المُتَنَمِّر

12 1 2
                                    


جلست في غرفتها بينما ذرفت آخر دمعة، لطالما كانت ممثلة بارعة وقوية أما الجميع، لكن من يبقى قوياً عند النظر بالمرآة ليجد شخصاً محطماً أمامه؟

رغم ازدياد الألم يوما تلو الآخر، كان رد فعلها الوحيد تورد خديها اللذين لطالما زينهم اللون الأحمر من ما يجعل الاسم المناسب لها (روزي).

بينما يبدأ الجميع يومهم بتفاؤل و طاقة إيجابية إلا من بدأت يومها بخزانة ملطخة بالألوان التي كتبت بخط بشع جميع الكلمات المهينة و المسيئة، لم يتركوا مجالاً ليبدأ الشخص يومه حتى، هل العالم لا يزال محاطاً بأشخاص متحجرة القلوب؟ أم هي ذات القلب الأبيض لم تشك يوماً؟

لا تعرف ما قد يمر به شخص خلف جدران و أبواب بيتٍ محكمة الإغلاق، لم تعد تلك الفتاة ذات الروح البراقة و العين اللامعة و الوجه المضيء، لم أر شخصاً ينطفئ و تجف ملامحه في فترة قصيرة، رأت شخصاً قد ينير لها الطريق لكنه تسبب في ضياعها أكثر؛ فعادت منطفئة.

جميع الكلمات الجارحة لم تترك أثراً إيجابياً، و لم تنكسر يوماً أمام أحد، لكن ما يمكن أن يفعل شخص منطفئ بمفرده غير العادات السيئة؟ التي لم يجد أحد بقيمة كبيرة ليجعله يقلع عنها، من سجائر، للحبوب، لطرق إيذاء النفس. كل تلك الأشياء لم تكن بارزة على روزي، من ترتدي قناعاً بذلك الشكل البارع .

فتحت خزانتها بعد رحيلها، لم يجدوا ما من الممكن أن يكون عند كل فتاة بذلك السن، لم يجدوا مستحضرات تجميل، أو رسائل اعتراف، أو حتى فرشاة شعر. وجدوا حبوب مانع الشهية، حبوب مضادة للاكتئاب، أدوات حادة، وسترة أكمامها معبأة بالدماء، أيضاً مجموعة أوراق التي كتب عليها كلام جارح في يومٍ ما، لم تتخلص منهم. لم يكن أحد يعلم بما قد يتسبب كل ذلك التنمر، أو بما كانت ضحيتنا تمر به خلال الأيام، كانت هنالك ورقتين بارزتين بينهم، كتب عليها أحدهما: "لماذا لا أتمتع بنفس صفات الأخريات؟ خصر نحيل، وجه جميل، أصدقاء كثر؟ أم انا حقاً لا أسحق ذلك؟ ربما طوال هذه السنين كنت عبئاً على الكثير". وكتب على الأخرى: "لم يكن هناك من يسمع". كتب ذلك بخطها .

هل كانت تتحدث عن المرة التي حبست فيها بخزانة ضيقة لا يوجد مكان للنفس فيها؟ أو عن المرة التي كانت تصرخ: "كفى" من كمية العنف الكبيرة؟ أم عن المرة التي كانت تغطي أذنيها لكي لا تسمع ما كانوا يصفونها به؟

إنهاء حياتها لربما لم يكن قراراً أمعنت به التفكير، لكنه من وجهة نظرها قرار من الممكن أن يمنحها بعض السلام و الهدوء الداخلي. قد يستيقظ الضمير بعد فوات الأوان، و لم يعد هنالك وقت للإعتذار، كيف لك أن تعتذر من صديق قديم تسببت برحيله؟ من أين له الجرأة أن يقف أمام ترابها حاملاً باقة وردها المفضل؟ بينما تتساقط دموعه أثر الندم الذي يأكله شيئاً فشيء .

"روزي، لربما لا يحق لي كلماتٍ أخيرة، لربما كما قال الكثير أني لست سوى متنمرٍ بلا محور حياة، بلا أهمية، لست هنا لأطلب السماح لأني لا استحقه، لكن الاعتذار لكِ قد يزيح القليل عن كتفي، هل تذكرين عندما كنا في العاشرة؟ كم عبرتِ عن حبك لهذه الزهور لأنها تحمل نفس اسمك، لكنك كنتِ أجمل، سأذهب لأعطيكي السلام الذي لطالما حلمتِ به في حياتك، وداعاً"

#R.N

( 39 )

11 : 11Where stories live. Discover now