الفراق

29 3 0
                                    

مرت أيام على ذلك الكلام ،وملاك في نفسها في تفكير زائد عن ما حدث ،تقول أنا لم أفعل شيئا إلا أنني أحببت هل في الحب عيب أم ذنب ؟،ماذا يحدث في هذا العالم كلما أحببت شخصا ترى العالم كله تحاربك وتدمر كل شعور جميل موجود في فؤادك ،المستغرب من القصة معاناة ملاك لم يكن من الشخص نفسه الذي أحبته ،فهي تعرف حق المعرفة أنه شخص لا يقبل شيء إسمه الحرام في حياته وستعرفون لماذا ؟، وحتى ملاك كانت كذلك لا تريد شيئا يغضب الله منها، وقد نالت ...
سؤال في أنفسكم ماذا أقصد ،وملاك مما تخاف منه ،ماهو الحرام ؟،بصريح العبارة ملاك كانت تؤمن بأن الحب بعد الزواج ولا تجد أن الحب يمكن أن يكون قبل الزواج ،كما ترون أنها لم تقيم علاقة معه ولم تلمسه ولم تتكلم معه في شيء يثير في نفوس قلبيهما مرض ،ولم تجعله خدن ،بمعنى لم تجعله حبيب بدون زواج ،كانت معجبة جدا بشخصيته ولكن هذا ليس بمعنى أنها لم تحب ولو لمرة أن تلمسه أو أن تبحر في عيونه الغامقتين القاسية ،بل أرادت لصوته أن تسمعه كل حين ...
أميمة :ملاك حبيبتي انا جد محتاجتك في شيء
ملاك :نعم ما بك
أميمة :لم أفهم الدرس الذي ألقته أستاذة عليلي
ملاك :حسن لا مشكلة هذا فقط ظننت أن هناك شيء
فجأة حدث شيء جعلها تحمر من وجهها فهي في الوقت الذي تريد نسيانه ،وكأنها نظرة عشق يبادر بها فيصل لم تنساها أبدا ملاك أسرت في نفسها الكثير ،وقالت أشياء كثيرة عن مايخالجه في قلبه ،بينما كان هو مع زميلاتها يتحدث معهن ،ولا يعطي إهتمام لعينيه إلا لملاك ،لم تكن المرة الأولى فإن أعينه تراقبها وتسر عند رؤيتها...
ملاك لم تكن تتزين بزينة هذا العصر بل جمالها في حجابها وعزتها به وفخرها بلبسه وكأنه صندوق تكنز فيه جمالها عن الأعين ولا يحق لأي شخص رؤيته إلا زوجها ووعدها له الذي يعلمه الله أنه زينتها له هو فقط ،وعيناها بنيتين الغامقتين التي تتحدث الكثير عن الصدق ،وحاجباها السوداء كثيفتين التي تجمل عيناها على بشرتها البيضاء ، وصغر أنفها وشفاها الورديتين المرسومين بعناية من الخالق بإبداع ...لا نتحدث عن جمال ملكة العالم ولكن عن إبداع الخالق في خلقه ... 
تلبكت ملاك من تلك النظرة لتزيحها وإبتسامتها لم تستطع كتمانها وتوجهت بناظريها إلى أميمة لتكمل الشرح .
أحب لغة العيون أراها أصدق لغة ،فبها نعرف متى يكون الحب ملاك في إحساسها لحبها له لو لم تشعر بإعجابه فما كانت أحبته أبدا ...
لذلك لا يوجد حب من طرف واحد قناعتي تقول الحب شيء يلج إلى القلب ويحسه الآخر وتقبل الآخر للحب أو عدم تقبله شيء يتعلق بغريزة تتعلق بالحبيب ،فنرى فتاة تحب فتى بصدق ولكن الفتى لديه طريق أنه أحبها وطريق آخر أنه لا يحبها ولكن للأسف العديد من الفتية لم يحافظوا على هذا الحب...في هذه القصة نوع آخر من الحب الحقيقي الصادق ...   
لذلك في نفسها ملاك وساوس أرى أنها لم تذهب عنها أبدا ...،لذلك أحست ملاك هذه مجرد هفوة ومجرد مسرحية لها نهاية وستنهيها هي دون أي مشاكل ،أرادت التوقف عن الإعجاب به وإستعملت عقلها في ذلك ،فقالت لنفسها أنه لو جمعنا القدر في الحلال فهو مازال في صغر السن وليس لديه عمل ،وهذا الزمان صعب في تكاليف الأفراح والمعيشة وغيره ،مع أنه تدرك ملاك أن هذا كلها أسباب تافهة ...فهذا كله بقدر معلوم من الله ...وأنها تناقض الدين أليس كذلك ، عندما نتكلم عن العمر فنجد أن لا الدين ولا الحضارات تعطي السن المحدد لكل الزوجين ،فإن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بخديجة تكبره ولم يتزوج عليها قط حتى بعد وفاتها وتزوج بعائشة رضي الله عنها وهي تصغره ،لذلك العمر ليس له حد في الحب فإن ملاك تصغر فيصل بسنتين ،وعندما نتكلم عن العمل وتكاليف والمعيشة نجد أن ملاك قد تدخلت في أمور إلهية غيبية فإن الدين في الزواج قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ،إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "؛لننظر ونتأمل أن الزواج لم يتعلق دوما بالمال والجاه ،وكأنه يقول رزق الحبيبين اللذان تزوجا بيد الله... فقط البعد عن الفتنة والفساد هو أجر كبير ....فتبنت ملاك هذه قاعدة فهو لم يغرها ماله ولم يخوفها عسره ...  
فلم يكن لملاك أن تفعل شيء غير أن تلجأ إلى الله بالصلاة فخوفها وقلقها عن هذا الحب في نفسها ،إستغاثت في الصلاة بالله وإستخارته إطمئنت كثيرا ،في قولها عسى أن تنساه ولكن القدر يخالفها دائما .
حلمها أثار فيها الكثير في قلبها ،فلم تتخلى عن حبه أبدا رغم ختام العام الدراسي على الأبواب ،وكل منهما يذهب إلى طريقه ،ولا أحد إعترف إلى الآخر عن حبه ...وحلمها حدثها عن أشياء لم تتوقعها ...ترى ما الحلم الذي تتحدث عنه ملاك ؟...  
بعد خروج ملاك من إمتحاناتها الأخيرة لختام الدراسي ،في طريقها إلتقت بفيصل فستوقفها وسألها عن حالها ...
فيصل : سلام وعليكم ملاك
ملاك : سلام وعليكم
فيصل :كيف حالكم أختي
ملاك : الحمدلله وأنت
فيصل : كيف كانت الإمتحانات معك
ملاك : الحمدلله ولكن اليوم لم تكن جيدة بالنسبة لي
فيصل : ما بك ملاك أأنت بخير
ملاك : لا بخير فقط نحن سنرحل من حينا
فيصل : حقا ،لكن ليس بعيدا 
ملاك : لا ليس بعيدا فقط في هذه المدينة ،في حي الحورية
فيصل : حقا أنت لست بعيدة عني ،قريبة مني
ملاك : (بإبتسامة مخفية ) حقا ...
وبعدها قاطعنا أحد من أصحابه ليكون نهاية دورها هنا وآخر كلام بينه وبينها بالوداع ...
ملاك : فيصل وداعا
فيصل : وداعا ملاك ووفقك الله ..
ملاك في ذلك الوقت كانت في مشاعر مزدوجة ،أن تفرح لأنها قريبة منه ،أو أن تحزن لفراقه ،وهي في حيرة إذا ماكانت الأيام المقبلة ستلتقيه ... 
       
 

حلم النارابي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن