|٢|

142 23 44
                                    

..


" إنَهُم الأَطفالُ حَتماً .. لا تُفَكِري بذَلِكَ كَثيراً "

ظَلت الأُختُ الكُبرى تَغرِسُ جُملَتها في ذِهنِ المَفزوعةِ جِوارها ..و لكِنها في قَرارةِ نَفسِها تُدرِكُ أنَّ الأمرَ ليسَ كَذَلِك...


____

جَافا عَينِيها النَومُ مُنذُ أَيام ، باتت تُهَلوس مُنذُ سَاعات و جَرَتها سَاقَاها إِلى غُرفةِ الأشقر سَابقاً..

صَريرُ مفَاصِل البَاب إستَثَارَ قشعَريرةً بِها ..و حِينَما دَلَفت شَعَرت برائحةِ ذَلكَ الصَغير تتخَللُ رِئَتيها ..عَبقهُ باقٍ هُنا..

كُرتهُ تَدحرَجت ببطء حَتى لامَست قَدَمها ..
تَوجست.

و إنحَنت تَلتَقِطها بأناملَ ترتَعِش..

إلتَفَتت تَجولُ أنظَار مُحيطِيتيها في المَكان و تَصلبَ جَسدها بأعين شاخِصة إذ تَرائى لَها خَلفها بِذاتِ هيئةِ كوابِيسها..

تِلك الصَرخةُ التي سَمِعتها يَومَ فاجِِعَتِها صَدحَ في ذِهنِها ..

غَدى بَصَرُها زائغاً قبلَ أن تستَديرَ ببُطء...تُصَلي دواخِلُها أنَّ الأمرَ مَحضُ هَلوَسةٍ عابِرة ..

تَلاقَت تِلكُما المُحِطيتان بأعيُن جاحِظةٍ يقَقُها لا يَكادُ يُرى لِفرطِ إتِساعِ مُقلَتيه..تِلكَ الجُفون المُزرقةُ لا تَرمِش ..و مامِن صَوتٍ يُسمع .


________




قُبَيِلَ أعوامٍ سَبعة :

"أنتِ سافِلةٌ تَجُوبُ الحَاناتِ طِيلةَ اليَوم .. و الآنِ ماذا? .. جئِتي تُنبئِينني بأنَكِ حَامل!!"

جَذَبت العَجُوزُ الشَعثَاء خُصلاتِ الصُغرى مُنهَالةً بوابِلٍ مِن الشَتائِمِ و الضَرب...كَفاها الغَليظَتان شَوَهت وجهَ الصُغرى ..

إستَمَرت تَرفِسُ و تَضرب و مِن شَقرَائِنا لا يُسمَعُ سِوى أنِينٌ خافِتٌ بعدَ أنّ سَاحَ كُحل عَينَيها لِفَرطِ بُكائِها ...

" مِن أينَ جَلبتي تِلكَ القَذارةَ أيتُها الساقِطةُ السَكيرة!" .. هَتَفت بعدَ أن تَعِبَت و ألقَت جَسَدها المُتَرهل على أقرَبِ كُرسيٍ جِوارَها..

"لَستُ أعلَم..لَستُ أَعلَم.."

شَعَرت بأنَ كُلَ تَعاستِها عالِقَةٌ في حُنجُرَتِها..كُلُ حُرفِها تَشوبُها غُصَةٌ غَلِيظَة..

"آه ..ما أفعَلُ بِكِ الآن.."

أخَذت تَلطِمُ نَفسَها تَنوحُ و تَلعنُ بِكُل ما تُجيِدُ لِسانُها ..

و لَم تَلبث أنّ وَقَفت فجأةً تذرَعُ المَكانَ كأنَ أسفَلها شًوكٌ يَخِزُ خُطُواتِها..

" آسَفاهُ عَلى أَموالي فيِ جَامِعَتك لَم تُكمِلي .. حَتى في ثانَويَتِكِ رسَبتي .. لَو لَم يَقبَل مُديرُ المَدرَسةِ رَشوةً لأنتَزِعَ لكِ شَهادةً لَعِينَة..آهٍ تباً لو أنَكِ كإخوَتِك..آهٍ و اللَعنة غَادري مَنزِلي..أُخرُجي!"

أَخذَت تَسحَبُها خَارِجاً صافِعةً البَابَ في وَجهِ إِبنَتها..

و تِلكَ إنتَفَضَت تَضرِبُ البَابَ بكفَيها الشَاحِبينِ بارزَّي العُروق تَستَميتُ لِتَفتَحه..

علَّا نَحِيبُها طَويلاً حَتى إنبَحَ صَوتُها و إستَسلَمت تَجُرُ سَاقِيها ..
مَامِن أَحدٍ مِن أَشٍقائِها بإِستِثناءِ آنّ يُطِيقُها بِما يَكفي لِيَفتَحَ لها بابَ مَنزِله  .. و تِلكَ خَارجَ البِلادِ مُنذُ أَعوامٍ عِدة.

دَاعَبَ الوَسنُ جَفنَيها فألقَت جُثَتها الهَزِيلة على المَقعَدِ الخَشبي الرَطبِ عَميقِِ الشُروخ .. نَبَتت مِن إِحداها سَوسَنَةٌ تُطابِق في زُرقَتِها مُحيطَ مُقلَتيها ..

و نامَتِ المُهَشمةُ أسفَلَ الدَيجورِ المُلتَمِع تَضمُ بِكَفيها تِلكَ الرُوحَ الغَافيةَ في جَوفِها..




________


" ل...لِيام"

"كَارِن!! "
دَلَفت حَالِكَةُ الخُصلات لِتَجذِبَ الشَقراءَ نابسةً..

" تَعلَمينَ كَمِ الساعة ..مَالذيِ تَفعَلينَهُ ?"

إِلَتفَتت تُحَدِقُ مُجَدداً .. لَم تَجِده ..

" كَارِن...مَتى نِمتي آخِرَ مَرة?"

لَم تُجِب..كَانت مبهُوتةَ المَحيا...تَسمَع فِي ذِهنها نِداءً لا يَنفَكُ يُرَتِلُ أنّ أُمَّاهُ أَغيثِيني..

بَلغَ مِنها السُهادُ أنّٗ تَهذِي .. و هَوت بغتةً
دُونَ وعي

بَلَغت حَدها..

_______

يُتبع•°

إذن?

°• فاجِعة ديسَمبر°•حيث تعيش القصص. اكتشف الآن