الفطحل وزوجته الحورية

27 3 0
                                    

بدت السماء مثل قطعة قماش سوداء كالحة مفرودة نحو الأفق ولم تلمع فيها أية نجمة سافرة تكسر رتابة الغسق الكئيب. وكانت الرياح السريعة القوية -التي هيمنت على عواء الذئاب الهائمة- تصدر صوتاً غامضاً أشبه بنحيب امرؤ يئن من الوحدة. كما اكتست الصحراء الهاجعة بالرمال الكثيفة الناعمة. وُجِدت أيضاً في الأرض القفر: بقعة مائية مانحة للحياة وانتشرت حولها نخيل البلح السامقة ونبتت حول جذورها نباتات برية مصفرة. ولم يوجد في البادية من يعرف أسرار هذه الواحة أفضل من رجل يكنى: بالفطحل

اعتاد فطحل أن يكلم حورية البحيرة التي سكنت هذا المسطح المائي منذ أن ولدت. وذات يوم جاء فطحل ونادى على حبيبته: عزيزتي الحورية!.. اخرجي من البحر! لقد جلبت سراج الزيت لأن سهرتنا طويلة وحافلة بالسهر والسمر حتى لو لم يحضر البدر.
"قلت لك أكثر من سبعة وسبعون مرة هذه بحيرة وليست بحراً! ألا تعرف الفرق الشاسع بينهما؟" قالت الحورية وهي تتسلق الشاطئ.

-المهم يا حبيبتي تناولي مربى التين من يدي لقد صنعته أمي ووضعته في برطمان زجاجي: إنها ليست طاهية أصيلة بل نابغة من نوابغ الزمن
-إذن لن آكل منه لقمة واحدة!
-مهلاً يا حبيبتي!.. هل تغارين من أمي؟
-أغار عليك من كل النساء فما بالك بأقربهن إلى قلبك
-يا مخبولة!؛ حريّاً بكِ أن تقبلي الأرض التي تمشي عليها أمي فلولاها ما جمعتنا الأقدار
-طيب!. في هذه الحالة، أحب جدتك التي لولاها لما كنتما أنتما الإثنان على وجه المعمورة. ولكن ما هذا الذي تعالجه؟
- إنها نرجيلة
-سأملأ جوفي بدخانها.. هيا قربها من فمي يا فطحل!
-طلبك أوامر يا من تقطرين عذوبة ووسامة!. أواه يا حبيبتي!، لقد ذكرتني بمذاق السجائر المستوردة التي اعتدت على شرائها من الدكان المُشيد على طريق السفر، سوف أطلعك على عادة ألفتها منذ زمن طويل وهي: أحب أن أغمس لظى جمرة السجارة في التراب البارد وأحب رائحة البارود المنبثق من الألعاب النارية المتفجرة في السماء. إنه منظر مدهش
-نعم أعرفها.. تلك الشرارات البراقة اللامعة بمختلف ألوانها.. أنتم تطلقونها في مناسباتكم الراقصة
-هل أسكب الشاي المحلى بالسكر والقرفة والزعفران
-لا!، أريد أن أرتشف رشفةً من فنجان قهوة محلاة بالعسل والزنجبيل.. ما اسم الوعاء الذي تطبخون فيه القهوة؟
-الركوة. آه!، في الواقع أشتهي مضغ الخبز المطهو على الصاج. ياه!؛ ما ألذ طعمه الصالح مع الجزء المحروق منه
-إن عرائس البحر لا تحب في العادة الطعام التالف أو المحروق. احكي لي حكاية سور الصين العظيم
-مهلا! سوف أدخل الويكيبديا: لقد قامت أسرة مينغ الملكية في بناءه من الطوب، وحاول المغول والقبائل الصينية الأخرى حرق السور
-ماذا ستفعل لو خلعتك وتزوجت من رجل صيني؟
-سوف أقتل نفسي بالسكين مثل اليابانيين!
-...
-...

وهكذا يا عزيزي القارئ؛ لقد نقلت لك هذا الحديث التافه الممتع بين فطحل والحورية والذي استمر حتى طلعت الشمس وصارت في كبد السماء.

🎉 لقد انتهيت من قراءة السندباد وحورية البحيرة 🎉
السندباد وحورية البحيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن