أليقظة

43 3 3
                                    

*
                             ** أليقظة **

مرت عشرُ سنينٍ كأنها البرق…
انعطفت خلالها حياتي بالكامل،

من شابٍ  لا يهمه سوى نفسه الى رب لأسرة وزوج لأمرأة جميلة احببتها واحبتني وابٍ لأبنتين غمرتا قلبي بالسعادة،
شاهدتهما وهما تكبران يوماً بعد يوم، 
كنت بجوارهما مع كل حرف نطقتاه، مع اول كلمة (بابا) جعلتني انفجر من الفرح،
ما زلت اتذكر اول يوم مدرسة لأبنتي الكبرى وانا امسك يدها وهي خائفة تأبى الدخول بدوني،
لم انسى سقوط اول اسنان أبنتي الصغرى وبكائها معتقدة انها فقدته للأبد،
لا زالت لليوم تؤرقني فكرة زواجهما حين تكبران وكيف ستبتعدان عني،

عائلتي هي سبب قوتي وسبب بقائي صامداً،
اتعبتني الحياة احياناً لكني ما زلت اقاوم من اجلهم …

كسائر الايام عدت من عملي متعباً قليلاً،
استقبلتني زوجتي الحنونة بالترحيب، 
قرتا عيني أبنتاي تركضان نحوي وهما تطلبان مني ان احملهما، 
قبلاتهم تنسيني كل ما مررت به من تعب ومنغصات هذا وذاك،
جلسنا سوياً وتناولنا طعامنا كالمعتاد وتبادلنا اطراف الحديث الذي تتخلله كالعادة مشاجرات طفولية بسبب مكان جلوسهم على الطاولة مثلاً، او ايهما يكمل طعامه اولاً،
فهذه هي طبيعة الاطفال،

اردت بعد ذلك ان اريح جسمي قليلاً، فتوجهت الى غرفتي،
حالما استلقيت على سريري القيت بكل افكاري جانباً لكي اغفو،
وما هي الا دقائق وانا اغط بنوم عميق،
حلمت بأني جالسٌ على كرسي وبيدي البوم صور كنت اقلب به،
كانت صوراً لي مع عائلتي، وانا اطالع في الصور حدث شيء غريب،
زوجتي وابنتاي كانو يختفون من كل الصور الا انا، اصابني الرعب وانا اقلب كل صفحة واشكالهم تختفي من كل صورة واحدة تلو الاخرى،
كنت مفزوعاً مما يحصل لدرجة كبيرة، حتى سقط الالبوم من يدي على الارض،
لكني انتبهت الى شيء، صورة يخرج طرفها من احدى جوانب الالبوم،
سحبتها بسرعة ونظرت اليها،
لم يختفوا من هذه الصورة، لكن الغريب اني كنت متقدمٌ في السن وكذلك زوجتي في تلك الصورة، اما بناتي فقد كُنَّ شابات يافعات و تحمل ابنتي الكبرى بيدها طفلاً يبدو انه ابنها،
لم اجد اي تفسير لها،
بدأت اسمع صوت ينادي بأسمي،
صوت صار يخترق سمعي بصورة اعلى،
استيقظت مباشرة على نفس الصوت لكنه حقيقي هذه المرة، الا انه ليس صوت زوجتي ولا بناتي،
كان صوت اختي، فقد استطعت تمييزه بعد قليل وانا احاول ان افهم ما يحصل،
كانت تنادي "انهض يا كسول فقد جهز العشاء ونحن بانتظارك"
ما هذا!!!!! اي عشاء؟؟؟ اين انا؟؟
ربما اختي جائت لزيارتنا، هذا ما خطر على بالي بنفس اللحظة،
لكني ركزت جيداً في المكان الذي انا فيه لأرى نفسي لست على سريري،
كنت على سريرٍ اعرفه جيداً، انه سريري في بيت اهلي، في غرفتي القديمة تحديداً،
مهلاً…. ماذا افعل في بيت اهلي،
لقد كنت قبل ساعة في..........
انتفضت من مكاني مفزوعاً،
من جاء بي الى هنا؟ لقد كنت نائماً في بيتي، هذا اخر شيءٍ اتذكره بعد ان تناولت الغداء معهم،
خرجت من مكاني اتخبط في مشيتي كطفل يخطو اول خطواته و لا اعرف ماذا يحصل؟؟
كذلك جسمي كله كان يؤلمني كأني لم اتحرك منذ دهر،
نزلت السلم، انه سلم بيت اهلي، ياللعجب،
هل انا في حلمٍ داخل حلم ام ماذا؟
دماغي لا يستطيع ان يستوعب ما يجري الآن،
وصلت للمطبخ، واذا بهم فعلاً جالسين ينتظروني، ليسو زوجتي واطفالي من اتحدث عنهم، بل ابي وامي واختي،

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 24, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أليقظةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن