التاجر وثلاث العفاريت

23 1 0
                                    

قالت شهرزاد:

بَلَغَني أيّها الملك السّعيد، أنّه كان تاجر من التّجار، كثير المال والمُعاملات في البلاد، فاشتدّ عليه الحرّ، فجلس تحت شجرةٍ وأكل كسرة خبزٍ كانت معه وتمرة. فلمّا فرغ من أكل التّمرة، رمى النّواة، وإذا هو بعفريتٍ طويل القامة وبيده سيفٌ مسلولٌ، فدنا من ذلك التّاجر وقال له: "سأقتلك مثل ما قتلتَ ولدِي".

فسأله التّاجر: "كيف قتلتُ ولدَكَ؟"

قال له: "لمّا رميتَ نواة التّمرة جاءت النّواة في صدر ولدي، وكان ماشيًا فمات من ساعته".

فاعتذر إليه التّاجر وقال: "إن كنتُ قتلته، فما كان ذلك إلاّ خطأً منّي، وأرجو أن تعفوَ عني".

فقال الجنيّ: "لا بُدّ لي أن أقتلَك..!"

فقال التّاجر: "إعلَم أيّها العفريت أنّ عليّ دَيْنًا، ولي مال كثير، وأولاد وزوجة ورهون، فدعني أعودُ إلى بيتي وأوصل إلى كلّ ذي حقٍ حقّه، وأعود على رأس السّنة، ولك عليّ عهد من الله أنّي أعود إليك، فتفعل بي ما تريد، والله على ما أقول وكيلٌ".

فاستوثق منه الجنّي وأطلقه. فرجع إلى بلده وقضى جميع ما عليه، وأوصل الحقوق إلى أهلها، وأعلم زوجته وأولاده بما جرى له فبكوا، وكذلك جميع أهله. وأوصى، وقعد عندهم إلى تمام السّنة، ثم ودّع أهله وجيرانه.

مشى التّاجر إلى أن وصل ذلك البستان في أوّل السّنة الجديدة. وبينما هو جالس يبكي حاله، إذا بشيخٍ كبيرٍ قد أقبل عليه ومعه غزالة مربوطة بسلسلةٍ؛ فسلّم على التّاجر وقال له: "ما سبب جلوسك في هذا المكان وأنتَ منفرد وهو مأوى الجنّ؟"

فأخبره التّاجر بقصته، فقال الشيخ: "والله يا أخي لا أترك هذا المكان حتّى أعرف ما يجري لك مع العفريت".

وفيما هما يتحدّثان، إذا بشيخٍ ثانٍ قد أقبل عليهما ومعه كلبان من الكلاب السّلاقية (كلاب الصّيد) السُّود. فسألهما، بعد السّلام عليهما، عن سبب جلوسهما في هذا المكان، وهو مأوى الجان، فأخبراه القصة.

فلم يستقرّ به الجلوس حتّى أقبل عليهم شيخٌ ثالثٌ ومعه بَغلَة، فسلّم عليهم وسألهم عن سبب جلوسهم في هذا المكان، فأخبروه بالقصة. وبينما هُم كذلك، إذا بغَبرةٍ هاجت وسط تلك البرّية. ولما انكشفت الغبرة، إذا بذلك الجنيّ بيده سيف مسلول يطلّ، فأتاهم، وجذب التّاجر من بينهم، وقال له: "قُم.. سأقتلك مثل ما قتلتَ ولدِي".

بكى التّاجر وبكى الشّيوخ الثلاثة. وقام الشّيخ الأول، وهو صاحب الغزالة، وقبّل يد العفريت وقال له: "يا تاج ملوك الجان، إذا حكيتُ لكَ حكايتي مع هذه الغزالة، ورأيتها عجيبة، أَتَهِبني في ثلث دم هذا التّاجر؟"

قال: "نعم أيّها الشّيخ".

فقال الشّيخ الأوّل: "إعلم أيّها العفريت أنّ هذه الغزالة هي بنت عمّي، وكُنت قد تزوّجتُ بها وهي صغيرة السّن، وعشت معها نحو ثلاثين سنة ولم أُرزَقُ منها بولدٍ، فتزوّجت أخرى ورُزِقتُ منها بولدٍ ذكر كأنّه البدر. وكبُر إلى أن صار ابن خمس عشرة سنةٍ. وذهبت في سفرة بتجارةٍ عظيمةٍ، وكانت بنتُ عمّي- هذه الغزالة- تعلّمت السّحر من صغرها، فسوّت ذلك الولد عجلاً، وسَحَرَت أمّه بقرةً، وسلّمتهما إلى الرّاعي.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 30, 2015 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

التاجر وثلاث العفاريتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن