أستيقظت شادية على رنين المنبه كانت الساعة السابعة صباحًا كعادتها هى وصديقتها أو أختها فردوس كما تطلق عليها دائمًا، قد إعتادوا الإستيقاظ كل يوم للذهاب إلى العمل فى أحد مصانع الملابس الجاهزة في المحلة الكبرى، كانت شادية فتاة جميلة وذكية لكن كان طموحها عالٍ يكاد أن يطال السحاب التى في السماء، فكانت دائمًا متمردة على حياتها الفقيرة البائسة لكن كانت صديقتها فردوس الأكثر جمالًا ورجاحة عقل وواقعية شديدة، تهون عليها الكثير بكلماتها الرقيقة وقناعتها المُرضية التى تترسخ بداخلها.
نهضت شادية من فراش سرير صغير بالكاد يحملها هى وفردوس في غرفة صغيرة لا يوجد بها غير هذا السرير وشعلة صغيرة لعمل الطعام و بعد الأشياء الصغيرة الضرورية لها،نظرت الى ساعة المنبه ثم التفتت الى فردوس ساخرة .
_فردوس هى أستيقظي ،فردوس هيا لقد تأخرنا عن الوزارة التى نملكها.
تستيقظ فردوس وعلى وجهها المستدير والذي يشع بياضًا وملامح رقيقة وجذابة بإبتسامة رقيقة تميل إلى السخرية من حديثها دائم التمرد ثم تنظر لها قائلة وهى تضع يدها على فمها و تتثائب.
_نعمة وفضل من الله، ألسنا نأكل ونشرب وبصحة جيدة وقد منً الله علينا بفضله وخرجنا من دار الأيتام التى أخذت منا طفولتنا كاملة.
تُشيح بيدها شادية وهى تهم لدخول دورة المياه التى بالغرفة.
_كانت أيام مؤلمة في تلك الدار أتذكرين الشاويش عفت كما كانت تُطلق عليها الفتيات في الدار، يا الله لا أحب أن اتذكر هذه الأيام الكئيبة.
ثم تدلف الى دورة المياة وتبتسم فردوس وهى تحاول جمع شعرها الناعم الطويل المنسدل على وجهها وظهرها وتقول.
_بل كانت ايام جميلة وإن لم تخلو من بعض مرارة العيش فيها، لكن تكفي أنى تعرفت بها على أدهم وهذا يشفع للدار عندي.
خرجت شادية من دورة المياة وهى تجفف وجهها بقطعة قماش ثم تنظر لها معترضة.
_يا لك من حمقاء تخرجين من دار ايتام بحبيب افقر منك ويكافح مثلك على قوت يومه، وأنت جميلة وجذابة والكثير من الرجال يتوددون لك ويتمنون رضاكِ، سوف تعيشين فقيرة وتموتين فقيرة أما انا فلا احب غير الرجل الذي يُغدق علي بالهدايا والأموال أما غير ذلك فحماقة كبرى،
_المال ليس كل شيء ولا يشتري السعادة والحب،انا أعشق أدهم ووجوده معي يغنيني عن أي شيء،ولم يبقى غير شهرين وأترك لك الغرفة وأتزوجه وأستريح منك ومن عقلك التافه.
شادية ساخرة منها وهى ترتدي ملابسها بينما دلفت فردوس إلى دورة المياه.
_تتركين غرفة لتعيشي بغرفة اخرى فقط! ما الجديد بحياتك؟!
ولكن ماذا أقول مرآة الحب عمياء.
ثم تصمت لحظات وتفكر في كلمات فردوس التي مست قلبها فشعرت بالحزن وقالت.
_كم أحمل هم ذلك اليوم الذي تتركيني فيه أنا لا أستطيع العيش من دونك أنت صديقتى منذ نعومة أظافري لم أعلم لي اخت او أهل لي غيرك..
خرجت فردوس وأحتضنتها بشدة ورتبت بيدها على ظهرها قائلة.
_لن أتركك حبيبتي سوف أكون بجوارك دائما حتى أزوجك وأطمئن عليك، هيا بنا نذهب الى العمل .
مر اليوم وخرجت فردوس مع صديقتها بصحبة أدهم الذي يعمل معهم في المصنع،وذهبوا لشراء بقية ما يحتاجه عش الزوجية الصغير.
أدهم شاب طويل مربوع ذات ملامح حادة مفعم بالنشاط والحماس.
مر الوقت وتزوج أدهم من فردوس ولكن مع غلاء المعيشة و قلة أجرهم في المصنع قرر أدهم البحث عن فرصة عمل أخرى، وفي أحد الايام أخبره صديقه الاسواني الذي يعمل بالمصنع عن فرصة عمل بالقاهرة مع أبن عم له يعمل في بيع المواد التموينية
لم ينتظر كثيرًا وسافر على الفور إلى القاهرة لمقابلة أبن عم صديقه الأسواني وفى حي السيدة زينب كان يقطن عثمان شاب اسمر شديد السمار من محافظة أسوان شب على أصالة وطيبة أهلها أشتهر في الحي بطيبة القلب وحُسن الجوار وتدينه في معاملاته سواء البيع والشراء او العلاقات الشخصية،
ظل أدهم يسأل حتى أخذ بيده طفل وأوصله إلى عثمان، حيث دكانه الصغير والذي يصطف أمامه الكثير من الناس لشراء ما يحتاجونه من زيوت وسكر ومستلزمات البيت، ألقى عليه أدهم السلام
وأخبره بخبره،فرحب به بشده وأكرمه وأخبره بطبيعة عمله وأجره، وأخبره أن لا يحمل هم السكن فلديه غرفتين أعلى المنزل سوف يجهزهم له و لزوجته، لم يصدق أدهم أن بهذا الزمان شخص بطيبة ونبل عثمان الأسواني.عاد أدهم الى المحلة ليأخذ فردوس وينتقل بها إلى القاهرة وبالفعل جمعوا أغراضهم وهموا بالرحيل وهنا كانت لحظات مؤثرة بين فردوس وشادية حيث تبادلا العناق وأشتد البكاء فهذه المرة الأولى التي تفارق فردوس شادية، إتفقتا على تبادل الزيارات من حين إلى أخر، وبعد لحظات مؤثرة للغاية رحل أدهم وفردوس إلى القاهرة، رحب بهما عثمان كثيرًا وصعد بهما إلى شقته،حيث أستقبلتهم إحسان زوجة عثمان فتاة ذات ملامح هادئة وبشرة سمراء جميلة متوسطة الطول، عندما تراها من الوهلة الاولى تشعر بطيبتها الشديدة،رحبت بهم كثيرا فشعرت فردوس براحة شديدة من حرارة الإستقبال والكرم الشديد.
بعد ذلك تم تجهيز الغرفتين فوق سطح المنزل للسكان الجدد وأعدت إحسان الطعام لهم.
مر اليوم على افضل ما يكون وفي اليوم الثاني بدأ أدهم العمل مع عثمان،فلم يجد منه الا الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، وصعدت إحسان الى فردوس لتجلس معها وتزيل رهبتها من المكان كعادة اي شخص يسكن في مكان جديد، ليس له صديق يواسيه أو قريب يحميه، مرت الايام وكان أدهم نعمُ الأجير والصديق المخلص لعثمان،وكذلك زوجته مع زوجة عثمان،وفي أحد الأيام كانت فردوس مع إحسان تساعدها في إعداد الطعام فقد كانتا لا يفترقتان إلا عند النوم وعودة ازواجهن،لكن فجأة شعرت فردوس بالدوار وسقطت على الأرض، صرخت إحسان وحاولت أن تحملها. لكن لم تسطيع،فهرولت الى النافذة ونادت على زوجها وأدهم بسرعة الصعود.
صعدا على عجل وأخذها ادهم وإحسان الى مستوصف طبي قريب من دكان عثمان.وبعد الكشف والفحص عليها، اخبرهم الطبيب أن فردوس حامل.
كانت مفاجأة سعيدة للغاية. وبسرعة احتضنت إحسان فردوس وقالت لها: مبارك عليك يا حبيبتي انا سعيدة لك للغاية.
نظرت لها فردوس وهى سعيدة لكن تذكرت أن إحسان متزوجة من عثمان منذ فترة وقبل زواجها فخشيت أن تفرط في سعادتها فتحزن إحسان على تأخر حملها،حينها ابتسمت إبتسامة على حذر وقالت: الحمد الله يا حبيبتي السعادة الحقيقية عندما يرزقك الله انت وعثمان بالخلف الصالح،قريباً إن شاء الله.
كانت إحسان ذكية لماحة فطنة للغاية،شعرت أن صديقتها لا تريد أن تجرح مشاعرها برد فعل تلقائي
فوضعت يدها على وجنتي فردوس وقالت برفق: كل شيء بأمر الله انا لست متعجلة الأمر هى حبيبتي لنعود إلى البيت. لم تمضي سوي بضعة ايام حتى جاء الخبر أن شادية صديقة فردوس مريضة للغاية،هنا قررت فردوس أن تعود إلى المحلة لكي تكون بجوار رفيقة دربها وصديقتها، لقد كان ألامر شاق عليها وأقترح الجميع أن تبقى هى ويذهب أدهم كى يطمئن عليها ثم يعود لكن لم توافق فردوس وأصرت على السفر، على وعد أن يعودا بسرعة إلى عثمان وإحسان ريثما يطمئنان على شادية.
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن،كان مرض شادية مرض خطير. ظلت مريضة طريحة الفراش قرابة السبعة أشهر ولم تقدر فردوس أن تتركها ومن ثمة لم يستطيع أدهم العودة الى عثمان، مرت الايام ووضعت فردوس طفلتها الاولى ( قمر )، فقد كانت جميلة للغاية وتشبه الى حد كبير فردوس، وقد كانت بشارة طيبة من الله تم شفاء شادية وصارت افضل من قبل، وهنا قرر أدهم السفر الى عثمان والعمل معه مرة اخرى،
لكن تبقى بضعة اشياء يجب ان يقوم بها أدهم، وقبل السفر بيوم واحد تركا أدهم وفردوس قمر لشادية وذهبا لقضاء بعض الاوراق المهمة لقمر . ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان.
ترى ماذا حدث ؟!
تابعوني
أنت تقرأ
بنت الحرام
General Fictionفتاة يتيمة يقوم بتربيتها صديق والدها بعد وفاة والدها ووالدتها ولكن تكبر وتكتشف انها ليست ابنتهم ويطلق عليها الناس بنت الحرام