تزايدت ظلمة هذه الليلة ونفذ نور القمر عبر الأجساد الدخانية السوداء بصعوبة كبيرة.. ازداد الموقف تأزماً مع مرور اللحظات، وشعرت الجماعة المتحفزة وسط ساحة القرابين بيأس لم تتمكن من السيطرة عليه.. وكيف لا ييأس أمثالهم مع هذا القتال الذي لا نهاية له؟..
تزايدت الضحكات ضجيجاً، وتعالت الأصوات التي تدك الأرض بقوة.. وبينما ازدادت الحلقة المحيطة بالحكيم وأوس ومن معهما، وتعالى الضجيج الذي أصمّ آذانهم وأرجف قلوبهم، تبعثرت تلك الحلقة بعد لحظة بسرعة خاطفة والكائنات تتشتت بصورة لم يستوعبها رفاقنا بسهولة.. بدا لوهلة أنها تهجم عليهم بعشوائية، لكنها تطايرت بسرعة خاطفة وهي تلطم من تلطمه دون تدقيق وضحكاتها تحولت لصياح مرتعب.. ومن خلفها، رأى الرفاق أشباحاً سوداء ضخمة الحجم تقفز على الساحة بعد أن تسلقت المنحدر الصخري بأذرعها الطويلة، وبدأت تلاحق كائنات (الوينتيكو) التي لم تتردد في الفرار وهي تتبعثر في السماء بسرعة لا يمكن للعقل أن يصدقها.. بدا نور القمر واضحاً في الساحة بعد أن غاب الغطاء السميك من أجساد (الوينتيكو) الذي كان يمنعه عنها.. وفي الوسط، بقي الريابلة برفقة الحكيم ومن معه وهم يحدقون بتلك الكائنات الضخمة التي لم تكن لها سمعة مريحة في أوساط سكان هذا العالم.. فأمامهم، رأوا ما لا يقل عن ثمانية كائنات ضخمة الحجم تسمى (الياوي)، توازي حجم جاد وتفوقه بمرتين على الأقل.. غزيرة الشعر بلون أبيض ثلجي، عيناها صغيرتان سوداء اللون، وأنفها مفلطح يعلو فماً عريضاً.. أطرافها ضخمة نوعاً ما، ومع حركتها الخافتة فإن القريب منها يشعر بأنها تدك الأرض دكاً تحتها..
ظلت جماعة (الياوي) تراقب هؤلاء الغرباء بأعينهم الصغيرة للحظات، فيما غمغم أحد الريابلة بشيء من الشحوب "ماذا بعد هذا؟.. هل سنضطر لقتال هذه الكائنات أيضاً؟"
علقت مالو بقلق وهي تتأمل حجم (الياوي) المهيب "ألا يمكننا الهرب منها قبل أن تهاجمنا؟"
غمغم الحكيم مقطباً "لا.. لا تقوموا بأي حركة مفاجئة.. هذه كائنات (الياوي)، وهي حساسة جداً للأصوات والحركات المباغتة، وقد يستثيرها هذا ويدفعها للهجوم علينا دون هوادة.."
ورغم تحذيره، رأى سولينا تدفع من حولها وتتقدم خطوات وهي ترمق (الياوي) بصمت مذهول.. أمسك إيار ذراعها قبل أن تبتعد قائلاً بتوتر "إلى أين؟.. لا تستثيريها رجاء.."
لكن سولينا لم تستجب له وهي تقلب بصرها بين تلك المجموعة بدهشة وذهول، قبل أن تغمغم "هناك صياد..."
نظر لها البقية بدهشة وتيما تهمس بفزع "ما الذي تقولينه؟.. لا تقومي بأي تصرف أحمق يا سولينا.."
لكن سولينا لم تعبأ بفزعها وهي تقول بانفعال "هناك صياد.. أستطيع أن أميّز رائحته بوضوح.."
أنت تقرأ
طريق الأطياف
Fantasyطفلة هاربة، تسلك طريقاً لم يسلكه البشر قط.. لتجد نفسها في عالمٍ لا تدري ما ينتظرها فيه.. ولا ما يراد بها.. تجد نفسها مطمعاً لكائناتٍ لم تسمع بها أو ترها قط.. ولا تجد إلا مذؤوباً يحميها، ويسعى لإنقاذها من كل ما يتهددها.. فما سبب قدومها لهذا العالم؟...