المسار

32 4 0
                                    

كانت ملاك طالبة مجتهدة في قاعتها ولكن ما لم تتوقعه سيكون هناك منافسين لها ،فظنت أنها ستكون هي الأولى مثل السابق ولكن للأسف وفي مادة التي تحبها أخذ شخص مكانها الطالب فيصل ، ليس هذا فقط فقد أخذ كل الإهتمام عند الأساتذة عن ذكائه وعن كل جرأته الإرتجالية في تقديم المشاريع ،أما ملاك فما كان يتملكها غير الخجل ، فأحست ملاك بالضعف وأنها عديمة المستوى مقارنة لما يقدمه فيصل فهو طالب مجتهد وذكي ،فما يضحك في ملاك كانت تشعر بالإستفزاز بتصرفاته إتجاهها وكأنه يعزيها على النقاط التي حصلت عليها في المادة التي تحبها .
فيصل :ملاك سلام
ملاك : ( بوجه محمر ) نعم سلام
فيصل : مبارك عليك على نقاطك في مادة القانون المدني
ملاك : وأنت كذلك مبارك عليك ( وفي قلبها تريد بشدة أن تقول كم أكرهك )
وبعدها قطعهما شيء لترى فيصل يتكلم ويتحدث مطولا مع فتاة أخرى ،ويأتي زميل  آخر يأتي ليكلمها واللسان في حديث والأعين تراقب ، ليس من عادتها أليس كذلك ماذا يجري ؟
ولكن لنعترف أو بالأحرى ملاك تعترف أن فيصل طالب مميز جدا ،لا هرب من الحقيقة ولنقلها ولو كانت مرة علينا لذلك لم تطول هذه الشحنة في قلب ملاك  ،إنتهى كل شيء وملاك على حسن نيتها ولكن هناك أشياء كانت ينتبه لها الكل حتى عساف ولكن ملاك لم تنتبه أن عيونها تفضحها ؛لم تدري أن هناك أشياء لم تكن تفعلها قد فعلتها وأشياء كانت تؤمن بها لم تعد تؤمن بها وأشياء كانت تحافظ عليها لم تحافظ عليها ...ترى ماذا جرى لملاك ؟. 
في أحد الأيام عند ذهابها إلى الجامعة وعند دخولها إلى قاعتها وجدت فيصل فتحدثت معه رغم وجودهما لوحدهما في القاعة لم تخف ولم تبالي بأي أحد ،حتى دخل عساف متفاجئا وردة فعل وجهه أيقظ ملاك  مافعلت وكأنه وجدها تفعل شيئا لم يكن من شيمها .
فيصل : سلام عليكم ملاك كيف حالكم ؟
ملاك : سلام وعليكم فيصل الحمدلله
فيصل : أتحفظين القرآن ؟
ملاك : نعم أحفظ ولكن مازلت في بداياتي
فيصل : رائع وفقك الله ،أنا كنت أحفظ يعني أنا خاتم للقرآن في صغري
ملاك : حقا لم أعرف ذلك جيد
فيصل : الحمدلله القرآن رفيقي الدائم في حياتي وإن لم أقرأ قرآني يصبح لدي فراغ كبير في قلبي وفي حياتي .
ملاك : نعم لديك حق أنا كذلك أحس بذلك دائما .
فيصل : وفقك الله ملاك إستمري في الحفظ ولا تتوقفي عن ذلك.
ملاك : إن شاء الله شكرا لك
فيصل : أنا بفضل أبي دخلت إلى المسجد مع أختي حنين منذ الصغر .
ملاك : لديك أخت إسمها حنين .
فيصل : بلى إثنان ،حنين توأمي وأخرى أختي الصغرى سيبال .
ملاك : حقا أختك توأمك هل تشبهك ؟ ما شاء الله .
فيصل :  (بإبتسامة ) لا  لا تشبهني ، أبي وأمي قد تطلقا عندما كنا صغارا ،وربتني عمتي وجدتي .
ملاك : (مسترقة للسمع وبإهتمام ومتأسفة) حقا لا أعرف آسفة جدا
فيصل : لا عليك
وتحدثا مطولا وبكل إهتمام في كل شيء خاص ؛وملاك تستمع وتهتم لما يقوله ولا تقاطعه أبدا ،تعطي أذنها لهذا الشخص وتأمن له وتتكلم بكل إرتياح الذي كان تراه مستفزا ،وهذا إرتياح لم يدم طويلا حتى دخل عساف عليهم بذلك الوجه الغاضب والمتهكم طارقا للباب وبعد رؤيته لنا تراجع عن الدخول للقاعة وكأنها ردة فعل غاضبة لما رآه .    
ملاك تقربت كثيرا من فيصل وصار بالنسبة شخص مميز في حياتها كصديقها ،قبل  أن تعترف بشيء في داخلها تستنكره خافت أن تقع فيه فما تجد نفسها تبتعد عنه ،لأن كل الناس تنتبه لتقربها لبعضهما ، ماكانت تفعل شيء فقط كانت تتحدث معه و يتبادلا أشياء مهمة خاصة فيما يخص الدين ،كانت جدا معجبة بثقافته الواسعة في الفقه الإسلامي ،وتدعمه كثيرا في دراسته وتحفيزه  ليستمر في علمه .
أتعلمون أن مسار ملاك يتغير أشياء كانت لا تفعلها فعلتها وأشياء لا تؤمن بها أصبحت تقع فيها ،صارت ملاك تبتعد عن فيصل فتتأخر عن فصلها لكي لا تلتقي به حتى يلتحق كل الطلبة وكانت تتجاهله ،فلاحظ فيصل هذا التجاهل جاءت في ردة فعل غاضبة وكتومة ولم يتهور أبدا بتصرفه كانت هادئة ويتعامل معها ويبادر بالحديث معها ،لتتوارى الأيام حتى تعود المياه لمجاريها كما كانت ولم تستغني ملاك عن فيصل بل أصبح لديها عزة كبيرة له في قلبها ليوديها إلى الحب .
نعم أحبت ملاك فيصل ،فيصل ذو شخصية إجتماعية ناجحة ،و يتحلى بأخلاق عالية مع كل الناس وليس مع ملاك فقط ،وكل البنات يحلمون رجلا صالحا وذكيا ومثقفا مثل فيصل.. ترى هل فيصل يحمل نفس المشاعر إتجاه ملاك ؟ هذا الذي عانت منه ملاك تبحث عن جواب لهذا السؤال .    

حلم النارابي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن