اجابات

68 11 28
                                    

الحب، الخوف، الرضا، مشاعر نشعر بها منذ الولادة، منذ الصرخة الأولى، من او لحظة نستنشق فيها حنان صدور امهاتنا وامان كفوف ابائنا، مع أول نسمة تداعب وجوهنا، وأول لون يلون حياتنا، مع اول همسة نسمعها وحتى الليل بظلامه نعشقه، ونحب الشمس التي تلفح وجوهنا بسمرة حرها وتكشف لنا عن خبايا حياتنا،ونخاف حتى من مشاعرنا كل ما اكتشفنا شيئا جديدا نخشاه حتى اذا ما اعتادت عيوننا وعقولنا وقلوبنا عليه اصبح له من قلوبنا نصيب، ونرضى بما هو لنا ليس خنوعا وليس يأسا ووليس رغما عنا، نرضى بابتسامة صافية، بقلب يفتح ذراعيه لما هو آت فان كان سكينا تلقاه وان كان وردة اشتم عبيرها.

مازال ريان غائبا يسمع دعواتهم ولكنه لا يجيب، يشعر بقلوبهم تتمزق ولكنه لا يرتقها، يسمع حديث الذكريات من كل واحد منهم ولكنه لا يشاركه الابتسام، كان يسبح في ظلام دامس ولكنه فجأة وجد نورا يضيئ ظلمة رقاده وطريق محفوف باشجار من الفاكهة والزيتون يقف في نهايته رجل يحمل في ملامحه طيبة الاب وشموخ المحارب اخذ بيده، ربت على كتفه، رحب به وجالسه يخبره عن حياته الماضية، الاسئلة تتناوش عقله من انت، ابتسم الرجل وقال له انظر هناك هل تراها تجلس صامتة مليئة بالحزن، هذه هي مهمتك ما زلت لم تنجزها، لم تخرجها من حزنها لم ترح قلوب تتألم عليها،
نظر له ريان متسائلا: هي مين؟ هلاقيها ازاي؟
الشيخ بابتسامة: استفتي قلبك.

اختفى كل شيء عاد الى ظلامه، ولكنه يسمع اختلاط الاصوات يزداد صرخات احدهم بسرعة، بسرعة، ضربات قوية تضرب جسده وعودة ذلك الطنين النابض الذي اعتاد عليه منذ بداية غيابه في الظلام.

اما كفاح وكريم فقد انسحبا بهدوء حتى وصلا الى مكان سلام، نظر اليها كريم: ابنك بين الحياة والموت مبسوطة دلوقتي، يا رب تكوني مستمتعة وانتي شايفة ولادك جاهزين للموت مستعدينله وبيتسابقوا مين يموت ويحمي اخواته.

كفاح: مش مهم انتي حاسة بايه المهم انك لازم تديلي اجابة على كل اسئلتي وفورا.

كانت تنظر اليه يكاد قلبها يتوقف من الرعب ولكنها ميتة لا محالة فان قالت ما تعرفه سيقتلها هؤلاء، وان لم تتكلم ماتت من العذاب على ايدي ابنائها، انفاس طويلة متتالية تزفرها وكانها تستعد لرحلة طويلة من الجري، وبدأت في سرد الحكاية منذ البداية.

سلام: انا كنت بنت جميلة جدا، جمالي ملفت للنظر، في يوم اتعرفت على شاب وسيم جدا بس شايف نفسه، عاملني كأني بنت عادية مكنش بيحاول حتى انه يبصلي، طريقته استفزتني، خلتني عايزة الفت نظره بأي طريقة، وبعد محاولات كتير لفت نظره وابتدينا نتكلم ونخرج، بس كان دايما بيحاول انه يبعد عن المحيط اللي انا فيه بحجة انه خايف يحصلي مشكلة، وانا كان عاجبني الموضوع، خصوصا انه كان بيعرفني على دنيا جديدة عمري ما عشتها، وبيرضي غروري اني قدرت اوقع الشاب الوسيم المغرور اللي شايف نفسه، لحد ما في يوم طلب يقابلني فنزلت روحت قابلته، لقيت شكله مختلف عن اخر مرة شوفته فيها واللي كانت قبل يومين، مكنش شاب وسيم وخلاص، كان راكب عربية حديثة جدا ومعاه عربيات حراسة وقاعد في مكان واضح انه ملكه، ما انكرش اني انبهرت بكل دة، ولما قربت منه لقيته بيقوم وبيقولي يلا بينا، قلتله على فين، قالي هعرفك بأهلي.

من هنا انقلب كل شيء الحكاية معادتش شاب وبنت معجبين ببعض اتنقلت لحتة تانية عمري ما كنت اتخيلها، بس اللي شفته خلاني انبهر، خلاني اقول ليه ما ابقاش كدة، في الليلة دي اتعرفت على البرفيسور، او الدكتور عزيز.

فتح كريم عينيه على اتساعهما، وهو يشعر بالالم والدهشة والخيانة مرة بعد مرة ، نظر اليها وهو يتكلم بكلمات اقرب الى الهذيان، كل حاجة كانت تمثيلية، من الاول خالص، من البداية وانا عروسة بتحركيها بحبال طمعك، من اول لحظة، يعني الدكتور عزيز مش ابوكي، وحازم هو صح هو الشاب الوسيم اللي انا خدت بواقيه تحت شعار البنت المسكينة اللي ضاعت بسبب قلة الحيلة وديابة الليل،

حاول كريم ان يرفع يده ليصفعها، ليرد القليل من تلك الصفعات التي تلقاها منها منذ ان دق لها قلبه ولكنه لم يستطع، انا يحركها من مكانها، لم يستطع ان يرفع تلك اليد التي طالما رفعها لربت على كتف احدهم او يهدهد الآخر، او يمسح دمعة غادرة تحاول حفر خنادقها في وجوه اطفاله، كأن الله يخبره ان اليد التي تحنو لن تقسو ابدا،

ركض اليه كفاح يضمه اليه ينظر اليها بعينيه القوية: زيدي على حساباتك حساب جديد.

اخذ والده عائدا الى المشفى ليجعل احد الاطباء يرى ما به، وعندما وصل وجد مشهدا  يكاد من روعته ان يكون نسجا من خيال، كانوا جميعا يقفون تصاحب ابتساماتهم امطار من الدموع، وياسر يقف بينهم يدور عليهم واحدا واحدا يخبره انه عاد ذلك الغائب في ظلامه عاد كان ياسر يدور حتى رأى كفاح فركض اليه كطفل يركض الى احضان والده: فاق يا كفاح مش هبقى يتيم تاني، الدنيا مش هترضبني بالقلم تاني، خلاص فاق، فاق ومش هيسبني تاني، هيرد عني ظلم الدنيا، هيمسح الوجع ويرميه، خلاص فاق، كان يجري هنا وهناك كطفل يتراقص ويعبث تحت المطر.

اما في الداخل كانت تناوله دواءه بهدوء تحمل في عينيها حزن لا يراه الا من شعر به، كان يراقبها بهدوء لفظ من بين المه انتي مين؟ قالت : الممرضة.

في الخارج كان الجميع يحتفل حتى كريم منع كفاح من ان يخبرهم بامر يده، ابتسم لهم يحتفل معهم،يحتضن ياسر الذي عاد الى سن الخامسة عاد ذلك الطفل المرح الذي تسعده قطعة حلوى وتحزنه كلمة جافة.

هل الشتا وقفل البيبان عل البيوت
وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت
في حاجات كتير بتموت في ليل الشتا
لكن حاجات اكتر بترفض تموت
وعجبي ( صلاح جاهين)

هذه هي بداية الاجابات، وبداية الرحلة لاعادة الحقوق واخذ الثأر. 

رحيل من والىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن