النص كاملاً

28.2K 84 23
                                    



يقولون أن المقسوم لا فكاك منه والنصيب يصل إلى صاحبه ولو بعد حين، ربما تعشق امراءة وتسعى إلى الارتباط بها وربما هي ايضا تبادلك الرغبة في أن تكون زوجة لك، لكن تقف ظروفك ومتطلبات الزواج حائلاً دون حدوث ذلك.

كان عماد شاب طموح ومقبل على الحياة، زاده فيها حبه وعشقه لجارته الفاتنة ليلى التي تسكن مع اسرتها ميسورة الحال في شقة بالبناية التي تواجه العمارة التي يسكن عماد سطحها مع اسرته البسيطة محدودة الدخل. كانت ظروف اسرة عماد عائق امامه للاستمرار طويلا في مشوار التعليم واكتفى بالشهادة الثانوية من اجل العمل والسعي من اجل مساعدة اسرته على مواجهة متطلبات الحياة. تنقل عماد بين عديد الحرف وتعلم التكيف مع مسوغات اي مهنة يتاح له العمل بها. لم يكن يعينه على مشاق الحياة وتحمل صعابها سوى ان جارته الفاتنة ليلى كانت تبادله مشاعر الود والحب والتعهد بانها ستوفر له الدعم الكافي حين يتقدم لطلب يدها من ابيها متى انتهت من دراستها الجامعية واضحت متاحة للعرسان والخطاب. كان لديه قناعة تامة ان ليلى هي قسمته ونصيبه ولن تكون ابدا لغيره.

جاهدت ليلى قدر استطاعتها في تعزيز طلبه لدى والدها وسعت إلى الحصول على دعم والدتها وبقية افراد الاسرة إلا أن كل محاولتها باءت بالفشل ولم تكن لديها القدرة الكافية لاقناعهم بأن شاب حاصل على مؤهل متوسط يتنقل بين الحرف والمهن الدنيا (من وجهة نظر مجتمعهم) قد يصبح أهلاً للزواج بفتاة حاصلة علي مؤهل جامعي إضافة إلى انها اعتادت على رغد العيش ونعيم المعيشة التي لن يستطيع عماد أن يوفرها لها بظروفه الحالية.

ربما تغلق الحياة في وجهك باباً، لكنها تفتح لك ابوابا اخرى، ظلَّ عماد يمني نفسه بأن شيء سيحدث وستتغير قناعات اسرة حبيبته ويحدث ما يرجوانه، إلا أن خبر خطبتها لجارهم الصيدلي وائل كان بمثابة غلق باب الرجاء واعتقاده انه كان على خطئ حين ظن ان ليلى هي قسته ونصيبه. كان ذلك دافع له لطرق ابواب السفر والترحال بعيدا عن الارض التي لن يستطيع أن يرى حبيبته فيها مع غيره. سافر عماد إلى اوروبا بطريق غير مشروع إلا أن كفاحه هناك قد جعل وجوده بها مشروع واسس عمل ناجح وفر له سبل المال الوفير الذي مكنه من مساعدة عائلته بشكل افضل في مصر إضافة إلى كونه يعيش في مستوى من الرفاهية لم يكن يحلم بها في بلده الام.

لا يوجد فقد بلا ألم ويخطئ من يظن أن ليلى قد مضت سريعا في حياتها بشكل طبيعي بعد انقطاع امل ارتباطها بعماد وخطبتها لوائل. لكنه النسيان عزيزتي القارئة وعزيزي القارئ وتعاقب الايام ما يساعد الانسان على المضي قدما مهما كان حجم الالم وقناعتنا بأننا لن نستطيع تجاوزه. الزمن والنسيان هما عوامل التعرية والنحت التي تفتت الصخور التي تعترض مجرى النهر الطبيعي مهما كانت قوتها وصلابتها. ربما لم يكن وائل يحبها كما احبها عماد وربما هي لا تحبه كما احبت عماد، لكنه كان زوجا مقبولا، على قدر عالي من الثقافة والاحترام يحنو عليها ويلبي طلباتها حتى وإن بدى عليه انه شخص برجماتي وعملي والمشاعر لا تشغل حيز كبير من تفكيره اثناء اتخاذ القرارت.

قسمة ونصيبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن