مراد ...

27 1 0
                                    

   أقبل الفجر حاملا معه صرخات لجين التي صدح صداها في جميع أنحاء ساريز معلنا عن قدوم طفل جميل يحمل عيني والدته الثائرة و وسامة والده الهادئة  ' أعلن الطفل تمرده مع أول صرخة له فماذا نقول هو إبن لجين ' أقبل سليم يحمل طفله و عينيه ممتلئة بالدموع فهذا اول طفل له قبله بسرعة و ضمه لقلبه ' ثم أعطاه لعماد الذي أيضا لم يستطع تحمل دموعه فهو إبن أخته اللطيف كائن حلو مثل لجين تماما  ' تناوب الكل على حمل الطفل الظريف حتى مروة مع مساعدة سمر طبعا حملته  ' كان الجميع سعداء و أكثرهم عمار الذي صرخ فرحا عندما علم أنه صبي ' فهو يشعر بالوحدة في وسط هولاء الفتيات  ' كان متحمسا و سعيدا جدا حتى ضحك الجميع عليه من لطافته '
كان ملتمين حول لجين  التي بكت كثيرا عند رؤية طفلها و إختارت أن تسميه مراد على إسم والدها الذي عشقت ' فلم يمانع سليم فالاسم ليس مهم له اهم شيء صحة محبوبته و طفله الجميل ' فكانت اول كلمة نطقت بها لجين بعد عملية الإنجاب و هي حاملة طفلها بين يديها هي مرادي ففهم الجميع أنها أطلقت على الصبي إسم مراد ' تأثرت حنين كثيرا فقد تذكرت رفيق دربها و زوجها الحبيب الذي سلبته منها الدنيا مبكرا جدا و لم تمهلهم قليلا من الوقت معا ليواصلو رحلتهم سويا في هذه الدنيا ....
.

  كانت الايام التالية مليئة بالفرح و البهجة الجميع يريد حمل الطفل ومداعبته و لكن كان يؤرق لجين السهر و قلة النوم بسبب بكاء مراد طوال الليل ' فكانت تسهر معها سمية أو حنين ولكن كان هناك شخص يظل يقظا لحظة بلحظة مع لجين و هو عمار ' أجل عمار الذي أصبح إدمانه هو مراد ' رأى فيه الأخ الصغير الذي حرم منه ' يريده أن يكبر بسرعة ليعلمه الكثير ' يريد أن يلاعبه و يشتري له كثير من الألعاب ' يأخذه في جولات ' كان يحمل الطفل الذي لغرابة الشئ يسكت بمجرد أن يحمله  و ينام بسرعة كبيرة والذي تحتج لجين له انه يسكت لعمار ولا يسكت لها وفي إحدى طرائفها قالت بغيظ ' هل عمار امه اما انا ' فإنفجر الجميع بالضحك على حنق لجين '' اما عمار كان يحضر ألعاب كثيرة كل يوم و ملابس و أشياء أخرى ' لجين تتجادل معه و تخبره أنه لازال صغير ولن يلعب بها لكنه لا يستمع و يفعل ما يريد وما يشجعه حماس سليم أيضا ' فقد أصبح هو الآخر طفل منذ ولادة إبنه ' فيأتي بهذا و يجلب تلك ' و عماد و شادي و أيهم  و مروة الأخرى أيضا  ' لم تعلم لجين ماذا تفعل فيهم جميعا ' فكلهم يريدونه أن ينمو بسرعة كأنه شجرة ' ضحكت على مخيلتها  '
   سمر كانت اعقلهم فهي معتادة على التصرف مع الأطفال لأنها ربت مروة وحدها ' كانت تساعد في تنظيف الطفل و غسله و تبديل ملابسه و تدليكه و تهدهده كل يوم ' تأتي هي و شروق عدوا من الجامعة لحملنه و أصبح الكل يتشاجر في مراد '
حتى رجاء كل يوم تحضر شئ جديد للجين التي سوف تصاب قريبا بالجنون منهم هذا إن لم تكن قد جنت فعلا من تصرفاتهم هذه ' لكن تعلم أن هذا من الحب الكبير لها و لطفلها الحبيب الذي بات يعرف الجميع و يحبهم  و الآن بعد أن أصبح عمره شهر أصبح يبتسم و يضحك و يتابع كل ما يفعله اي شخص ' عمار يظل معه لساعات و يتحدث معه كأنه يفهمه وهذا ما يضحك لجين أن مراد يستمع إلى عمار بكل انتباه كأنه يفهم ما يقوله له ' يالهم من أطفال ''
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
..............
.
.
.
     بعد الشهر الرابع أصبح مراد يلعب و يشاكس كثيرا و بدأ تعب لجين يتزايد مع تزايد قلقها  ' لكن هي مطمئنة لأن الكل عينهم عليه و ليست وحدها ' هذا وحده طمأن قلبها ' ...
و إنقضت عشرة أشهر على  ولادة مراد الذي بدأت خطواته الأولى و الجميع سعيد يتابعه ' عمار كان لا يفوت وجبة إلا و اطعمها له بعد أن علمته سمر كيفية إطعام الأطفال  ' و بدأ يتأتئ ببعض الكلمات أصبح يقول ماما و بابا  و يطلق أسامي غريبة على الجميع لانه لا يستطيع نطق أساميهم فهو لايزال لم يكمل العام ليتكلم جيدا  '' أصبح لديه حرفيا غرفة مليئة فالكل يحضر  ألعاب '' تذكرت سمر كلمات مروة الأولى و أول خطواتها و طفولتها كلها و كانت تقص عليهم و الجميع متأثر فحقا لو كانت ياسمين حية لن تحصل مروة على حنان أكثر من الذي غمرتها به سمر ' فالجميع رأى مهارتها في التعامل مع مراد و تعليمه أبسط أمور الأطفال  ' فهي خبيرة ' لأنها ربت أختها  لوحدها وهي في عمر الثامنة ولازالت صغيرة تحتاج لمن يعتني بها و يعطيها حنان و رفق ' ولكن عوضت كل شئ في أختها و أعطتها ما حرمت منه ' حقا فاقد الشئ يعطيه ''
.
.
   كانت كل الاسرة مغمورة بالسرور ولكن أصابت مراد حمى شديدة و لا يوجد مشفى قريب و لم تعلم لجين ماذا تفعل سوى البكاء ' حتى سمية و حنين و رجاء وقفن من دون معرفة ما يجب عليهن فعله ' لكن سمر طمأنت خالتها أنها مجرد حمى تصيب الأطفال بسبب التسنين الذي يتعرضون له ' فسهرت على راحة مراد و صحته و تعاملت مع الأمر بكل بساطة و أخبرتهم عن دواء لخفض الحرارة يجب أن يحضروه من أقرب صيدلية ' نفذوا أمرها و أعطت قليلا من الدواء لمراد و سهرت تضع له الكمامات  ' تعاملت مع الأمر بكل سهولة و إتقان و مهارة و هدوء  ' فقد مرت بهذا كثيرا ' ومروة تعرضت لهذا و أيضا اطفال قامت برعايتهم  ' لذا تعلم ما يجب فعله ' عندما أشرقت الشمس أصبح الطفل بخير و أعلن ضجيجه منذ الصباح الباكر و هو يبكي جائعا فأسرعت لجين تطعمه و كانت سعيدة بشفاء إبنها و ممتنة جدا لصغيرتها سمر التي أنقذت إبنها  ' سمر فعلت شئ بسيط ولكن الأم بطبيعه غريزتها إن إبتسمت لابنها احبتك و إن ضايقته تقوم الدنيا فوق رأسك  ' غريبة هي مشاعر الأمومة التي تحتاج قلب لجين لأول مرة ' الآن باتت تفهم مشاعر والديها و الخوف الشديد الذي كانوا يخافونه عليهم ' باتت تفهم أن الأمومة شئ عظيم و أصبحت تقدر والدتها أكثر  ' فهي تمر بكل ما شعرت به والدتها و تفهم لما حتى بعد أن كبروا لازالت تخاف عليهم من كل شئ  ...
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.................
.
.
.
  
     أقبل الربيع حاملا معه ميلاد مراد الذي أصبح الشغل الشاغل للجميع ' فهو الآن سيكمل عامه الأول  ' الجميع أشترى الهدايا و الدمى و الكثير ' و تم تحضير كعكة كبيرة تكفي كل اهل القرية '
في هذا العام الذي مضى عليهم جميعا ' تغيرت أشياء منها عمار و شادي الذين قرروا أنهم لن يصبروا على الفتيات أكثر ويجب أن يتم الزواج و قد سئموا من كل الخطاب الذين يتقدمون  ' وقد وصل بهم الأمر ذات مرة لضرب أحد الشباب الذين كانوا ينظروا لسمر ' لجين التي أصبحت أكثر عقلانية ' سليم الذي كان يسافر و يأتي بين الفينة والأخرى ولكنه مطمئن على زوجته وكان قد قرر ترك عمله و الإستقرار قرب أهله و احبائه و إبنه الذي بات كل شئ له ' سمية و رجاء اللائي تقريبا انتهت تحضيرات الزفاف الملكي الذي خططن له و طبعا لا يمكن ل أسامة و عماد الاعتراض على ما يخططن له أبدا فهم أيضا يريدون رؤية فرحة أبنائهم  في القريب العاجل..''
  أما مروة الحلوة التي بات عمرها الآن ثلاث عشرة عاما باتت أجمل فتاة و تشبه لجين كثيرا في صغرها مع ملامح امها البريئة ' لازلت طفلة محببة و لطيفة و أصبحت مهارتها في الرسم جبارة حتى عمار بات يذهل من طريقة رسمها ' أيهم الذي كبر و أصبح أعقل من ذي قبل و أصبح يغار من كل طفل تلعب معه مروة ولا يتركها لحظة إلا و يكون معها لا يريد لشخص غيره أن يقترب منها و قرر أنه سيتزوجها فضحك عليه شادي حتى وقع على بطنه ولكن بكل ثقة و هدوء أصابت شادي بحنق شديد أخبره أيهم أنه سيرى وإلا لن يكون اسمه أيهم '''
  شروق و سمر كأن العالم في بعد و هن في بعد آخر كن يجلسن على المقهى المعتاد تشتكى كل واحدة للاخرى من خطيبها ' فشروق أصبحت غيرة شادي شديدة ولا تحتمل و سمر عمار أصبح تقريبا يحشر نفسه في كل ما يخصها  ' تحدثن لوقت طويل بعصبية و قلة حيلة ولكن ليس بيديهن من يتقدم للخطبة أو من ينظر لهن ' هذا ليس بأيديهن ' فهو لم يخلقن هذا في البشر ولكن ماذا تفعلن هولاء هم اختيار قلوبهن وإلا كن هربن منذ زمن ' ضحكن بشدة على فكرة الهروب التي تبدو مضحكة و ساذجة ......''
.
.
  تلك الليلة جمعت سمية و رجاء الشباب الأربعة ثم وضعوهم أمام الأمر الواقع و أن الزواج بعد شهر واحد إن أعجبهم هذا ام لا و هذا الشهر ليرتبوا أفكارهم اما بالنسبة للتجهيزات هن حضرن كل شئ ولا يجب أن يتحججوا بها ' لذا فقط ليأخذوا فترة راحة و تفكير و بعدها سيكون الزواج ' ثم قاموا من أمامهم و ذهبوا وسط إبتسامة مروة البلهاء و السعيدة جدا بهذا الخبر ' قامت مع خالاتها وهي تقفز فرحا و تمد لسانها للفتيات اللائي كن يشعرن بالغيظ و قلة الحيلة و اليأس من تراجع سمية أو رجاء عن هذا الأمر '' اما ما غاظهن حقا هو سعادة شادي و عمار التي كانت بادية على ملامحهم و مباركتهم لبعضهم البعض و نظرة الإنتصار التي رمقوهم بها ' فهن يعلمن أنهم لو بيدهم لقاموا بحفل الزواج غدا قبل الآن و إصرارهم عليه منذ فترة و كن شككن بأنهم متفقين مع المرأتين لو لم يعرفا قوة عزيمة سمية و رجاء معا ....''
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
. . . . . . . . . . .
.
.
.
   عاد سليم بعد شهر من الغياب و قد كان حزم أمره و قد قدم إستقالته و هو يمتلك معظم ميناء ساريز فقد شارك عماد فيه و يمتلك أكثر من سفينة تجارية و لديه ما يكفيه من الأعمال التجارية و الصناعية لذا اكتفى من عمله كضابط و لم يكن يجد السعادة كل هذه السنوات في الابتعاد عن محبوبته و زوجته و الآن بعد إنجاب طفله كان يرى الجحيم في بعده عنهم ' فقد استقروا في ساريز التي تبهج القلب و تشعره بالإنتماء  و السكينة و هو كان قد تعب من العمل و الابتعاد عن أسرته لاشهر لذا قرر منذ زمن في نفسه أن ينشأ طفله في ساريز فلا أفضل منها مكان لنشئة طفله وسط الأهل والأصدقاء و الأحباب وسط هذا الكم من الحب ' الحياة لا تخلو من الحزن و الأسى و الضياع ولكن عندما تكون وسط اهلك و من يحبونك تصبح أقوى و تستطيع الثبات و الذهاب للأمام من دون الوقوف في نفس النقاط الحزينة و الأليمة ' لذا أفضل له أن يكون بين سنده في الحياة وسط الدعم المعنوي و النفسي وكل شئ  ' و أيضا إشتاق لبناته الثلاثة سمر و شروق و مروة ' كان قرر أن مراد لو كان فتاة ما احب إلا أن يسميها على سمر ولكن شاء الله أن يأتي مراده في هذه الدنيا و يدخل البهجة لقلوبهم  جميعا ...
  بعد وصول سليم بيومين كان يرى شروق و سمر غير مستعدات نفسيا للزواج ولا يردنه الآن و قد كن ثاقبات الجباه و تبدو التعاسة عليهن ' وهو يعلم أن هذا في صالحهن و يعذر الشباب فهو لو كان مكانهم لفعل أكثر من هذا ' و يقدر موقف سمية و رجاء فهن في النهاية أمهات و ليس بيدهن مشاعرهن و الاستعجال بهذا فمعهن حق الحياة لا تمهلنا الكثير لذا علينا استغلال كل ثانية فيها مع من نحب ' فكل شيء يمضي بغمضة عين لذا قرر التحدث معهن فخرج معهن إلى أحد مروج ساريز ذات صباح مشرق و ملئ بالطاقة و الأزهار النضرة و جلس هو الفتيات و تحدث معهن بكل بساطة فهو رجل لا يعرف أمور اللف والدوران بل يدخل في الموضوع بكل بساطة و سلاسة  و قال ''
  يا بناتي أعلم أنكم مستائات ولكن يجب أن تفرحوا فالسعادة لا تدوم ولا يجب أن نفلتها عندما تقع بين أيدينا  ' تعيسات بسبب الشباب  ' هم لايستطيعون رؤية أحد يقترب وهذا من الحب الكبير و ليس بأيديهم أيضا مشاعر الغيرة و التملك فهي غريزة الرجل في محبوبته ' واما سمية و رجاء هن أمهات ولا يمكن أن نقول كلمة أخرى ' فالأم أسعد يوم في حياتها هو يوم تزف أبنائها  ' يوم تراهم فرحون ' حين تمسك أبنائهم بأيديها  ' فأنتم ترون حنان و حب حنين عليكم جميعا فأغلى من الابن هو إبنه ' فكلاهما من اللحم و العظم بل بالنسبة للأم هم قطعة من الروح و القلب و الدراسة لا يضرها أن تكمليها في بيتك مع شريك حياة يحبك و يقدر مجهودك و يحترم رغبتك و يكافح معك لنيلها و يصعد معك سلم النجاح درجة درجة و أنتم أعلم الناس بخطابكم و مدى حبهم و إحترامهم لكم وعلى كل حال لم يتبقى لكن إلا القليل لتنهين دراستكن و ليس عيبا أن تكملنها في منازل أزواجكن  ' و العائلة لا أحب منها في السند و القوة و أنتي يا سمر أعلم الناس بذلك فقد فقدتي والديك منذ الصغر و تعلمين جيدا معنى العائلة و قيمتها ' لذا يجب عليك تكوين عائلتك التي حرمتي منها ' نحن نكبر و لسنا دائمون لكم في هذه الحياة لذا عليكم تكوين أسركم و تجعلوا قلوبنا تطمئن عليكم ' فالحياة ليست أمنة فهي مثل الحية التي تداعبها ثم تلدغك بغدر ' تذكري يا سمر أنكم كنت أسرة بسيطة و سعيدة ولكن غدرتكم الحياة وفي وسط السعادة غرست فيكم سم الحزن ولولا جدتك رحمها الله كانت عائلتكم لضعتم  ' لذا كونوا عائلتكم الصغيرة لتجدوا سند في الحياة ثم كبروا حتى يجد ابنائكم سند في الحياة عندما تفارقوهم و تجدون القوة عندما يتغير الزمن و يغدر بكم  ' عندما تستاء الظروف و تضيق بكم تجدون الأيادي التي تحتويكم  ' العائلة هي المكان الأمن في هذا الكون ' وليس هناك وطن ليست فيه عائلتك ' الوطن ليس المكان الذي ولدت فيه و إنما هو حيث تكون عائلتك و أحبابك ' لذا يا بناتي فكرن جيدا في هذا الحزن الغير مبرر و ستجدن أن الأمر سهل و ليس خطير و مزعج كم تضعن في رؤوسكم ' فالفكرة تصبح عادة و العادة تصبح صفة فإحذرن من هذا '''
        ثم تركهن و ذهب في وسط ذهول و قناعة تامة بحديث سليم الذي لمس الروح و القلب و دخل العقل بسلاسة ' هو معه حق هما يكبران الموضوع من لا شئ  ' و يعلمن قيمة الأسرة و الترابط و مأساة الحرمان و الفقد من دون سند ' سمر التي شهدت لكلامه فهي أكثر الناس لأنها مرت بتجربة شخصية لامستها في حياتها و منها تعرضت لكثير من الحزن و الفقد و الحرمان من جو الأسرة لزمن طويل جدا ' قضت طفولة وحيدة مع جدتها التي فارقتهم أيضا مبكرا فأصبحت بذالك هي و اختها مرة أخرى يتيمتين بلا عزاء ' فقدت أخيها الوحيدة و هو في زهرة طفولته و تفتحها الرقيق ' ولو لم تكن مع مروة ' لضاعت أختها أيضا و لا تعلم ما كان سيحدث لها وحدها حينها في وسط هذه الحياة القاسية و اللئيمة ، . . '
شروق تربت في وسط أسرة حنونة و دفء و حب كبير لذا لا ستطيع تخيل حياتها من دون عائلتها و الترابط الكبير بينهم ' تعلم من تجربة إبنة خالتها مرارة الحرمان و الفقد ' ربما سمر قوية وتحملت مل هذا لوحدها لأنها نشئت وحيدة ولكن هي لا تستطيع تحمل كل هذا لذا وجدت أيضا أن حديث سليم معقول و حقيقي و منطقي لأبعد حد ' و أيضا شادي يحبها و يدعمها و ليس معقدا يحرمها من دراستها  ' بالعكس هو فتى طموح و مثابر و متعلم أيضا و رأت أنها كانت سذاجة كبيرة منها هي و سمر في تضخيم الأمور لهذه الدرجة ' فقد كن ينظرن بأفق ضيق و لم يفكرن سوى لأنفسهم و راحتهم هم فقط ' لم يقدروا للجميع مشاعرهم و فكرن بأنانية كبيرة  من دون أن يشعرن 'فكلام سليم صحيح نقطة نقطة ....
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
.
.
.
   كانت مروة وسط المرج ترسم بكل هدوء و متعة فهي عندما تمسك ريشتها تذهب لعالم آخر لا يوجد فيه غيرها هي و ريشتها و دفترها  ' ترسم في جمال الطبيعة و رونقها النضر ' العصافير الغنائة  ' السماء الزرقاء و بركة ساريز التي لا أعذب منها ماء ...''
وضعت ريشتها و تركت رأسها يرتاح على العشب الأخضر و تركت يديها الملطخة بالألوان حرة على الأرض الجميلة وسط الأزهار و الخضرة و الفراشات الملونة الجميلة '' كان عيد ميلادها الرابع عشر أقترب جدا و أصبحت مراهقة جميلة ' أصبحت أطول من سمر و تغير الكثير في جسدها ولكنها لازالت تحمل نفس الملامح البريئة التي تجعل كل شخص يذوب بحلاوتها ' لسانها لازال سليط كما هو لكنها أصبحت أقل إزعاجا و شغب ' فهي بدأت تتخطى مرحلة الطفولة ' كانت تفكر في عرس أخواتها الذي أقترب فهي سعيدة جدا ' 
فكرت كم أن الايام تمضي بسرعة و كيف كانت حياتها هي و سمر و كيف أصبحت  ' تذكرت جدتها الحبيبة فداء و لطفها وكم كانت تلاعبها وسط مروج ساريز و كم خرجت معها هي و سمر في نزهات ' كم سهرن يتحدثن و يثرثرن  ' أرادت أن تعيد تلك الأيام و لكن ما باليد حيلة أبدا  ' فقط تمنت أن ترقد جدتها و كل من تحب في سلام ' خطر على بالها أيهم فحاولت إبعاد الفكرة عن رأسها و قامت لتركز على إكمال لوحتها ' حتى رأت أيهم قداما اتجاهها حاملا على كتفيه حبيب قلبها مراد ' الذي أصبح اجمل و احلى عادة في الحياة ' فهمت معنى الأخ الأصغر أخيرا و كيف هو شعور سمر نحوها ' فهي الآن تفعل معظم ما كانت تفعله سمر لها مع مراد ' تحبه بكل ما تمتلك من مشاعر ' يكفي أنه إبن لجين الحبيبة '  حملت مراد الذي قفز فيها حين أقتربت منهم و أصبحت تقبله و تدور به هنا و هناك وسط ضحكاته و تقوم بعمل حركات مضحكة لكي يضحك و تلاعبه مثل الدمية المحببة ...'' كان أيهم يشاهد هذا بكل حب و سعادة فهو أخذ مراد حجة لكي يأتي لمروة ' فصعب عليه ألا يكون معها و الأصعب أن يتبعها مثل ظلها و يتشاجر مع هذا و ذاك من أجلها ' فهو حقا لا يتحمل فكرة تقرب صبيان القرية الآخرين منها ' هذا طبيعي فهي صديقته منذ الطفولة و رفيقته  تسائل ما هذه المشاعر التي اقوى من الصداقة التي يحملها في قلبه لمروة و ما كل هذا الإندفاع إتجاهها  ' حقا مشاعر غريبة لا يفهمها  و لا يملك لأحد غير مروة مثلها أبدا  . . . . .
   

سأعتني بك يا اختيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن