كنت عائدا من عملي فى أحد الايام، كانت الساعه تقترب من الحادية عشرة مساءا، فى اول شهر نوفمبر، وبطبيعة الحال فى الارياف تجد نسمة باردة فى الجو ليلا تشعر جسدك بالسقيع الراكد قبل فصل الشتاء، وصلت الى البيت، فإذا بها تنتظرني أما باب الشقة جالسة تنظر الى بعينها فى ثبات تام، وكأنها توقفني، اصدرت صوتا متتاليا، مواءا مواء، وكأنها تطلب مني شيئا، تلح علي فى طلبه، تتسارع نبرة صوتها وتزداد حدته، وانا اقف متعجبا من هذا الموقف، فهو لم يحدث فى مثل هذا الوقت ليلا، ولا فى مكان كهذا.
نعم نحن نسكن القرية وهي مليئة بالقطط الاليفة، ونحبها ولا نرهبها ولا نطردها، نستعين بها منذ القدم فى ترويع الفئران وطردهم، فبطبيعة الحال البيئة المحيطة بالبيوت فى الارياف، تجذب الفئران والقوارض، وتسبب الفئران الكثير من الخسائر فى المحاصيل، ومؤخرا تعدى الضرر الواقع منها الى البيوت، لذلك تجد فى كل منزل مجموعة من القطط.
هذة القطة الجميله انا احبها اعهدها منذ فترة تسكن فى بيتنا فى الجزء المجاور لشقتي بالدور الثاني، غرفة لم يتم الانتهاء من اعدادها للسكن، نضع بها بعض الاشياء الزائدة عن الاستعمال.
الغريب فى الامر ان تلك القطة لم اراها منذ فترة كبيرة، ما يقارب الثلاثة أشهر متغيبة عن الظهور امامي، اليوم وقد عادت تقف امامي وترجوني، فما الذي عاد بها الي فى هذا الوقت وما الذي اوقفها هكذا.
غالبا صغارها الجياع، جائت لتطلب ما يشبع بطنها لترضعهم، كان على أن افهم ذلك سريعا.
رحت أحدثها وكأني احدث شخصا وأحاوره وهي ترد علي بموائها على رتم حديث شخص عادي، اشعر وكأنني افهمها وهي تسمعني وتفهم ما اردده على مسامعها.
هل أنت جائعه، اعلم ذلك سأحضر لك طعاما ولكن فقط فلتنظرى هنا، لا تأتي خلفي.
ماذا تقولين، لقد عدتي منذ الامس ولم تشمي رائحتي
نعم لقد كان دوامي فى العمل ليومين لم استطع المغادرة الا اليوم كما تعلمين.
اليوم هو نهاية الاسبوع، وغدا هو يوم راحتي الكامل، دعك من كل كلامي هذا فقط فلتنتظرى هنا سأعود إليك بشيء يشبع جوعك.
ها قبل ان أدخل، أين كنت طوال هذه المده، أرى عليك ملامح الامومة، هل وضعتي صغارك، ولكن أين هم، لم أسمع لهم صوتا، ولم اشم لهم رائحه، لم تأتي بهم الى هنا خوفا منا ومن صغار البيت من الأطفال، ومن كارهي القطط ببيتنا.
فقط هم يخافون القطط عندي فى البيت ولكنهم
يعرفون اني اغضب إن تعمد أحد طرد قطة بصورة مؤذيه.
لحظات واعود إليك بشيء سريعا فقط لا تأتي خلفي ولتنتظري هنا دون اصدار صوتك هكذا، رجاء فلتهدأي.
جلست أما باب الشقة هادئة تنظر الى وانا ادخل الي الداخل.
السلام عليكم
عليكم السلام، مع من كنت تتحدث كل هذا امام الباب.
لا احد، القطة جائعة وكنت فقط اخبرها بان تجلس حتى اعود لها بشيء يسد جوعها ويسكت صوتها هذا.
تشعرني بالخوف هكذا، لاتكمل حديثك، أخر مرة رايتك تتحدث معها، تملكتني قشعريرة فى جسدى من إخمص قدمي حتى شعر رأسي.
دعك من هذا الخوف الزائد، هي اليفة تفوق فى إلفتها من مثيلاتها الكثير وانت تعلمين ذلك، فقط فلتعطيني شيئا من الطعاظ فى هذا الاناء لاطعمها.خذ ما تشاء امامك الطعام،ولكن لا تعودها على ذلك حتى لا تتخذ من البيت مأوى لها وانت تعلم اني أخاف منها رعبا، وانت كثير الغياب عن المنزل، لن انام اذا جائتني فى ليلة تنادي هكذا بصوتها.
لا تخافي، إن جائتك، فقط لتخبريها بأني لم أعد، وتعطيها شيئا من الطعام ثن تغلقين باب البيت بكل بساطة كما سأفعل.
حسنا، لتفعل انت هذا ودعني أنا وشأني بعيدا عنها.
أخذت الطعام ثم خرجت الى خارج الشقة، ثم أخبرت القطة أن تأتي خلفى بعيد ا عن مدخل الشقة، لتتناول طعامها، حتى لا تترك أثرا من بواقي الطعام.
جائت خلفي وما إن وضعت لها الطعام واثناء انصرافي، اصدرت صوتها وكانها تشكرني علي ذلك المعروف وصنيعي معها.
عدت الى البيت، وبدلت ملابسي وتوضات لصلاة العشاء التى تأخرت عنها عنها لبعد المسافة بيت البيت والعمل، اديت الفريضة المتأخرة، ومن ثم تبادلت الحديث والحوار مع اسرتي عن يومهم ويومي وكيف هي احوالهم واحوالي.
سالتني زوجتي، هل تريد العشاء الان، ام تؤجله لفترة اخرى.
اخبرتها باني لست جائع، لا اريد العشاء الان، انتظرى حتى يهدأ صداع رأسي هذا من طول الطريق، وايضا لدي بعض الامور سانجزها على الحاسب.
حسنا ليكن كما تريد، انا هنا بجوارك، حين تفرغ من تلك الاشياء نادني.
حسنا، اشكرك على صبرك.
جلست لأشرع فى كتابة مقالتي عن الخوف، على صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وزوجتي تجلس الى جواري تشاهد برنامجا تلفزيونيا، او عرضا مسرحيا، فى الخقيقة لم اكن منتبها لما يعرض على الشاشة، كنت مشغولا بمقالتي.
سمعت صوت يأتي من الخارج وكأن شخصا ينادي علي، قمت الى الشرفة لأشاهد منها من ينادي، ولكني لم اجد احدا، ولم اسمع الصوت مرة اخرى، عدت دون ان اغلق باب الشرفة متناسيا، وجلست أعاود اتمام ما كنت اكتبه.
سمعت صوت ضجة، توقفت لأتحقق من الصوت لم اسمع شيئا، تكرر الصةت بعد عظة دقائق، وقفت اتحرك يمنة ويسارا، اتفحص المكان فلم اجد شيئا، زوجتي المسكينه خطفها النعاس فراحت فى النوم، اغلقت الأنوار حتى لا ازعجها ثم تابعت كتابة المقالة العسيرة الاكتمال هذا، وبعد بضع دقائق تكرر صوت الضجة مرة اخرى وكأن وعاءا سقط على الارض، واذ بعيني تلمح بريقا لامعا يمر من امامي فى الظلام، ليس بريقا بل بريقان وكأنهما عينان انعكس عليهما ضوء الحاسب فأنارتا.
القطة!
ضغطت على مقبس الانوار، لتتضح الرؤيا، فاستيقظت زوجتي متسائلة ماذا جري، مالذي يحدث وماهذه الجلبه وماهذا الصوت؟
لا أعلظ سمعت صوت ضجة فقمت ابحث ولم اجد شيئا فى كل مره، وفى هذه المرة وكأنني لمحت القطة تمر من أمامي.
انتفضت واقفة من جلستها وهي تصرخ عليا بصوتها القطه! ياليلة مش فايته الليلادي
انا كان قلبي حاسس انك هتقعد كدا قدام الهباب دا ولا فى دماغك اي حاجه، وبكل هدةء بتقولي القطه.
لها كل الحق فيما قالت انا اعذرها ولكنها لا تفهم، انا كاتب مبدع وحين يحضرني الالهام أنعزل عن العالم بأسره.
دخلت الى المطبح وحين وصلت سمعت صراخها، وضجة اخرى تحدث، أظنها ترمي بلأطباق والحلل يمينا ويسارا، وترطن بلغة غير مفهون معالمها، ولكن عرفت من تعابير وجهها هذا ان مصيبة قد وقعت، بصراحة خفت ان اذهب إليها وأسألها، لا لم يكن خوفا، ولكن اردت ان تهدأ ثم أسالها بهدوء فأنا لا احب الصراخ ولا الضجيج والضوضاء.
لم تنتظر حتى تهدأ، ثن خرجت علي بحلة تمسكها بيدها وتخبرني بالتالي.
القطة حبيبتم اكلت بطايه كامله كنت عاملاها للعشا، ماسابتش منها الا القونصه.
!!!
#كرم_محمد_حربي
#قطتي_الأليفه
أنت تقرأ
أحاديث المساء(قصص،خواطر،مقالات، قصائد)
De Todoحرفٌ يكتبما تحدثه به الظنون، وحرفٌ يكتب من خيالات الشجون، وحرفٌ يرسمُ الحركات قصصا وحكايات، وحرف ثار على ما لايُريد فمات. هنا بيت القصيد، وبستان يفوح من عطر حروفه، هنا المعاني والسحر والدلال، هنا الشجن ودموع الحنين.