ما وراء الجبل : أمي

9K 1.2K 0
                                    















كنت ابنَ عشر، حين قررت تسلق هذا الجبل، ولو سألتموني عن السَّبب. لما أستطعت أن أجيبكم لو كان طرح عليّ نفس السؤال قبل عام، ولكنه باستطاعتي أن أجيبكَ الآن كما أني أعلم أني باستطاعتي صعود هذا الجبل وبلوغ وجهتي مهما كلّف الأمر.

***

كان حلمًا وصبابة شوق ما حملته في جوفي لسنين وهو ما ادى إلى أن آخذ هذه الخطوة الجريئة ودفعني لأخذِ قرار نهائي واُصمِتَ وسواس الشيطان الذي أبى أن يسكت ويتركني بحالي، دفعني هو الآخر للرجوع وكان هو المسبب الأول لرغبتي لآتي وأضع حَدًّا لما يمارسه معي من إدانة نفس ولقاء لوم لأني جبانٌ وعاق، واسماً سَعيِ الطفيف أن عقباه الندم والانخذال، واعلم بأنه إذا ما جاءت اللحظة وبلغت مرادي ولم أغنم ما صبوت من صعودي لهذا الجبل سيساومني تاليًا لعُندي وتفكيري الحالم.

لكني ما آبه .

لفترة طويلة من حياتي عشتها وأنا لا أعلم شيء من طفولتي، ذكرياتي بدأت حين كنتُ في الخامسة حين جلبتُ للعيش مع عمتي، من الطفولة وحتى أَوّل مرحلة المراهقة مشيت على درب واحد يقودني للأمام فقط ولم أولي قط للخلف. ولم أشعر ولو بشيء قليل أحسني بأهمية أن لا بد من أن أعرف ماضيْ ولم أرد أن أعرف شيء عنه في الحقيقة. ظننت أني أفعل الصواب.

بتجنيب نفسي الحزن والألم، ولكن شيئًا كان ينز في داخلي، كان يقظًا بالشوق والآمال البريئة أرادني أن أعرف ما حل بأمي، فأنا وكان هذا ما علمته به لاحقًا يتيم أب ولكن أمي لا تزال حية. ولقد أُجبرت أن أغادر حجرها بسبب وصية تركها أبي قبل وفاته. كان أبي حافظًا للقرآن ورجلًا تقيا سبق له أن تزوج من امرأة اختارها والده، لكنّ زواجه فشل ولم يفكر بعدها في تكرار التجربة. لكنه وفي أحد زياراته إلى المدينة التي تعيش فيها عمتي (كان لعمتي العديد من الإخوة وأَحبتهم جميعًا، لكن والدي كان الأحبّ إليها)، قابلَ والدتي ووقعَ في حبها وسرعان ما تزوجها.

للأسف، لم يدم هذا الزواج وقدر الله له أن يموت بعد أن مرض مرضًا شديدا بسبب مرض رئوي خطير.

وتركَ وراءه أنا وأختٌ لي صُغرى تصغرني بعامين. أمي احتفظت باختي ولكنها تنازلت عني اِسْتَجَابَتَا لرغبة والدي الأخيرة. وفقًا لعمتي، كان أبي مقربًا جدا من إخوته وخاصة عمتي وأحبته هيَ أيضًا و لذلك أراد أن يضعني بعهدة عمتي، ذكرى تذكرهم به. وهكذا بدأت العيش مع عمتي ولسبب لا زال يخفى عليّ خَبرُه كنت خسرت ذاكرتي جزئيًا بسبب الصدمة ، لا أعرف. لم تكن لدي أي ذكريات قبل ذهابي إلى عمتي.

وما أخبرتكُم به عن طفولتي هو ما سَمعته من الأقربين مني، حرصت عمتي على عدم الحديث عن الماضي أمامي، أو هذا ما حَسبت. إن بدايةَ حياتي غريبة بعض الشيء بشكلٍ يستثير الرّيب.

ما وراء الجبل:أمي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن