1 - مالا نتوقعه!

11.3K 239 20
                                    

" دائما ما أعطتنا الحياة ما لا نرغب  و دائمًا ما أوقعتنا فى الصعاب فهل يستطيع الفرد التخلي أم يبقى أسير للواقع؟"

- الوصية هتتنفذ بس بشرط.
- شرط، شرط أي ؟
- تتجوزوا ولاد عمكم لمدة سنة .
صمت حل الأرجاء من الصدمة، ذاك الأمر بالفعل لم يكن فى الحسبان.
كانت النظرات هى السائدة بينهم يلتفت كُل منهم للأخر ليقطع ذاك الصمت أحدهم بنبرة لا تدعي الجدية:
- أنتَ دماغك فيها أي؟
بينما عبرت إحدهن عن رأيها:
- نتجوز مين؟ احنا بنطيق بعض أصلا.
أيدت الأخري رأي شقيقتها و هى تردد بتهكم:
- حضرتك أنا عايزة أرجع اسكندرية تانية أنا و أخواتي، مش هنقعد هنا على أخر الزمن معاهم يعني.
- على أساس الواحد دايب فى دابديكم يعني، مش عايزنكم هنا.
اشتد الحوار عقب تلك الجملة و أخذوا يتهاوشوا و قد قرروا على أن لا يتفقوا فما وجد سوى خيارين " الإتفاق و المال " أو " الإختلاف و الخسارة "
تحدثت أكبرهم " ريم " و هى تقول بغيظ:
- أنا عايزة ورثي و أكيد فى طريقة تانية، مش معقول إلِ بيحصل دة.
ليرد أصغر الفتيان "يوسف" قائلاً:
- عليكِ نور، أنا كمان عايز كدة و كُله عايز كدة، أقعدي بقا و خلينا نتصافى.
نظرت له الوسطى " سارة " بطرف عينيها قائلة:
- الأستاذ اا....مش عارفة اسمه بس هو بيقول صح؟
امتعض وجه "يوسف" قائلاً:
- تصدقي يا شيخة أنا غلطان، ما تولعوا ولا تتحرقوا بجاز أنا كان مالي و مال القرف دة، الله يسامحك يا جدي وقعتني مع تلاتة...مش واحدة لا.
اقترب أخاه الأوسط " عمر " و هو يهمس له:
- ولا...البت دي معقدة نفسيُا.
- أنهي دي؟
- إلِ اسمها سارة.
- ااة.
- اة أي؟
- قول كدة؟
- هو أنا اتكلمت.
- ولا أنا، بذمتك و دينك أنتَ عارف أنهي؟
- لا.
- أومال بتقول أة لية؟
- أومال أقولك لا و أطلع مبفهمش.
- لا قول اة، و بردوة هتطلع مبتفهمش.
- تسلملي يا رجولة.
وضع يداه على وجهه قائلا فى يأس ملاحق له:
- عمرك فى يوم يا عمر ما هتعقل أبًدا.
أعاد النظر للمحامي و هو يقول:
- مفيش حل تاني يا أستاذ دسوقي.
رد بجدية و هدوء:
- أنا مقدر موقفكم بس مفيش حل تاني.
تنهدت الأخت الكبرى " ريم " و هى ترتب حديثها على مهل:
- طب...يعني لو ممضناش، أي هيحصل؟
رد " مروان" بملامح هادئة و عملية:
- الورث هيضيع مننا كلنا.!
ردت " سارة " متأففة:
- شوفلنا حل أكيد مش هنقعد هنا!
رد "عمر" بنبرة ساخرة:
- حد قالك أنك قاعدة فوق رجلي دا أنتِ قاعدة فى البيت إلِ كل مصر تتمنى تقعد فيه.
رفعت حاجبها قائلة:
- هو أنتَ بتعزمني على ملكي؟
- أنتِ جاية طمع أصلاً؟!
- ما هو نفس الطمع هو إلِ مقعدك أصلاً؟!
- حد قالك أنك مستفزة؟
- حد قالك أنك مستفز.
كانت النظرات الحارقة بينهما تكاد تصهر بعضهما الأخر، لم يتحداه أحد و يتجرأ على الحديث بتلك اللهجة الكريهة و كذلك الأمر معها بينما تحدثت " ليلي " الصغري بولولة:
- حسبي الله يا جدي! حسبي الله!
ليرد "يوسف" بولولة هو الأخر:
- مكنش يومك يا يوسف و الله ما كان يومك، على الأخر الزمن تتجوز...البنت هتنتحر و هتضيع زهرة شبابها.
لتكمل " ليلي" هى الأخرى:
- اة...ياني و الواد خطيبي إلِ حفي عشان يخطبني كدة بح! دا هيموت فيها يا حبة عيني.
نظر يوسف و ليلي لبعضهما و هتفوا فى لحظة واحدة:
- احنا شكلنا داخلين على أيام سواد.
عم الصمت لدقيقتين ليبدأو فى الولولة مرة أخرى و تعالى الشجار بين سارة و عمر، و الوضع الصامت كان بين ريم و مروان و هما يتنقلان تلك النظرات الحائرة و يفكران فيما سيفعلان؟!
صاح المحامى بصوت عالي نسبيًا :
- يمكن هدوء لثوانى .
أنتبه الجميع له فأكمل هو قائلا بجدية :
- الجواز لمدة سنة واحدة، و بعد كدة هيتوزع عليكم الورث، و انتوا عارفين الورث دة يساوى ملايين .
رد "عمر" بغيظ و هو يحيل لها نظراته:
- حضرتك احنا لو قعدنا دقيقة يبقي خير و بركة .
أيدته "سارة" و هى تصوب تلك النظرات الحارقة له :
- نحن لا نتفق أبدًا!
عبر "يوسف" عن موقفه قائلا:
- احنا منعرفش بعض عشان نتفق!
أردفت ليلى بتأكيد :
- فعلاً
بينما علق مروان ببرود:
- فى ضرر لينا مش فايدة زي ما أنت فاهم!
أنهت ريم الحديث و هى تقول:
- شوفلنا حل تانى، الحل دة مش ماشي.
صاح المحامي مرة أخرى بصوت عالي:
-بس بقا، أية مصورة ماية و انفتحت.
و أكمل بجدية :
- أفهموا دة الشرط الوحيد عشان تأخدوا الورث بتاعكم، و لو موافقتوش على كدة هتروح فلوسه كلها للدولة و الجمعيات الخيرية، و مش هتأخدوا مليم واحد!
تنهدت ريم قائلة :
- محتاحين وقت نفكر، قرار زي دة محتاج وقت على ما أعتقد؟!
أكمل المحامي :
- جدكم عامل ليكم لغاية اليوم إلي بعده، و بعد كدة لو مامضيتوش على الوصية، كل حاجة بقيت ملك الدولة .
هتف يوسف بتساؤل:
- هو كتب دي أمتي ؟
- قبل ما يموت .
أردفت سارة بنبرة يأس:
- بس دة محتاج تفكير طويل؟!
هتف المحامي بجدية
- ليكوا لحد بكرة زي ما موجود فى الوصية!
علق مروان بتساؤل :
- و الورث دة عبارة عن أية ؟
أمسك المحامي العديد من الأوراق قائلا :
- القصور و الكام فيلا، و الشاليهات، و الدهب و الأراضي  كل إلي أنتوا عارفينه.
تنهد عمر قائلا :
- هنقولك بكرة عن رأينا.
قام المحامي من مجلسه قائلا:
- و أنا هستني .
خرج الشباب و توجهوا إلي غرفة والدتهم، و كذلك الفتيات.!
و كُل منهم يفكر فيما سوف ينقضي عليه فعله فى الأيام القادمة، فما أمروا به كان صعبًا لا يتراود على تلك المسيرة...و قد خبأ لهم القدر المستقبل المجهول و عم بتلك الخفية؟! فعسى القادم أفضل!

______________________

* فى غرفة والدتهم *

دخلت " سارة " الغرفة و هى تتحرك يمينًا و يسارًا و تشعر بالغيظ كان قد تمكن منها.
أردفت بغيظ :
- اة منه، شوفتي مستفز مش عارفة أعمل أية؟
هتفت " ريم " بهدوء :
- أهدي يا سارة مهما كان أنتِ أصلاً مسكتيش و كان ناقص تقتليه فأهدي بقا.
صاحت بغضب:
- هو خلي فيها هدوء دا مستفز! قال أي المحامي عايزنا نتجوز، يبقى بيحلم خالص!
هتفت صفية بهدوء :
- أهدوا و فهموني أية إلِ حصل؟
ردت ليلى بملل و هى تلعب فى هاتفها:
- أصل المحامي المجنون قال أن الورث هنأخده بس نتجوز ولا عمنا.
جعدت " صفية "ملامحها و هى تطالعهم بإستغراب:
- أية الكلام دة؟!
همت سارة كالقذيفة:
- أنا دمي محروق، الموضوع دة لا يمكن يتم؟! احنا بشر مش لعبة فإيد جدي و قت ما يحب يطلعنا يطلعنا و وقت ما يحب يقرفنا فى عيشتنا يعمل كدة؟!
أردفت صفية بهدوء :
أهدي يا حبيبتي و خلينا نشوف هنتصرف ازاى؟!
تنهدت صفية بعمق و هى تخشى أن يتكرر ما لا تتمناه و أن صياغة الماضى تُعاد؟!
تنهدت و هى تقول بهدوء:
هنزل أجيب مايه من تحت، و أعملك لمون يا سارة تهدي شوية.

______________

* فى غرفة والده عمر *
يتحرك عمر بغضب و شعور الغيظ يعتليه ولا يدرك ما يفعل مع تلك المستفزة التى تجرأت و تحدثت معه بوقاحة كما أعتقد ليردف و الغضب يعتليه:
- مستفزة...مستفزة...مستفزة، هقتلها من كتر الإستفزاز؟!
أردفت سعاد للتهدئته:
- أهدي يا حبيبي و فهمني؟
أردف عمر بغيظ :
- مستفزة أوى .
علق يوسف بملل :
- أنتَ إلِ مأفور على فكرة؟!
أكمل عمر بغيظ مكتوم:
- الواحد عايز يقتلهم خالص!
علقت سعاد بتساؤل :
- يمكن أفهم المحامي قال أي؟
ضحك يوسف بسخرية قائلا :
- قال نتجوزهم عشان نأخد الورث؟! و إلا بح!
ردت سعاد بهدوء:
- أنتوا قررتوا أية؟
تنهد مروان بهدوء و عملية:
- ردنا هيبقى بكرة؟!
تنهدت سعاد و هى تخشى أن الماضي يعيد ثغراته من جديد و أن ما بني فى ليالي من السهر و الجد و التعب سيفقد سريعًا.

__________________

هبطت للأسفل لتلتقي بصفية و تحتضنها قائلة:
- ليكِ وحشة يا صفية و الله.
لترد صفية بإبتسامة:
- الله يسلمك يا سعاد مش عارفة أقولك أي، بقالي كتير مشوفتكيش.
- تصدقي لسه صغيرة زي ما أنتي.
ضحكت بخفة قائلة:
- دا أنا عجزت يا شيخة مش شايفة الشعر الأبيض، البنات خلاص بيتجوزوا.
محيت الإبتسامة على وجه سعاد قائلة:
- خايفة إلِ حصل زمان يتكرر، أنا عارفة جدهم عمل كدة ليه؟؟
بس المفروض مكنش بالمنظر دة، و المفروض يعرفوا.
تنهدت صفية مردفة:
- أتمنى كله يبقى بخير.
انقطع الحديث عقب صوت الإرتطام ليهبط الجميع للأسفل ليروا ما يحدث؟

* صباح اليوم التالي *

- قررتوا أية ؟
كان ذاك صوت المحامى و هو ينظر لهم بهدوء و كأنه كان يعرف الإجابة بدون أدنى شك، بلفعل يعرف فمن الأحمق الذى يترك تلك الثروة من أجل شئ أحمق كما وصفه يقسم بأنه لو عُرضت عليه تلك الثروة و الزواج لكان وافق فى الحال و لكن قبل أن يكمل الحوار الكامن فى عقله استمع لصوت الجميع و هما ينظرون فيما بينهم و يردوا بعبارة واحد:
- لا ............



#فدوى_خالد.

#وصية_واجبة_التنفيذ

وصية واجبة التنفيذ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن