لِوهلةٍ رَاوَد ضِياء شُعورٌ بِوجودِ قطعةٍ نَاقصةٍ، فأخذَ يعزلُ نفسهُ عن أيّةِ أفكارٍ أُخرى؛ لِيركِّز ذهنهُ في هذا الشُّعور المُبهم سببهُ، وحالمَا حطّ بصرهُ علَى الفراشِ الفارغِ بعشوائيّةٍ، أدركَ ما سبَّبَ ذَلك الفَراغ.
«أينَ الشّاب السّاخطُ؟»تَدفقت آخِر الأحداثِ إلى مُخيتلهِ، وَرُغمَ أنَّ بعضًا من القطع تنقصهَا، إلاّ أنّه وبالنّظر إلَى حاله الّذي وَجد نفسه عليهَا، أدركَ أنّ ما فَعلهُ الشَّابُ هو الّذي أدّى إلى اِختلاجِ نبَضاتهِ وإصابتهِ بالنَّوبةٍ القَلبية.
قبضَ علَى ملابسهِ البيضاءِ، فقد مُزّق السّتار وظهر من خلفهِ السَّبب، وشعر لحظتهَا بالأسى حيالَ طردهِ من الغُرفة.
وكزهُ أوّاب بمرفقهِ صائحًا؛ لاِنفصالهِ عنهُ وغرقهِ في عالمهِ الشُّرودِ:
«ضِياء! ضياء! فيمَ أنتَ سارحٌ؟»اِنتبه ضياء إلى أنّ جولة التّفكير قد أنستهُ مُحيطهُ، فألقى نظره على آواب وأردف مُعتذرًا:
«آسفٌ لقد أبحرتُ بعيدًا نوعًا مَا»سألهُ أوّاب بنبرةٍ متهكِّمة، مُجاريًا لِما ألقاهُ ضياء من عُذر:
«ما الأمر يا سيّدِي البّحار؟ بدَا وكأنّك قلقٌ بشأن شيءٍ ما! أعساكَ رأيتَ قِرشًا في الجِوار؟»حرّك رأسهُ يمينًا ويسارًا علامةً لِلنّفي وَمُواريًا ذلك القَلق قدرَ الإِمكان، ثمّ سألهُ أوّاب مُتوتّرًا:
«توقعتُ أن ألتقِي بوالدِي فِي غرفتك! أعساهُ لم يلبث معكَ ربع السّاعة حتّى؟»اضمحلّت اشراقةُ وجه الآخر ونبسَ بنبرةٍ خافتة
«صدقًا لاَ أعلم، فأنَا لَم... أرهُ»فُوجِئَ أوّاب ونهضَ تلقائيًا من جانبهِ واندفعَ إلى الباب:
«اِنتظرنِي سأبحث عنهُ، لا شّكَ أنّه لم يعلم أنّك قد أفقتَ من تأثير المخدّر فَحسب»حاولَ أوّاب رقعَ الموقف الّذي بدَا أَوضح من وضحِ النَّهار، فمن الّذي لا عِلمَ لهُ من العائلة بأنّ جُرفَ هاوية مُريعًا يقبع على منتصف طريق الوِصال بين ضياء وعمّهِ؟
أنت تقرأ
النّبضة الأَخِيرَة
Cerita Pendekبينَ جُدرانِ عَالمٍ يَغمره البَياضُ والألمْ اُحْتجِز طائرٌ كسيرُ الجَناح ينتمِي إلَى غيومِ السَّماء. وبفضلٍ من الله لَمْ يُغطِّ رمادُ الكآبةِ قلبهُ، بلْ كان يُضيء لنفسهِ ويشعلُ فتيلَ من حولهِ، حتَّى في أسوءِ تأرجحٍ لِحالتِهِ المرضية كانَ يسعى لإِبصا...