5

145 2 0
                                    

5-لاخلاص
************
وفي الأيام اللاحقة كانت تامي منهمكة في أعمالها , فلم يتسنى لها الوقت للتفكير في وضعها الصعب , كان مكتبها يقع في نهاية المزرعة , بعيدا عن وسط المنزل , أذا كان ريك هاتون في حاجة الى خدماتها , فلا يطلب منها أي علاقة أخرى خارج العمل.

كانت غرفتها تقع قرب غرفة الوصيفة الأسكتلندية , التي كانت تتناول وجبات الطعام الثلاث معها , أنها أمرأة قاسية أسمها السيدة موريس ,لم تمل اليها تامي منذ المرة الأولى التي شاهدتها فيها , شعرها الرمادي مرفوع بكعكة , ووجهها القاسي ينم عن النفور , غير أن تامي لاحظت أن المظاهر الخارجية ربما تكون خادعة , وسرعان ما لقيت عندها الروح المرحة والآفاق الواسعة في التفكير مما جعلها تستلطفها .

لم تكن ترى ريك هاتون الا في ساعات العمل , لكنه كان دائما يشعرها بوجوده المتواصل , أنه رب عمل دقيق متطلب ومبالغ في الدقة , وذلك يجعلها تشعر بالقلق وبعض الأنزعاج كلما أرتكبت غلطة بسيطة , كما كانت تطلق زفرة أرتياح عندما يتركها بعدما يكون قد أعطاها الأوامر كي تنفذها , هكذا هي المرأة العاشقة للخضوع!

كان مكتب تامي صغيرا ومضيئا , يحتوي على طاولة وكرسي ورفوف , وذات صباح أفاقت وراحت تعد الأيام المتبقية لها للأنتهاء من عملها في مزرعة ( الصخرة) , بقي خمسة أيام , أن أملها الوحيد هو العودة في أقرب وقت ممكن الى العمل عند السيد هامتون في مزرعة الحجر.
وذات صباح كانت تنظر الى مفكرتها الصغيرة عندما دخل ريك هاتون الى المكتب , قطب حاجبيه وهو يراها مستغرقة في أفكارها , رفعت تامي عينيها , وأخفت المفكرة.

لم يكن يبدو عليه أنه في عجلة ليتركها وحدها , وكالعادة لم يتصرف أتجاهها بلطف ورقة , أنما كان شديد التوتر وسريع الأنفعال , عرفت تامي أنه أستضاف مساء أمس أمرأة شابة على العشاء , ذلك ما أخبرتها به السيدة موريس , ووصفتها لها بالتفصيل قائلة بالحرف الواحد:
" أمرأة شقراء مكتنزة".
ثم هزت رأسها وهمست :
" أعتقد بأن الوقت حان ليستقر".

فسألتها تامي في لهجة ساخرة:
"أية أمرأة تستطيع أن تستوعبه؟".
" على العكس تماما , أنه رجل غني ووسيم وأنيق... وأعتقد أنه يتمتع أيضا بما يسمونه في أيامنا( الجاذبية الحسية)".
" يا سيدة موريس!".

أنفجرت الوصيفة في الضحك, وقالت:
" أنت محافظة أكثر مني!".
كانت تامي تنتظر بفارغ الصبر أن يترك ريك المكتب , أنه يعرف رغبتها هذه وهو يفتعل التأخير فقط من أجل أزعاجها , أنه يجد لذة في تعذيبها.
قال لها بلامبالاة:
" لماذا جئت الى هنا؟ لتجربي حظك؟ لتجدي زوجا ثريا؟ أليس لديك حبيب يريدك هناك في أنكلترا؟ أو أنك تركت رجلك المسكين فريسة الضجر؟".

أنه يتعمد أهانتها , ولم تعرف لماذا فكرت بجوناثان , لا أحد يشبه هذا الرجل المسكين الا هو , رمقت ريك بنظرة مليئة بالحقد , ثم قالت:
" في الحقيقة , هناك رجلان , وأنت تعرف ما يعني ذلك , الأنسان يتردد بين الثراء أو الحب والحياة , والآن بعد أن هدمت كل خطة كانت لدي في ما يتعلق بجيري , فعليّ أذن أن أفكر , للأسف! كنت فعلا قد أصبحت أميل اليه , آه , هناك طرائد أخرى , مثل أصحاب المزارع الأغنياء ... لقد سمعت بوجود رجل عجوز يعيش في شمال غرب البلاد ويبدو أنه ثري كبير , وهو في حاجة الى وصيفة".

دليلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن