٤. بشرية

63 4 0
                                    

استيقظت ساما دفعة واحدة وقد عادت لها ذكريات ما جرى قبل فقدانها لوعيها.. بدا لها في تلك اللحظة أنها تستيقظ فزعة بشكل دائم في الآونة الأخيرة.. لكنها لم تتوقف عند هذه النقطة وهي تتلفت حولها بقلق ملاحظة ذلك الدثار الذي صنع من جلد أحد الحيوانات وقد ألقي عليها وهي نائمة.. كانت في تجويف صخري أصغر من أن يكون كهفاً، لكنه يسمح للجالس فيه بالاختفاء عن الأنظار البعيدة.. وأمام التجويف، رأت النهر القريب ومياهه تجري بقوة واندفاع ملامسة جانباً ضيقاً من الأرض الصخرية يسمح للقادم بالوصول للتجويف دون الخوض في المياه..

بنظرة أخرى للمكان أدركت أن شخصاً ما قد سكن فيه.. ففي جانب رأت رماداً وخشباً محترقاً دليلاً على نار أشعلت في وقت سابق.. ووجدت متاعاً قليلاً في بعض الجوانب لا يتعدى بعض الملابس ومعطفاً سميكاً، كما وجدت بقايا بعض الطعام في جانب آخر، وأغلبها عظام تم تجريدها من اللحم بالإضافة لبعض الفاكهة غريبة الشكل..

توجست ساما لوهلة لمرأى العظام، وراودها خاطرٌ أن يكون من أحضرها لهذا الموقع يبغي التهامها.. ولم يكن ذلك غريباً بعد كل الحكايات التي سمعتها من الحكيم ومن مالو، وبعد المواجهتين اللتين التقت فيهما ذلك الكائن المسمى هاربي..

نهضت ورمت الدثار جانباً، وهرعت محاولة الهرب قبل عودة صاحب هذا المكان.. وعند المدخل حيث صوت المياه العالي يصمّ أذنيها عن سماع تلك الخطوات التي تقترب، اندفعت ساما خارجة لتجد نفسها ترتطم بشخص ما بقوة أسقطتها للخلف.. رفعت بصرها للأعلى بشيء من الارتعاب، لترى رجلاً طويل الجسد بشكل اضطره للانحناء وهو يدخل المخبأ متسائلاً "أأنت بخير؟"

لم يكن منظره يريحها كثيراً، لكنها اطمأنت قليلاً لكونه بشرياً مثلها.. فهيئته عادية، عدا عن شعر أبيض غريب المنظر، لكنه لا يملك أذناً مدببة ولا أصابع مخلبية وقطعاً لا يملك ذيلاً يتدلى خلفه.. اقترب الرجل وركع أمامها قائلاً بهدوء "لا داعي لهذا الارتعاب يا فتاة.. فأنا لن أؤذيك.."

نظرت له ساما بصمت وقلق شديد، ثم وجدت عيناها تلتفتان بشكل لا إرادي نحو كومة العظام جانباً

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

نظرت له ساما بصمت وقلق شديد، ثم وجدت عيناها تلتفتان بشكل لا إرادي نحو كومة العظام جانباً.. وكأنها تحاول التأكد من صدق قوله رغم ما تراه.. ففهم الرجل نظرتها بشكل خاطئ وهو يقول "أأنت جائعة؟.. لابد أن تكوني كذلك بعد الوقت الطويل الذي قضيتِه فاقدة للوعي.. من حسن الحظ أنني عثرت عليك قبل أن يجدك كائن آخر ويلتهمك.."

طريق الأطيافحيث تعيش القصص. اكتشف الآن