Intro

124K 4.2K 4.1K
                                    


الجَرس ذُو الصَوت المُؤلم لأذنِيه قَد صَدح الأنحَاء لـ تأتِي أسوَأ فَقرة يكرهُهَا فِي أيَامه المُزعجة، و هُو صُراخ الطُلاب و رَكضهِم للصفُوف كمَا تركُض الحيَوانَات حَيث مَصدر فَريسَتها

رَفع يَديه الصغِيرة يحمِي بِها ما تبقَىٰ مِن أذنِيه مُجعدَاً مَلامحِه المُرهَقة بضِيقٍ خانِق، و رَكَض ناحِية الفِناء بعِيداً عَن تِلك الوحُوش

آلقىٰ حقِيبَته أرضَاً لـ يتجَمع الغُبار عليهَا و طَار بقيَتها فِي الهوَاء، و مِن ثُم آلقىٰ جسَده تَاليَاً بجانِب حقِيبَته جاعِلاً مَلابِس مَدرسِته تَتسِخ كـ بَعض قلُوب البَشر

سحَب قدمِيه لـ حُضنه حتى لا تَبقى بُمفردهَا و حاوَطَها بـ ذِراعَيه قويَاً كـ مَن وجَد مصدرَاً للآمَان، و دَفن رأسِه معهَما مُتمنيَاً أن يحُل الهدُوء سَريعاً قَبل زيَارة الصُداع

مرَت الدقَائق كـ الدَهر بالنسَبة لذَلك الفتَى الصغِير، و سُرعَان مَا أطلَق تنهِيدة تُعبَر عن راحِته لـ عُودة هدُوئه إليه مَرةً أخرى

لِما لَم يذَهب لـ صَفه؟ هُو لا يَفعل ذَلك كُل يَوم مُتلقيَاً التَوبيخَ الصَارِم مِن أبِيه، لَكن والدِه لَن يَفهم مَا يمُر به إبنِه أثنَاء مرَاحِله الدراسِية

جَميع مَن حَوله وحُوش، و هَل مِن شخصٍ أن يقترِب مِن الوحُوش بنفسِه لـ تقتُله؟ البَشر أسوأ الوحُوش ! هُم يقتلُونَك حيَاً لـ يسلبُون رُوحك كـ حاصدِين الأروَاح

يسلبُون لَونَك، سعَادَتك و آمَالَك لـ مصَالحِهم المُتعطِشة، لِما عَليه أن يَجتمِع مع أناسٍ مِثلهُم؟ حظِه لا يقِف بـ جانِبه فـ هَل سوف يَفعل شخصَاً حياً؟

شعَر بـ ثُقل قَلبه يزدَاد لـ ذكريَات البَشر المُقرفَة الذِين كَانوا ألعَن مَن قَابَلهُم، خيَانة، سُخرية، تنمُر، مَصلحة، الكَذب و الخِداع مَا حصَل عليهُم مِن ' أصدقائه '

"تَبدو وحِيداً كُلما أرَاك" جُملةً صغِيرة ذو نَبرة هادِئة أذَابَت جَميع أفكَاره التِي لا تَنتهي، رافعاً رأسَه لـ يرَى مَن يَقف أمَامه كـ بصِيص أمَل

كَانَت خُصلاتِه الكِستنائِية كـ زِينَةً لـ مَلامِحه الجمِيلةَ و الهادِئة، عَينَاه التِي تَلمَع كـ لمعَان العسَل حِين تزُورهَا الشَمس و رمُوشِه الكثِيفَة عَكس بقِية الطُلاب الذِين رآهُم في حيَاته

أبعَد رأسَه عَنه مُتجاهِلاً كلَامِه إلَيه، لا رَغبَة لَه في التحَدُث مَع أحَد سوَى نَفسِه فـ هُو لا ثِقة لدِيه لأي بَشري، حَتى والدَيه

شعَر بجلُوسِه بجانِبه لـ يَشِد عَلى قَبضَة يَده و خلَق مسَافَة بَينهُ و بَين ذَلك الطالِب الغَريب مُبتعدِاً، لَا إجابَة و لَا بُرهَان عَن سَبب وجُودِه معَه

Falling <TK>حيث تعيش القصص. اكتشف الآن