١٧. عدوٌ وحليف

29 3 0
                                    



جلس الثلاثة، شاسار وإيّان ويوتانا، فوق السور الذي يحيط بالقلعة، والذي أضيف له ممرٌ ضيقٌ يرتفع بارتفاعه يسمح للحراس بمراقبة ما يجري خلفه وتحذير القلعة من أي خطرٍ قريب.. سكنت أجساد الثلاثة سكوناً تاماً، فيما انطلق كل فردٍ منهم في اتجاهٍ مختلف بالعين الثالثة تحملها الطيور المختلفة.. بالطبع، عارض إيّان وشاسار رحيل يوتانا بدورها للبحث عن تاداني، لكنها لم تبذل مجهوداً كبيراً لإقناعهما.. فقد قالت ببساطة "وما الذي تخشيانه عليّ أكثر مما جرى؟.. ثم إن مشاركتي في هذا البحث سيقلص من الوقت الذي سنستغرقه قبل العثور عليها.. وهذا يعني تسريع عودتنا لأرض الملاذ.. هذه صفقةٌ رابحةٌ لنا من كل الجوانب.."

وهكذا، انطلق الثلاثة عبر السماء في اتجاهاتٍ مختلفة بحثاً عن أثرٍ من العرافة أو دليلاً يدلّ عليها.. فبينما اتجهت يوتانا شرقاً تبحث بين المدن والقرى المهجورة القريبة من الغابة، واتجه إيّان غرباً متجاوزاً الغابة القريبة نحو مناطق لم يروها قبل الآن، فإن شاسار قد عاد لقرية الصيادين شمالاً لعلّه يتمكن من العثور على أثرٍ يدله في أي اتجاهٍ اتجهت العرافة تاركةً يوتانا خلفها قرب الشاطئ.. كانت الأمطار التي تساقطت بغزارة قبل ليلتين قد محت أي آثارٍ للعرافة أو أثراً من رائحتها، لذا اعتمد شاسار على عيني النسر الذي حمل عينه الثالثة ومسح الشاطئ متجهاً نحو الغرب بحثاً عن أي تجمعٍ للغيلان..

ظل شاسار يحلق متخذاً الشاطئ ركيزةً لبحثه، ومر بعددٍ من القرى المهجورة وبعض المدن متوسطة الحجم والتي تحصنت بعدة أسوار ومختلف الوسائل لحماية ساكنيها من غزو الغيلان.. لم يعثر شاسار على أي اختلافٍ يبدو واضحاً في هذه المناطق، لذا بعد تسارع الشمس نحو مغيبها عاد للقلعة ولجسده ليجد يوتانا وإيّان قد سبقاه بالعودة وتبادلا أخبار ما عثرا عليه بانتظار عودته هو الآخر..

لم يعلق جادا على فشل بحثهم هذا اليوم، ولم يستسلم الثلاثة مع فشل المحاولة الأولى بل زادهم هذا إصراراً على توسعة رقعة البحث لجوانب أخرى..كان خوفهم على أرض الملاذ دافعاً لهم للاستمرار.. ولكن جهودهم قد آتت ذات النتيجة في اليوم الثاني والثالث.. وانقضى اليوم الرابع دون نتيجةٍ تذكر..

عادت يوتانا لجسدها في اليوم الرابع بعد جولةٍ فاشلة لم ترَ فيها أي تحركاتٍ مشبوهة، ولم تتحرك من موقعها قرب السور وهي تزفر بقوة وتراقب الغراب الذي طار مبتعداً بعد أن زالت سيطرتها عليه.. فسمعت صوت شاسار يتساءل "هل خابت مساعيك هذه المرة أيضاً؟"

التفتت إليه فلاحظت أنه لا يزال على وضعيته السابقة ولم يفتح عينيه، مما دلها أن عينه الثالثة لا تزال بعيدةً عن جسده لكنه كالعادة قادرٌ على معرفة ما يدور حوله وعلى مخاطبة من قربه دون عوائق.. نهضت يوتانا واستندت على السور قائلة "خطؤنا أننا لم نباشر البحث عنها منذ رحيلها، بل استسلمنا للسجن يومين كاملين مكّناها من الانطلاق بعيداً بحيث لا نطالها بأي صورة.."

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن