___
" ليام !"
تبحَثُ في كُلِ مطلَعٍ للفَجر ، أسفلَ الطاولاتِ و
خلفَ الشُجيرات ، تجولُ طُرُقات الحيِّ تنبِسُ
باسمه مراراً ، أمٌ عَلِيلةٌ تأبى الإقتِناعُ بفِقدانِ
فلَذتها!العَجائزُ السِتينيات فيِ ذَلِكَ الحيّ يَرمونَ نَظراتٍ تستَنكِرُ حالها.. لا جداتَ طيبَات هُنا.
"بُني!"
نَبسَت قبلَ أنٗ تَتَهاوىَ جاثيةً على عتبةِ بابِها، ليتَهُ يفتَحُ البابَ مُلقياً جَسَدهُ الضئيلَ بينَ ذِراعيها ...' ما مِن شَخصٍ يَفهم..أواري في قَلبي أضعافَ ما أُبدي ، في أيسَري لَوعةُ فَقدٍ مُرة....حياةُ حياتي غَادرني..'
____
طُرقَ بابُ الشقراءِ طَويلاً ، و لَم يتَزَحزحِ الطارقُ عن عَتبتها حَتى إستسلَمت و جَرت نفسا إلى البابِ جراً ...
" كارِن .. !"
" أُختي لِما جِئ.."
لم يتسَنى لها أن تٌكمِلَ سؤالها حتى إندَفعت من ماثلتها الملامِحَ تَضُمُ جُثَتها الهَزيلةَ إليها..
"آسِفة..أنا آسِفة لم أتَواجَد يومها!.."
كَوبت بِكفَيها المُشربةِ بالحُمرةِ وجه الصُغرى..
شَعرت بِنغزةٍ في أيسَرها ، النَظرُ في تِلكَ الملامِحِ الشَاحِبة مؤذٍ ، وهَجُ تِلكُما المُحيطيتينِ مُنطفئ ، نَامَ الليلُ أسفلَ جَفنيها ..و بَرزَت عِظامُ فَكها.."أي حالٍ أنتِ بِها! ? "
لَم تلقى جواباً سِوى ما فرَ من شهقاتِها ثُم حَشَرت وجهها إلى صَدرِها نابسةً..
" لِما لم نَمُت معاً .. لستُ أُطيق خُلو الحياةِ مِنه"
تَعالىَ بُكائُها فَمَزقَ نابِضَ من شَدت إحتَضانها ..
" لَم أرى جُثمانهُ حَتى! ... دَفنوه حِينَّما كُنتُ في غَيبوبة ، لِيام الصَغِير مَات بينَما يَبكي!"
و طَال بُكائُها مُحَرِرِةً لَوعَتها حَتىَ غَفَت..
________
"٣:٠٠ " صباحاً :
إنتَفضت الشَقراء مِن مَهجعِها إثر َ كابوسِ كُلِ لَيلة و تَعالت أنفاسُها اللاهِثة ... كَم مِن الوقتِ نامَت؟
إستَحًلها الضَياعُ و إستَقامَت دونَ تَوازنٍ تُحَدِق في كُلِ زِاويةٍ من المَكان ..و ما اللَعنةُ هذا الشُعُور ؟
كُل ما يُحَيطُها يَبدو ضَبابِياً..شَفافاً رُبما!
هَرَعت تَبحثُ عَن أدويَتِها و إسٗتَوقفَ مَسِيرها أن تَسَمَرت مَكانها قِبالةَ النَافِذة..آثَارُ كَفٍ صَغيرةٍ مَسحَت شيئاً من الثُلوجِ عَلى الزُجاجِ ، و رسَمت حُروفاًُ تََميلُ إستِقَامَتُها ..
' لِيام يَشتاقُ ماما '
و بَهتَ لونُ الشَقراء حِينَ رُسِمَ وَجهٌ عَابِسٌ مِنَ العَدًم جِوارَ الحُروفِ المُبعثًرة..
" لا..لا أين دَوائِي..لا يُمكن!"
إرتَعشَت أوصَالُها و جَثَت تُحَدِقُ شاخِصَةَ العَينينِ مَفجوعةَ المَحيا، زَحَفت زَحفاً لتَصرَعَ أبوابَ المَنزِل تَبكي هَاتِفةً لشَقِيقَتِها أنٗ أغِيثينِي..
و لَم تَلبثٗ تِلك أنٗ سَارَعت إِليها بَعدَ أن تَهادى لِمَسمَعِها صَوتُ نَحِيبِها تَبكِيه بِملئِ صَوتِها..
و على حِينِ بًغتةٍ وجَدت تِلكَ نَفسَها تَندَفِعُ إلى الخَارجِ غَير عَابئِة بالثِلجِ ، سَارت حَافيةً تَغوصُ قَدماها فِيه تَستَنيرُ بِما يتسَرَبُ مِن أنوارِ النَوافِذِ حَتّى بَلغَت جِوارَ تِلكَ النافِذة...
ما مٍن آثارٍ لِسِواها .. و الثَلجُ أَملَس" كارن! "
سَحَبتٗها الكُبرىَ عَائِدةً بِها إِلى غُرفَتِها و حَثتها على الجُلوسِ مُستَغرِبةً تَعَابيرها.." مابِكِ !؟"
أشارت أَنامِلُ الشَقراءِ إلى النَافِذةِ و إنسابَ ماءُ عَينِيها نَابِسةً..
" ل..لِيام!"
" مَال...؟"
صَمتٌ مُريعٌ سَادَ بينهما..سادَ طويلاً._______
دِيسَمبِرَ الفائِت :
'' لِيام..تَأخرنا"
هَتفَتِ الشَقراءُ تَستعجِل ذو السنينِ الست العالقِ مَع رباط حِذائهِ ، مُصّر على ربطها بمُفرده ، رغبةٌ طفوليةٌ في الإستِغنًاء عن الخَدماتِ الأمومية إنتَهت بنَظرةٍ ملتمعة ٍو عبوس مزيف ..
" إربِطيهٍ ماما! "" ها نِحنُ ذا "
إتَسعَ تَبسُم ثًغرِها لمرئاه حِينَ إخْتفى جُزئياً في مِعطفِ الصوف الواسِع و رشَ البردُ حُمرةً على وجنتيهِ ..
"إستَدِر و أرِي ماما مَظهَركَ"دَارَ مُمتَثِلاً بينَما يُعَدلُ القُبَعةَ على خُصَلاتِه الذَهَبية ليَنطِقَ بِتَذَمُرٍ لهُ حَلاوة...
" سَتَنفَذُ أشجَارُ الصَنُوبَر و حِينَها سيأتِي العِيدُ دونَ شَجرة!"
تَعانَقت كَفهُ المُّتَلئة بأنَامِلها يَشُدها و سَارت مَعهُ مُنصاعةً لأَمرِ ملاكِهَا الأَشقَر...ذَلِكَ الضَئِيلُ إِعتِذَارُ الأيامِ لها عَن ما كَان قَبلهِ، لابأسَ لَديها أن تُصَنف ك"أمٍ عازبةٍ " ، بغَضِ النَظرِ عَن إستِيائِها أحيانًاً لِحرمانهِ الأبَ لكنها أجادتِ الدورينِ لَه.. و كَثيراً ما أحَّبت شَبَههُ بها حيثُ لا يُفَرقِهما سِوى لونُ قُزَحِيتيهِ العَسلي الصَافي !
" ماما .. تَبدِينَ مَريضَة "
" لا تَقلَق! ، فَقط إِربط حِزامَ الأمانِ الآن حسناً؟ "
أليسَ شَنيعاً أنٗ تَكونَ هَذهِ حُرُوفيَ الأَخِيرةَ ، لَم أُخبره بَعد كًم إستَحلَ مٍن الحُبِ في قَلبي...وَليدُ فُؤَاديَ الصَغير!
لِما لَم نَمُت معاً ؟_____
يَتبع•••
أحدهم لا يستطيع كِتابة بارت طويل...🙂
إذن?
أنت تقرأ
°• فاجِعة ديسَمبر°•
Short Storyرأيتُ في منَّامي جسدهُ الضئيلَ حافياً على الثلوج ، أشعث الشعرِ شاحباً ... شفتاه مُزرقة ، جُفونهُ متورمةٌ و عيناه غائرة ، الحلم ذاتهُ كُل ليلة منذ توفي ، لكن اليوم.. وجدت آثار أقدامهِ الصغيرة على الثلج ..حيث كان واقفاً في منامي ..حيثُ همسَ باكياً أ...