الفصل الثاني "وماذا بعد!"

32 3 3
                                    

"اه طلقني منه ي باشا وانا كفاية عليا اخدم اللي رباني"

قالتها "آمنه" بقلب مجروح و صوت مبحوح تطلب منه في صمت خلاصها من براثن تلك الزيجة، لبىٰ الآخر في هدوء طلبها قائلا :

"شيعي لسعيد يجي يكلمني يا فاطمة"

صوت غلق الباب كان آخر صوت دوي في تلك الغرفة ليعم بعدها هدووء مُريب، كسره الباشا مطمئناً اياها :

" هتفضلي قعدة هنا الاوضة بتاعتك موجودة، ملكيش دعوة بالست هانم ولا بابني البكري رفعت ولا اي مخلوق هنا"

بمجرد إنهائه كلماته المحذرة حتي دق الباب مرة أخرى يتبعه دخول عم سعيد قائلا بحماس زائد :

"تحت امرك يا باشا"

"عايزك طوالي تناديلي فتحي بتاع المقشات.. عارف مجايبك طبعا"
أنهى حديثه بحزمٍ ساخر، ليلبي الأخير طلبه بضيق متمتماً : "هبَّبت ايييه يا زفت "

..........................................
قبل أذان الظهر

" انا مليش دعوة بيك ولا عايز اعرفك... سامع انا ورايا ولايا عايز اربيهم يا فتحي "

قالها عم سعيد بقلق وهو يلج من باب السرايا يتبعه ذلك الفتحي الهمجي ووجهه يعلوه ألوان عدة حتي ضاعت ملامحه الاصلية القاسية وانقلبت لأخرى خائفة متوعداً لتلك الآمنه التي واشت به للباشا.

*داخل مكتب الباشا *
جلس فتحي على احدى الكراسي المقابلة لمكتب الباشا و كان قد سبق و أتي شيخاً وقوراً صديق مقرب للباشا و ذو منزلة بين أهالي العزبة فجلس على الكرسي الآخر المتبقي... في حين وقفت "آمنه" تخفي وجهها خوفا من نظرات ذاك "الهمجي" ، و احتماءً بهيبة "الباشا"، اقتربت أكثر من الاخير كلما زادت نظرات الأول نوحها حدة وتوعد، افتتح "الباشا" الحديث بنبرة طغى عليها ندمه لكونه سبب في زيجتهم :

"زي ما جيتني يا فتحي تترجى جوازك من آمنه، زي ما جبتك علشان نفضها بالمعروف.. "

حاول فتحي _هبائاً_ و بتبجح رفضه لذاك الأمر الخفي قائلاً :

"انت مش هتجبرني يا باشا اطلق مَرااتي.. مكنش ليه لزوم تجيب شيخنا على ملا وشه"

لم يحبذ "الباشا" بهيبته تلك أن يتبجح همجي مثله أمامه، بعد أن كان يتوسله جاسيا على ركبتيه حتى ينال زواجه منها ، يجلس الآن رافعا رأسه دون النظر إليه يرفض طلاقها لذلك ودون تردد قال "الباشا" :
" هتاخد عشرين جنيه... و تطلقها "
صُدم الآخر واتجهت  نظراته إليه و تفكيره فيما يمكن أن يقوم به بتلك ال "عشرين جنيه"... في أقل من لحظة تحولت نظرته من التبجح الي أخرى لامعة، لتنكشف اطماعه امام نفسه وهذا ما أراده "الباشا".

تم الطلاق... لم تسعها الدنيا من كثرة ما شعرت به من حرية... أطلق سراحها وأخيراً... ليست في حاجة لنظرات الشفقة من النساء حولها.. وكلماتهن الهامسة والتي كانت تسمعها كأجراس عاليه تطن في اذنها... ليست في حاجة لرؤية النساء يخفين أبنائهن عنها خشية أن تحسدهم، ستظل حبيسة تلك السرايا تحتمي بها و بمن انجدها.

المكتوب ع الجبين /مايا عباسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن