخص ؟ "
" الوحدة ولا الأذى؟ "