تلك الليلة، غادرت سولينا للصيد تاركة البقية يعسكرون في المكان تأهباً لقضاء الليلة في العراء.. كانوا قد وصلوا لنهاية الغابة، حيث عسكر جاد مع الكاهنة قريباً منها بانتظار صباح اليوم التالي.. فيما فضّل أوس ورفاقه قضاء الليلة وسط الأشجار التي قد تخفيهم عن عيني الكاهنة وعن إحساس جاد المرهف بوجودهم.. وللسبب ذاته، اضطروا للاكتفاء بقضاء الليلة دون إشعال النيران لئلا يجذب ضوؤها أو رائحة دخان الأخشاب الانتباه إليهم..
وبعد مرور بعض الوقت، كانت تيما تتذمر بالفعل وهي تفرك ذراعيها بحثاً عن بعض الدفء "ما فائدة ما نفعله هذا كله؟.. البرد شديد هنا، وفوق هذا نحن مضطرون للبقاء دون نيران تدفئنا.. أتنوي قتلنا جميعاً؟"
قال أوس "لا أريد جذب انتباه ذلك الرجل.. سيحاول الهرب بها فور إدراكه لوجودنا، وأنا أريد تفادي هذه اللحظة قدر استطاعتي.."
فقالت تيما بحنق "لمَ لا تبقَ أنت لمراقبتهما طوال الليل ونعسكر نحن في موقع أبعد؟.. أكاد أتجمد من البرد يا هذا.."
علق إيار في تلك اللحظة "هذه فكرة جيدة.. لو تعمقنا في الغابة، فلن يلتقط الغول رائحة النيران بسهولة.. ويبقى شخص واحد لمراقبة الطفلة حتى الصباح.."
سمعوا صوت جسد يرتطم بالأرض، ولاحظوا سولينا التي اقتربت رامية صيدها قربهم وهي تقول "هذه فكرة جيدة.. لكن من سيقدر على مراقبتهما طوال الليل؟.. هذا عسير خاصة مع ذلك المجهود الذي بذلناه طوال النهار في ملاحقتهما.."
قال إيار معلقاً "أنا معتاد على قضاء الليل مستيقظاً، لذا يمكنني مراقبتهما من فوق الأشجار القريبة حتى مطلع النهار.. لكني سأكون عاجزاً بعدها عن اللحاق بها معكم حتى آخذ كفايتي من النوم.."
هز أوس رأسه موافقاً وقال "هذا جيد.. يمكنك أن تلحق بنا غداً بعد أن تنال قسطاً وافياً من النوم، وستدلك رائحتنا على الطريق الذي سلكناه.. ستسدي لنا خدمة كبيرة بهذا يا إيار.."
اعترضت تيما بشيء من العصبية "أأنت أحمق؟.. لقد قمت بملاحقتها طوال اليوم، وحاولت اختطافها لتفشل فشلاً ذريعاً.. وأدركت من لقائك بها أنها ما عادت تلك الطفلة التي كنت ترجو إعادتها لعالمها.. فما الذي يدفعك للاستمرار في هذا الطريق؟.. متى ستيأس من هذا الجهد المبذول عبثاً؟"
قال أوس بضيق "أنت لا تعاونينني في أمر.. فلمَ التذمر؟.."
قالت بحدة "لستُ هنا لأعاونك على هذا الجنون.. أنت وعدتني أن تعاونني، وقد أخلفت وعدك فور أن لمحت ظل الطفلة يغادر القلعة.. فمتى ستيأس وتعود معي لذلك العجوز؟"
صاح أوس محتداً رغماً عنه "لقد سئمت من محاولتك تسييري كيفما تشائين.. منذ اللحظة التي رأيتك فيها، وأنت تحاولين جرّي لما يخدم مصالحك أنت.. ومازلت تحاولين ذلك بكافة السبل.."
أنت تقرأ
طريق الأطياف
Fantasíaطفلة هاربة، تسلك طريقاً لم يسلكه البشر قط.. لتجد نفسها في عالمٍ لا تدري ما ينتظرها فيه.. ولا ما يراد بها.. تجد نفسها مطمعاً لكائناتٍ لم تسمع بها أو ترها قط.. ولا تجد إلا مذؤوباً يحميها، ويسعى لإنقاذها من كل ما يتهددها.. فما سبب قدومها لهذا العالم؟...