الفصل الثانى والعشرين

698 21 0
                                    



الفصل الثاني والعشرين

:- ماذا ؟؟؟ هل تمزح معي يا عزيز ؟؟
قال بجفاف :- هل أبدو لك وكأنني أمزح ؟؟
حدقت به غير مصدقة .. لتدرك بأنه كان جادا بالفعل فيما يقوله .. عزيز يفكر جديا بالزواج من هزار .. الفتاة التي قابلتها مرة .. والتي أثارت في ابنها الوحيد ردة فعل لم يسبق أن شهدتها فيه في حياتها .. عندما طردها تقريبا من الشقة متجاهلا كل قواعد السلوك التي زرعتها فيه منذ طفولته ...
الفتاة التي أخبرها بأنها تعرضت للاختطاف قبل أشهر في حادث راحت ضحيته ليان ... الفتاة التي أظهر لها بوضوح أنه يلومها بطريقة ما على ما حدث .. وأنه يحملها كامل المسؤولية عن موت ليان ...
الفتاة التي علق معها بالأمس ... فتحدثت إليه منبهة إياه عن تأثير ما حدث على سمعتها ... وعلى ...
قالت من بين أنفاسها :- عزيز ... إن كانت هذه نوبة جنونية أخرى كتلك المتعلقة ببيان ...
قاطعها سائلا إياها بهدوء :- هل تضمين هزار إلى المجموعة نفسها مع بيان ؟؟
قالت على الفور :- بالتأكيد لا ... لكن كما خطبت بيان بتهور قبل فترة مدفوعا بحاجتك لحمايتها .. أعرف بانك على الأرجح تخطب هزار صيانة لسمعتها ..
قال بلهجة عملية :- لنفترض أن هذا صحيح ... هل تجدين خطأ فيه ؟؟
قالت بحزم :- نعم ... أجده خاطئا لأنني لن أرغب بأن تربط نفسك بفتاة لا تهتم لأمرها .. بل وتنفر منها كهزار حتى وأنا أجدها فتاة لطيفة .. حماية لسمعتها وقد أخبرتني أنت بنفسك بأن مغامرتك معها لم تكن وحدها ما لطخها ..
شحب وجهه .. وقست ملامحه .. وهو يخاطب والدته بجمود قائلا :- أتراك قد انضممت إلى ركب أولائك الذين لاموا هزار على خطأ لم ترتكبه يا أمي ؟؟؟ لم أعرف أن معاييرك كلها تختلف مرة واحدة فور أن يتورط ابنك في الموضوع ..
قالت بانزعاج :- بالتأكيد أنا لم أعن الأمر بهذه الطريقة ... أنت تعرفني جيدا .. أنا أبدا لا أفكر بهذا الشكل .. ولكن يا عزيز .. أنا لا أريدك أن تربط حياتك بفتاة تنفر منها .. لأجل خطأ لم ترتكبه أنت أيضا ..
تنهد وهو يقول :- أنا لا أنفر من هزار يا أمي .. ولا .. أنا لم أطلب يدها فقط كي أحمي سمعتها بعد أن علقنا معا طوال الليل ..
توترت وهي تقول :- هل خطبتها بالفعل ؟؟؟
:- تحدثت إلى شقيقها ... وأخبرته بأنني سآتي معك قريبا كي نخطبها رسميا من والدتها ..
قبل أن تفتح فمها باعتراضها الحانق .. أمسك كفيها .. ورفعهما إلى شفتيه يقبل معصميها بطريقته التي كان دائما ينجح في إسكاتها بها .. لقد كانت قبلته هذه ليدها دائما طريقته في الطلب منها أن تهدأ .. وتسمعه ..
كاد يضحك وهو يتذكر اتباعه الطريقة نفسها مع هزار دون يفكر ... لقد قبل معصمها بالفعل .. رباه .. بم كان يفكر .. لحسن الحظ أن الفتاة كانت أكثر اضطرابا من أن تقوم بعمل أعنف بكثير من محاولتها تلك لصفعه ..
قال بهدوء :- أمي .. أنا أفهم قلقك .. أفهم توترك .. أفهم حاجتك لأن تريني سعيدا .. أن أرتبط بفتاة جيدة تناسبني ..فتاة أهتم بها .. فتاة جميلة .. مؤدبة .. ابنة عائلة معروفة .. والأهم .. أن تنال إعجابك .. هل أغفلت عن أي بند في القائمة ..؟؟
احمر وجهها وهي تتذكر يوما عددت له فيها مواصفات الفتاة التي تريدها زوجة له .. وقالت بتذمر :- لا ... لم تغفل عن شيء .. من الأساسيات على الأقل ..
التوى فمه بابتسامة صغيرة وهو يقول :- بغض النظر عن أي شيء آخر عرفته عن تجارب هزار السابقة ... والتي نعرف أنا وأنت أنها كانت بريئة فيها دون أن يكون لها أي يد في حدوثها ... هل أعجبتك الفتاة عندما قابلتها أول مرة ؟؟
قالت بجفاف :- أتعني خلال ذلك اليوم الذي طردتها فيه من بيتي ؟؟ في الواقع نعم .. الفتاة أعجبتني .. لقد كانت لطيفة ..مؤدبة .. عالية الخلق .. هادئة .. و رزينة .. لقد أملت حقا أن تساهم صداقتها لفرح في زرع بعد التعقل لدى شقيقتك المجنونة ..
ابتسم حقا هذه المرة .. وهو يتابع :- هل تعتبرينها جميلة ؟؟
:- أنت تعرف أنها جميلة .. بطريقة .. ممم .. رقيقة وبريئة .. لقد بدت لي أصغر بكثير من سنها ..
:- كما أنها ابنة أيمن الشاعر ... لا أحد في المدينة كلها يجهل من يكون أيمن الشاعر ...
عبست .. عاجزة عن الاعتراض .. فقال عزيز مكملا :- بقيت أمامنا النقطة الأخيرة ... أن أهتم بها .. ماذا إن أخبرتك بأنني بطريقة ما ... أهتم فعلا بهزار الشاعر ...
قالت على الفور :- أنا لا أصدقك ... لا يمكن أن تنقلب الكراهية إلى إعجاب خلال أسابيع قليلة
تنهد قائلا :- آنسة ربيعة .. اتركي المنطق جانبا .. وركزي معي ... أنا لم أكن أكره هزار ... لم أكن أنفر منها .. أنا فقط ...
صمت للحظة وكأنه يفكر بطريقة يصف فيها الأمر .. ثم قال :- أنا فقط جعلت منها كبش فداء يا أمي ... لم أكن قادرا على خنق ليان .. لأنها قد ابتعدت عني .. أخرجتني من حياتها بدون تفسير .. لأنها قد عرضت نفسها للخطر فماتت على يد رجل حقير
ولأنها سمحت لذلك الرجل أن ينال ما هو له .. مرغمة أم لا .. مخدرة أم لا .. لقد خانته ليان حين منعته من أن يمنحها ما تحتاج إليه من حماية .. ففرطت بنفسها .. بجسدها .. ثم حياتها .. ثم سلام وأمان عائلتها بموتها ..
قال بصوت أجش :- أنا لم أكن قادرا على إخراج قاتل ليان الحقير من القبر وقتله مجددا ... يا الله يا أمي .. لو تعلمين كم مرة تخيلت نفسي أقتله .. مرة .. بعد مرة .. بعد مرة ...
اشتدت أصابعها حول يده وكأنها تخبره بأنها تفهمه جيدا .. وأنها تقدر مشاعره .. فأكمل :- أنا وجهت غضبي كله هذا نحو هزار .. بطريقة ما .. كونها هي من عاشت .. في حين ماتت ليان .. كان ذنبا لا يغتفر في نظري ..
تمتمت بحنان :- لا أحد يلومك على الطريقة التي اخترتها لرثائك ليان يا ولدي .. أنا لا ألومك .. إلا إن امتد رثاؤك هذا وتطرف إلى حد إيذاء الفتاة .. تلك الفتاة .. كانت ضحية .. كليان الضبط ..

رسائل من سراب الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن