لحظات فقط فصلت ما بين ظهور سفينة (أنصاف الرجال) وما بين اتخاذ أوس القرار بالتصرف السريع.. لحظات كانت أثمن مما يعتقد، وهو يمسك يد ساما بقوة هامساً "علينا أن نهرب.. تمسكي بي جيداً.."
لم تعرف ساما كيف سيفعل ذلك وما الذي عليها فعله، وقد ازداد رعبها مع اقتراب السفينة وتمكنها من رؤية من عليها بوضوح أكبر.. فيما بدأ الجنود على تلك السفينة بتوجيه أسلحتهم نحوهما بتهديد واضح والسفينة تقترب بيسر من الضفة القريبة.. لكن أوس لم يتمهل وهو يرى تيما تفلت من الشباك وتبدأ تسلق المنحدر مختبئة خلف الصخور الكبيرة، عندها استدار أوس بدوره وهو يحمل ساما ويضعها على كتفه متسلقاً المنحدر بشكل متعرج وخطوات خفيفة وواسعة..
فور ارتقائه ذلك المنحدر، فوجئ برؤية عدد آخر من الجنود يقتربون منه محاولين تطويقه، ويبدو أن السفينة قد أنزلتهم للضفة في وقت سابق ليتمكنوا من تطويقه ومنعه من الفرار بساما.. فلم يتمهل وهو يقول لساما بتوتر "تمسكي بي يا ساما ولا تفلتيني.."
نظرت له ساما بحيرة في كيفية الاستجابة لهذا الطلب، فهو يحملها على كتفه حملاً.. لكنها بعد ذلك وجدته ينحني أرضاً وجسده يتحول بسرعة كبيرة ليتشكل بهيئة ذئب الرىبال.. ولما وجدت الفرو الكثيف يظهر بغزارة تحت يديها، سارعت ساما للتمسك به وهي تحاول البقاء على ظهره ما استطاعت.. وسرعان ما سمعت صوت طلقات نارية شقت الهواء وضربت الأرض عند قدمي أوس، لكنه لم يتمهل للحظة وهو يقفز قفزات متتابعة جانبية ويحاول الإفلات من هذا التطويق بسرعة ركضه وخفة جسده..
لم يبدُ الرجال مندهشين لرؤية ذئب من (الريبال) أمامهم، ولم يبدُ عليهم أي ذعر أو قلق وهم يقفون في وجهه في دائرة محكمة الإغلاق.. نظرت ساما للبنادق بقلق وهي تحاول أن تخفي رأسها بين كتفي أوس، فيما لم يتردد هو في الاندفاع نحو جانب الدائرة حيث واجهه أحد الجنود ببندقيته، فقفز أوس قفزة جانبية سريعة قبل أن يندفع نحو الجانب الآخر مشتتاً الجندي.. ثم بضربة قوية من قدميه الخلفيتين قفز نحو الجندي ومخالبه ترتطم بصدره، فأسقطه وسقط فوقه وهو لا يتردد في ضربه ضربة قوية على عنقه..
فور سقوط الجندي، انثنى أوس مستهدفاً جندياً آخر، لكن قبل أن يصِل إليه وجد طلقة من الشباك ترتطم به وتلقيه مع ساما خلفاً بعنف.. أطلقت ساما صيحة مع مفاجأة سقوطهما أرضاً، لكن أوس أسرع لتفادي الموقف بضرب الشباك بمخالبه وتقطيعها فيما صاح أحد الجنود لرفاقه "حاذروا من إصابة الفتاة.."
أثار هذا تساؤلات في نفس أوس للهدف الذي لأجله جاء الجنود بحثاً عن الطفلة وهم حريصون على حياتها.. ولكنها كانت فرصة كذلك للهجوم بكل قوة وهو مطمئن أن الجنود لن يقوموا بالرد عليه بتهور مادامت الطفلة معه.. لذا لم يتردد في القفز على أحد الجنود مطبقاً على عنقه بفكيه، عندما فوجئ بآخر يضربة بعقب البندقية بقوة في بطنه رمته خلفاً رمية عنيفة.. فكان من نتيجة سقوطه أن أفلتته ساما رغماً عنها وجسدها يتقلب عدة مرات قبل أن تستقر أرضاً.. ركض أوس نحوها لاستعادتها، لكن عدة طلقات استهدفت المنطقة بينهما قد جعلته يحجم لوهلة فيغيّر طريقه ويقفز على جندي آخر محاولاً الخلاص منه.. قدّر في ذهنه أنه يستطيع الخلاص من هذه الفرقة بسرعة قبل قدوم فرقة أكبر من السفينة والقبض على ساما.. فصاح بساما وهو يضرب جندياً بمخالبه "اهربي.."
أنت تقرأ
طريق الأطياف
Fantasíaطفلة هاربة، تسلك طريقاً لم يسلكه البشر قط.. لتجد نفسها في عالمٍ لا تدري ما ينتظرها فيه.. ولا ما يراد بها.. تجد نفسها مطمعاً لكائناتٍ لم تسمع بها أو ترها قط.. ولا تجد إلا مذؤوباً يحميها، ويسعى لإنقاذها من كل ما يتهددها.. فما سبب قدومها لهذا العالم؟...