صوت الليل بسكونه هو فقط ما يمكنك سماعه والأنوار الخافتة التى بالكاد تكشف الطريق.....ضوء القمر مكتمل ولا شئ يشق ذاك السكون سوى ركضها بينما يهطل المطر بغزارة لن يمكنك تمييز حقا ما ترتديه فهى لا ترتدى شيئا سوى الرمادى وذاك الحذاء بلون السماء فى صيف هادئ ....على ظهرها حقيبة بلون الحذاء....وعلى الجانب الآخر كان ذاك الوسيم بشعره المبعثر بهدوء على جبينه ذا ملمس كالغيوم ...يرتدى بنطاله الأسود وسترة شتوية رمادية مائلة للأسود.....توقفت هى لبعض الوقت ثم جلست على مقعد أخرجت من حقيبتها دفترين وضعت أحدهما جوراها والآخر على قدمها تكتب فيه...كان غطاء رأسها لا يظهر سوى الجزء السفلى من وجهها حمدت ربها ان هناك مظلة لتكتب ....لاحظت ذاك الفتى ذو الأنفاس المضطربة يجلس على المقعد المقابل لها حيث يفصل بينهما ممر ..... أو لربما هذا ما نراه نحن فلربما أجسادهم تبعد عن الأرض....بعد مدة هدأ المطر .....هى مازالت تكتب وهو ممسك بهاتفه تارة ينظر لها وتارة أخرى لهاتفه بينما هى لم تعره من انتباهها شيئا ....جاءت رياح صامتة أو لربما صدفة القدر أطارت بعض أوراقها على الجهة الأخرى من الطريق حملت أشيائها فى الحقيبة بعشوائية وارتدت كتف الحقيبة سريعا و ركضت مسرعة تمسكها فالطريق مبتل بالكامل ....بعد أن تهافتت على حملها نظرت بين يديها لتجد ورقة تنقصها نظرت حولها لتجدها عالقة على شجرة من ناحية ذاك الجالس.....حاولت التقاطها لكن بالرغم من طولها إلا أنها لك تستطع ....شعرت بظله يتحد مع ظلها بسبب الضوء الخافت....أنامله تلامس يديها لوهلة ...التقط الورقة ومد يده بها ....أمسكت الورقة ونظرت لهم تتفحصهم كأن صغارها كانوا على وشك الموت شعرت به مازال واقفا...لا ترى وجهه لكن استنجت أنه ينظر لها ...فهى تشعر بنظراته التى تخترق روحها.... كأنه يحاول معرفة ما يدور بداخلها...بكل عفوية أمسك غطاء رأسها يزيله من على رأسها.....صمت وهدوء أعمق مم ذى قبل ...لا يسمعان سوى صوت أنفاس أحدهما الآخر....شعرها بلون القهوة....بشرة بيضاء تميل للحنطية...رفعت له وجهها تناظره وياليتها لم تفعل....شامات متفرقة على وجهها وتلك الغمازة فى خدها الأيسر ظاهرة دون أن تبتسم ...عيناها بلون شعرها البندقى المموج....نظرت إليه بينما تميل وجهها وكأنها تحاول تفسير ذاك الغريب وقرأته....عيناه رماديتان بسمة دافئة وغمازتان.....طول يشعرها انها ضيئلة...شعره المبلل يداعب عينيه...أجفلت منهية ذاك التأمل و جلست على المقعد الذى كان يجلس هو عليه....أخرجت اشيائها وعادت لما تفعله ليجلس هو جوارها ....أحذ ورقة تتلوها الآخرى وهو يستمر فى القراءة....وجدها تمسك أشيائها وتستعد للرحيل...ارحلى كما يرحلون وخذى معك قطعة من قلبى ...بل خذى قلبى بأكمله وروحى الضائعة علها تجد نفسها وهى بقربك.....كاد ان يوقفها لكنه عاد لعقله...من أنا لأوقفها ولم افعل ...كثير من الأسئلة داعبت عقله ليجدها قد رحلت بالفعلوجد نفسها وحيدا ...فسار عائدا نحو منزله...فتح الباب ورمى مفاتيحه على المنضدة اخرج هاتفه من جيبه دلف للأغتسال ...بعد ان خرج القى بجسده على السرير وفتح صفحة تلك المجهولة التى يتابعها منذ ظهورها تقريبا....وجد تحديثا كتبت فيه((لقاء صامت سكتت فيه الشفاه وتحدثت القلوب وتلاقت الأعين))ما إن انتهى من القاءة جاءت تلك الجميلة على باله ....أغمض عينيه متخيلا عيناها وابتسم... أود حقا ان أقابل هذه الغريبة....ظلت الافكار والذكريات تأسره حتى اصيب بالصداع تناول حبة منوم وغط فى النوم بصعوبة كبيرة ....
استلقت على أرجوحتها فى الشرفة نظرت للسماء حيث عادت إليها ذكريات سوداء تحاول قتلها...؟اختنقت حقا.....تريد البكاء لكنها لا تبك أبدا ....او لا تستطيع فقط دموع تشوش عليها الرؤية لتجعلها ضبابية وتصيبها بألم فى الرأس...يحترق قلبها شفقة عليها....وحدة وظلام احتلا قلبها ......ظلت هكذا إلى ان نامت بعد ان مرت عليها الساعات دون ان يغمض لها جفن....
استيقظ ووجد أن الساعة قد اصبحت الرابعة والنصف اغتسل وارتدى ملابسه ثم تناول إفطاره قاد سيارته الداكنة نحو عمله ثم استقل المصعد ووقف فى ردهة هادئة ثم وضع بصمة عينيه وإصبعه ودلف لغرفة ما
من ناحية أخرى كانت هى قد استيقظت وارتدت كنزة صوفية بلون أحمر قاتم يقيها من البرودة....بالرغم من أنها تعلم ام البرودة تنبع من داخلها....بنطالا من الجينز ومعطف أسود باللون الذى يسكن قلبها....قبعة وحذاء بنفس لون المعطف...ركبت دراجتها المارية وقادت لمحل عملها....دلفت للمحل ثم ألقت صديقتها نورا التحية قائلة
نورا:مرحبا سيرا كيف حالك
سيرا أشارت قائلة:بخير
نورا:كنت أود أن أحدثك فى الواقع كنت أريد أخذ إجازة لعدة أيام... قاطع كلامهما زبون يسأل:عفوا أين كتاب الملك لير
اشارت سيار لنورا الصامتة أنه فى الرف الخامس لتخبر الزبون
نورا:لا أعلم حقا كيف تعلمين أماكن الكتب والأشياء رغم انك لا تأتين كثيرا.. اعلم ان هذه المكتبة شراكة بيننا منذ عام تقريبا وانا التى اجلس فيها اكثر لكننى اتفاجأ لقوة ذاكرتك
سيار مشيرة:لما ستتغيبين عن العمل
نورا:سأذهب فى رحلة أنا وانسر خطيبى إلى الريف مع اسرتى و....
صمتت نورا عندما وجدت سيرا تضع يديها على أذنيها وتضغط عليهما بقوة
نورا بصدمة وقلق بينما تقترب منها:سيرا ما بك ما الذى يحدث...هل ات
قاطعت سيرا كلامها بإشارة من يديها مانعة إياها من الاقتراب
بينما ما تزال تضغط على أذنيها بقوة ومأنها تصم عيناها وأذنيها على الاشتماع او الرؤية....هبطت بركبتيها على الأرض الخشبية وأمسكت حقيبتها السوداء باضطراب لتخرج حبة ابتلعتها سريعا....بعد دقائق كانت تقف وكأم شيئا لم يكن
نورا:ما الذذى......
وضعت سيرا يدها أمام وجه نورا تمنعها من الحديث وكأنها تقول لها ولا كلمه...صمتت نورا بقلة حيلة فهى تعلم سيرا الغامضة التى لا تتحدث أبدا....أشارت سيارا انه يمكن لنورا أخذ إجازة
نورا:شكرا لك أعدك لن اغيب اكثر من اسبوع
سيرا اشارت:لا يهم وداعا
نورا: إلى اللقاء ...سأترك مفاتيحى مع العم سام فى محل الكعك كما اعتدنا