"19"

143 8 0
                                    

ڤوت وكومينت 💘






وصلتُ البيتُ مُتعباً ، مُضطرِباً ، بمعنى أصح - أجرُ أقدامي بصعوبةٍ - أخطو على الثلج الذي جَمدَ قدمي ، ودخل بعضهُ في أحد فردتيَّ الحذاء ،
أشدُ يداي حول جسدهِ الضئيلِ مُقارنةً مع خاصتي .

يُمناي حول عنقهُ أضمهُ لصدري خشية أن يُفلتَ رأسهُ للخلف ، واليُسرى تُحيط بأسفلهُ مع قدماهُ مُتدليةً في الهواء ،
مُستغرِقاً في النوم ، مُنذِ نصفِ ساعةٍ تقريباً ، حينما صعدنا السيارة ، ومع الإزدحام المروري الخانق ، أصبحت المُدة التي من المفترض أن تكون عشرونَ ثانية للوصول للبيت ، ساعةً ونصف ، حينما وصلنا ، وجدتهُ ساكِناً نائماً ، لا يصدرُ مِنهُ غير أنينٌ خافتٌ ، لذا حملتهُ بِخفةٍ مُتجنِباً الضغط على جسدهُ الذي كان يتألمُ منهُ قبل قليلٍ .

دلفتُ للداخل زفِراً بِراحة أثر الدفئ الذي حاوطني بعد بردٍ صقيعٍ ، هَززتُ رأسي للجانب اُبعد خُصلات شعري الطويلة التي كانت تُزعجني طِوال هذه الفترة لأني لم أرفعها مِثل كُلِ مرةً .

أنحنيتُ ببطئٍ اُريحُ جسدهُ على الأريكة ، مُبعداً يدي من تحتهِ .

وجهيَ كان قريباً من وجههِ ، وذراتٍ قليلة من الهواء كان تفصل بين جسدينا ، لأحبس أنفاسي ، تأملتُ تكشيرة ملامحهِ ، حتى وهو نائم ، استطيعُ مُلاحظةَ تعبهِ بوضوحٍ .

عيناي فارقت حاجبيه تنزلقُ للأسفل قليلاً ، نحو رموشهِ الكثيفة ، ثم أسفل بقليلٍ ، نحو أنفهُ المُدبب ، حتى وقعت على شفتيهِ المُنفرِجة بِخفةٍ ، حمراء بِلون النبيذ ، وُمنتفِخةً بطريقةٍ تجعلني لا استطيع إبعاد عيني عنها .

وللآن ، لا أستطيعُ أستيعابَ أنني كُنت زائراً عندها قبل قليلاً ، زائراً قصيراً كان يُودُ أن يُطيل الزيارة -وهو لا يعرفُ لما - ، لكن شيئاً بداخلهُ طَمع بهذه الشفتين أكثر .

إبتعدتُ أزفرُ الهواءَ بعد مُدةٍ من حبسهِ ، أتفحصُ ملابسهُ المُبعثرةَ وآثاراً مُتفرقةً تلوثُ عنقهُ الناصِع ، وأخذ عقلي يتذكر الذي حَدث قبل ساعاتٍ ،
حينما وصلني صوتهُ وآهاتهُ ، حينما شعرتُ بإنزعاجٍ كبيرٍ ينمو بداخلي ، مُتخِيلاً ذلك القذر يلوثهُ بيديهِ وشفتيهِ ، ولِكم تمنيتُ الدخول وإخراجهُ في تلك اللحظة ، لكنني عَلمتُ أنهُ لن يكونَ سعيداً حينما اُفسدُ كُل شيءٍ ،
لِ .. لِ لا سبب ! .

جذبني نزيفُ يدهُ لأنهض مُسرِعاً نحو  بِغرضِ جَلب عُدة الإسعافات الأولية ،
لا أعلمُ إن كان جرحهُ عميقاً ، وآملُ أن يفي المُعقم وقِطعةُ الشاشِ بالغرض ، وألا يحتاجُ الأمر إلى تقطيبٍ للجرح .

دقائقٌ قليلةٌ أخذتُها بَحثاً عن ما اُريد قبل أن اخرجَ متوجِهاً نحوه ،
وقع بصري عليهِ جالِساً بيدٍ تُدلكُ راسهُ والأخرى تسندهُ على الأريكة بوهنٍ .

The dark inside my soulحيث تعيش القصص. اكتشف الآن