السيد ظل

1.5K 116 1K
                                    


هذه سفسطات مبتذلة، ما اسفر عنها الا ولادة من القعر و الى سافله، و الذي ما عدت أجيد التعريف عنه فأحدد عليه ما إن كنت أصعد، أو أني ازداد وضاعة.

الى الخطيئة، الى جدران مدينة ديس
الى المرات الكثيرة التي وعدت أن أحذف فيها القصة، و لم أنسى..
الى السافل الذي شغل فوضى المرض الكريهة من أزمة مشاعري، فراهن بذلك على كل شيء، من أجل لا شيء.

الى الحب النزيه الذي ينضح بالوصب و بالأذى.
إني أخشاك و لا أخشاني، يا سلاحي الأعظم نحو استحقار الذات، و نحو ازدراء شخصك أنت، الذي لم احب بقدره، و الذي يتفوق كرهي له على كل كره.
الى السيد ظل.

_________________

طاب مساؤك أيها الرجل الشريف.
لا تطالعني على هذا النحو، فإنك في الوصف الأول الذي تشغله لدى محدثك تترك طابع اولئك الشرفاء، الذين يلاحقون عزة ما عرفوا اين بدأ أصلها، فنزعوا بها للطب أو القانون، و قرأوا كتباً لا تعد و لا تحصى، ثم اصابهم اليأس.. و أصابهم الإحباط، استمروا في السباحة نحو الجرف الوعر، دونما خشية من وجع السقوط.
آمل أني لم أحضر موعدي الأول متأخراً.. فافسد بذلك الصورة التي خططت ان اشوهها عندك بالطريقة التي ترضيني أنا.
ما كنتُ أنا.. أيها الروح الطيبة، إلا نكرة.. ذبابة تنسلخ عن نفسها انسلاخاً دميماً، ثم تضيع.. و تنحب، لا تدري لها من أي اتجاه، الا وهمها الزائف عن المعرفة.

لكن لا تحكم علي بعد.. اني اعترف اني عاجزٌ عن الرفع بهذا الرأس لأقعدنه في محله عجزاً كبير .. لكن وفير وافاني أيامي الماضية، وفير ما عدت أميز بفضله أماكن من أزمان.. و ها هو ذا قادني الى الحال الذي أنت تشهد، بيد ان العوام اعتادوا سرد الشائعات عما امتلك من لمسة ساخرة من الوسامة،  ما يمكنك ان تكتبه الآن عندك، كالكذبة الأولى، التي عزفت نفسي عن تصديقها.

أنك لالطبيب الرابع الذي أزور، هل يسعك أن تتصور اليأس الذي يعتريني لدى ذلك؟ لا أدري من أين آتيك، اظن بأني أثير لدى جميعهم ذلك النوع من السخط.. السخط الذي تغلفه الشفقة، و عله لدى الغرور المبطن الذي ادعيه، أو ما يجدر ان اكنيه بـ " غرور التواضع " .. ذلك المتأصل بي منذ ولدت، فيحنقون حنقاً شديداً لدى العزة في مرضي، الجنون في صدقي الساذج، لدى النزاهة في أذاي، و البكاء في دناءتي.

و هنا اتذكر وجهه الطيب.. و الذي ما عاد يثير في حفيظتي الا الازدراء، ينبلج الي من عدم، فأصاب بالمرض، و أصاب بالدوار.. هو لم يكن ظلاً، لا في حضوره و لا في ذكراه، و ما كان أيضاً خفيف الوقع، لكني مع ذلك اطلقت عليه اسم السيد ظل، دون أن يتطلبني ذلك تفكيراً حقاً.

آواه..
كل شيء انبلج حين عزمت على اتخاذ ذلك القرار المصيري، و كنت قد فكرت بتبعاته طويلاً جداً، و في يوليو من العام الفين و سبعة عشر قررت ذلك: سوف أتحول الى شرير كل حكاية تطرأ علي، وجب ذلك، أو ما وجب. دونت تبعات القرار و لونت النقاط التي سوف اتبعها، بلى.. بهذا أنا سوف انجو. و كنتُ مراهقاً في الخامسة عشر من العمر.. قبل سنوات تبدو ست.. كلا.. ربما ثمان.. لا اعلم.. اتذكر اني لبستُ ثوب الرفعة و الأنفة يومذاك، شخصتُ بأنفي لفوق، دون أن امتلك لاجل ذلك من شيء واحد، علام كنت اغتر واترفع؟ لا ادري يا سيدي.. لا أدري. و بذلك حشوت الفراغ الذي خلفه هجران والديّ في داخلي بتصميم و عزم كبيران، أنا سوف اترك جرحاً أينما مر بي انسان، فضولي معتزم كان او متحفظ.

السيد ظلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن