7- مواجهه

59.4K 1.6K 59
                                    

تجمدت روحها في تلك اللحظة، وكأن الزمن توقف عند حدود الألم والذل.

وقف أمامها، يمسك بيديها، يلفها حول نفسه بحركة واثقة، كأنهما وحيدان في هذا العالم، لكنه لم يكن سوى كابوس جديد يقتحم يقظتها. نظرت إليه بعينين مشتعلة بالغضب، حاولت أن تدفعه بعيدًا، أن تستعيد جزءًا من كرامتها التي سقطت تحت قدميه، لكنه كان أسرع، جذبها " شريف" إليه أكثر، التف حولها كالأفعى، وعندما همّت بأن تصفعه، أمسك بيدها، أحكم قبضته عليها، وأجبرها على إنزالها بقوة.

كان كل شيء حولها يذوب في ضباب المشاعر المتداخله بين الخوف والغضب والعجز نظرات الجميع تحيط بهم، تراقب، تستنكر، لكنها لا تتدخل لم تكن سوى لحظات حتى ظهر "عز" ، اقتحم المشهد كما يقتحم الضوء العتمه، جذبها إلى صدره بحركة خاطفه، دفنها بين ذراعيه، ثم رفع يده ببطء إلى وجهها، مرر أصابعه على وجنتها المرتجفة، وكأنّه يمحو أثر يد شقيقه ، يعيد إليها شيئًا ضائعًا من نفسها عندها فقط، انسحب شريف ، وكأن شيئًا لم يكن.

تحركت الموسيقى بانسيابية من حولهم، أجبرها على الاستمرار، على أن تترك جسدها يندمج مع إيقاع خطواته. لم يكن الأمر مجرد رقصه، بل مواجهة صامته، معركه لا تحتاج إلى كلمات. استدارت بجسدها، فالتصق ظهرها بصدره، ارتفعت أنفاسها، أغلقت عينيها للحظه، وحين فتحتها، كانت دمعه قد أفلتت من أسرها، تسللت ببطء على وجنتها لم تحتج إلى رفع يدها لمسحها، فقد كانت يده هناك، سبقتها، أزاحها برفق، كأنه يريد أن يمحو ما هو أعمق من مجرد دمعه

كانت تجهل إن كانت ترتجف من قربه أم من ذكرى بعيدة عادت لتغرس مخالبها في قلبها ما إن انتهت الموسيقى، حتى انسحبت كأنها تهرب من شيء يطاردها، ركضت بعيدًا، ولم تجد سوى الحمام حتى تختلي بنفسها قليلاً دفنت نفسها في أول مكان آمن وجدته، نظرت إلى انعكاسها في المرآة، لكنّها لم ترَ نفسها، بل رأت ماضٍ لم يمت بعد

تذكرت حين خرجت من المشفى في منتصف الليل عندما انتهت نوبتها

خرجت غرام من باب المستشفى بخطوات متثاقلة، وكأنها لم تصدق أنها أخيرًا خارج هذا المكان. التفتت إلى أمنية، التي وقفت تودّعها بقلق.

قالت أمنية بتوجس:

"استني يا بنتي، نروح سوا! خطيبي زمانه جاي بالعربية، يوصلك معانا."

لكن غرام هزّت رأسها، وعيناها ترمقان الطريق بخوف خفيّ:

"والله ما قادرة أستنى أكتر من كده، وبعدين خطيبك ده قدامه للسادسة صباحًا على ما ييجي! أنا ما صدقت الدكتور قالي روحي."

تنهدت أمنية باستسلام: "خلاص، خلي بالك من نفسك. اركبي تاكسي وروحي على طول."

حـــب خـــارج ارادتـــي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن