الفصل الثاني
رسالة من سراب ....
اليوم اكتشفت صدفة ما يعنيه اسمك ... هل كنت تعرف بأن فراس هو اسم من أسماء الأسد ؟؟؟
وأن الشخص يحمل دائما شيئا من صفات الاسم الذي يحمله ؟؟؟
من المفترض بي أن أخاف ... إلا أن معرفتي بأنك أسد تزيد من إحساسي بالأمان عندما أكون معك
أنت أسد ... و من حسن الحظ أن الأسود لا تحب أكل البصلالرجل كان ضخما .. بطول فارع وجسد يشبه أجساد المصارعين .. لحيته القصيرة لم تساهم أبدا في تلطيف مظهره .. أو في إخفاء العلامات الذاوية لضربات سكين خطت وجهه الأسمر .. أو غضبه الذي أطل من عينيه الداكنتين وهو ينظر إلى أمان ليهتف بغلاظة وبدون مقدمات :- من أنت ؟؟؟
بطرف عينها ... تمكنت أمان من رؤية شكران وهي تتسلل من ورائها وجدتها لتصعد الدرج حافية القدمين مختفية في الأعلى عن اعين زائرها المتوقع على ما يبدو ..
كانت الجدة قد هتفت به ملفتة انتباهه عما يجري ورائها :- وما شأنك أنت ؟؟ لا يحق لك اقتحام بيتي واستجواب ضيوفي بهذه الطريقة يا حسن .. انتظر حتى أشكوك لوالدتك ..
كادت أمان تضحك لولا الخوف النادر الذي أحسته من الرجل الذي بدا قادرا على فعل أي شيء بغض النظر عن الضوابط الأخلاقية .. عندما اتسعت عيناه بغير تصديق أمام التهديد الجريء من المرأة العجوز جدا والتي بالكاد تجاوز طولها خصره .. إلا أنه سرعان ما عاد يعبس وهو يزمجر :- أهي صديقة لشكران ؟؟ أتعرف أين هي ... أقسم بأنني إن اكتشفت بأنك تعرفين أين ....؟
قاطعته الجدة بسخط وهي تلوح بيديها بغضب :- هل أنت أعمى ؟؟ انظر إليها .. هل تبدو كواحدة من صديقات شكران .. إنها زبونة وقد جاءت تستعجل طلبها ..
لم تعرف أمان ما هية الطلب الذي كان من المفترض بها أن تجيء لأجله .. فظلت صامتة خشية أن يدرك الرجل ركاكة لغتها التركية .. التفت إليها مستجيبا لأمر الجدة .. وتفحصها بريبة من رأسها المغطى بقبعتها البنية اللون .. إلى قميصها الأبيض البسيط ثم سروالها الجينز القديم الباهت اللون .. ملابسها كانت عادية جدا .. إلا أن أمان ليست غبية بما يكفي كي لا تدرك بأنها لا تبدو أبدأ كأي من سكان هذه المنطقة ..
إلا أن ما رأته يتحول في عينيه من الريبة .. لم يكن الطمأنينة بأي طريقة .. لقد كان شيئا آخر جعل جسد أمان يقشعر بذعر ونظرته اللامعة تلك تعود فتصعد لتستقر عند وجهها مليح القسمات ..
عاد يواجه الجدة :- أين شكران ؟؟
:- هل أنت أصم ؟؟ لقد سألتني بالأمس ... وسألتني في اليوم الذي سبقه .. وفي كل مرة أخبرتك بأنها حيث تعمل خارج المدينة ..
التفتت أمان هامسة للجدة :- سأذهب الآن ... وأعود لاحقا لأجل ... لأجل ...
أسرعت الجدة تقول :- نعم ... لأجل الفستان .. سيكون جاهزا خلال أسبوع ..
هزت أمان رأسها وسارت مبتعدة عن المنزل بخطوات سريعة عبر الطريق الذي جاءت منه .. لتدرك خلال لحظات بأنها كانت ملاحقة ...
كانت قد ألقت نظرة عابرة من فوق كتفها لترى حسن .. يسير ورائها بكسل ... على بعد أمتار منها فقط .. إحساسها بالخطر ... بما يمثله التورط مع رجل كهذا في مكان كهذا جعل الدماء تجف في عروقها وهي تزيد من سرعة سيرها هامسة لنفسها :- حمقاء ... حمقاء ..
منذ أسابيع قليلة فقط ... كانت قد تعرضت لمحاولة اغتيال من قبل عصابة تورطت معها أمان دون أن تقصد في الوطن .. وتلك المحاولة كادت تودي لا بحياتها فقط ... بل بحياة عدة أشخاص كانوا متواجدين خلال إطلاق النار العشوائي الذي تعرضت له خلال خروجها من مقهى كانت تقضي فيه بعض الوقت مع صديقة لها ..
لو لم يصل عصام في اللحظة الأخيرة ... لو لم تختبيء يارا وراء الجدار فتحتمي به من مرمى النيران ..
كانت قادرة على سماع خطواته ورائها فزادت من سرعتها لاهثة ... ما يريده منها هذا الرجل لا يمكن أن يكون جيدا ... وعصام لن يكون موجودا هذه المرة لحمايتها .. غبية يا أمان .... غبية ..
دفعت نفسها عبر شارع جانبي قد رأت أنه سيسرع من وصولها إلى الشارع الرئيسي حيث تستطيع العثور على سيارة أجرة .. لتدرك بأنها قد ارتكبت خطأها الأكبر حين وجدت نفسها تسير في شارع ضيق خالي ومظلم للغاية ..
وقبل أن تعود أدراجها .. أطلقت صيحة مكتومة عندما أحست بأصابع قاسية تنغرز في ذراعها وصوت خشن مشحون بالغضب يقول لها :- من الأفضل أن تسيري معي بدون أي مقاومة ..