الى لقائِنا الموعود

274 43 53
                                    

مَر شَهرٌ على غيابِ نصَفـي ، على غيابَـك ، أنا أشتاقَ لـكِ أتعلميـن؟ ، ويحي كيفَ أسألُكِ أنتِ بالطَبعِ تعلَمين أنا الأنَ امامَ النافِذة لـم أعَد أهابُ النوافـذَ أو ربـما أريدُ القدوم أليكِ الفاجـعة التي أستَفقتُ عليـها تأتي في أحلامِي كُل يومٍ وكل ما اضعُ رأسي على الوِسادة أتذَكـركِ تحتَ الأنقاضِ يديكِ الصغيرة النحيلةُ تعافِرُ الأحجارَ الكبيرةُ للخروجِ وأنا أقاومُ جرح قَدمي الذي أمتدَ من أسفلِها الى رُكبتي  تشبثتِ بي ومسَكتِ كـفي قبل أن تشُدِي عليه وأحسَستُ أنا بألمٍ في قَلبي كأنَه وخزُ الإبر الضَبابُ والغُبارِ ، صوتُكِ وانتِ تنادي في غسَقِ الدُجى بعيدةً عني أميال معدودة ليتَني كُنت أعلـم كُنت تمسَكتُ بكِ في اضَـلعي جعلتُ معطفـي سجنً لكِ اخبأتكِ فـقلبي ، لازِلتِ في قَلبي ، لازالَ طيفُكِ يراودني لايزَال صدى صوتِك يناديني لا تزالينَ بينَ ثنايا القَلبِ موضوعةٌ متَربعةٌ على عروشِ كيانِي ، وجهكِ المُدمىَ شعرُكِ الأشقَر الذي خالطَهُ دمائكِ المنسَدلة على كفوفِي حضَنتك عِندها دموعي خالطَت جَلدكِ ترجيتُكِ للبقاء أخبَرت عيناكِ كم أحبها قبَّلتُ جبينكَ الأحمر عديتُ رموشَكِ رمشَاً رمشاً حفظَت وجهكِ في مخليتي ، في تلافيف عقلي ، في وتين قلبي ، في أعماقه موطننا قد تَـدمر الزِلزالُ قد أبتَـلعَ بيتَنا الموعود أبـتلـع حديقتنا ، أبـتلعَ كل شيءٍ كانَ سبيلِي للوصولِ لكِ ، أتذكرينَ يوم مواعدَتنا ؟ ، أعتَقد أنكِ لم تَنسي .

- ديڤيا ، أتقَبلين بي أنا بارَك جيمين صَديقُ طفولَتِكِ الذي لـطَالما أعتَبرتيهِ أخاً لكِ ولكنني لم أعتَبـركِ يوماً صدِيقةً ، عيناكِ الخضَراء تِلك شَعركِ الأشقَرُ ذاك شفاهكِ الأحمَر الذي لـطَالمـا أردَتُ ان أتذوقَه يديكِ الناعِمة التي كانَت تُمسِك يدي في طفولَتنا لأنزَالكِ من الشَجرة عَطركِ الذي يتسَلل الى داخِلي عِندما تخطينَ من جانِبـي كل شيءٍ بي يُريدكِ ، أنا وقَلبي وعَقلي ، أنـتِ من أحببَتكِ من البداية أنتِ من أستَوطَن قلبي ، انتِ المُستَعمرُ والجَنودُ والوَطنُ والحكُومة ، أنتِ المَلِكة والأميرةُ والمالِكةُ والمملكَةُ ، انتِ العينُ والنَظرُ ورمشُ والمقَلة ، أنتِ كُل شيءٍ لي دِيڤِيا ، أنتِ أنا فـلا ترفضينِ وتغدي في قَلبي عِشقاً سَرمدياً لا ينَقصُ ولا يختَفي ، أتقَبلين بي حبيباً لكِ في السَراءِ والضَراء وما بينَهما ؟ ، في الليل والنَهار وفي كُل الأوقاتِ ودهراً كامِلاً ؟ .

" عِندها انتِ ذرفتي الدموعَ لما رأيتينِي منحنيٌ على ركبتي أمسِك يدَكِ في كَفي ويد‌َكِ الأخرى تضعِينها انتِ على ثَغركِ تدارينَ دموعَكِ ، أخبرتيني عِندها أنَكِ وانتِ ايضاً تبادليني نَفسَ المشَاعر بكيتِ كثيراً وقلتِ لي أنَكِ لم تتوقعينَ قدومَ هذا اليوم الذي سوفَ أحبَكِ فيه لـم يكَن لديكِ عَلمٌ أنني كَل يوم كُنت أغرَق فيكِ ، في أصغَرِ تفصيلٍ لكِ ، في شامَةِ عنقكِ التي لطالـما كرهتيها غمازة كَتفَكِ التي قد مَتُ من الغيرة عِندما أقتَرب مَنها فارِسُ القَٖٖصر ولمَسها ضحكتِ أنتِ أما أنا فتَجمعَ الغَضبُ واشتَدَ الحَنقُ في حَلقي غضَبتُ مَنك ولـم أحادِثكِ أقبَلتي عليَ بثوبِكِ الجديدُ تتمايلينَ بِرقة وأنوثَةٍ ضاغية قُلتِ ،" أنظَر ماذا أحضرو لي " تأمَلتُ حسنَكِ الذي لا يوجَد مِثله حدَقتُ وأطَلتُ النَظر بكِ بيضاءُ البشَرة كَحـليبٍ صافي كـبلورِ ثَلجٍ في القَطبِ الشمالي لم أجاوب فـ انا ياعزيزتي رجَلٌ لا يُرضى بسهولةٍ ربَـما بِقبلةٍ أقتَربتِ مني ونَبستِ بخفوتٍ " ماذا دَهاكَ يا صديقَ الطفولة أتتخذُ موقِفاً الأن ؟ " ادَرتُ رأسِي عليكِ وقَلبي أنفَطر من أربعةِ حروفٍ قد خرَجت منكِ بعفوية ، كَدتُ أصرخُ في وجههكِ وأقول " الا ترينَ الحُب في عيني ؟ ألا تدَركينَ غيرَتي عليكِ ؟ ، ألم تلاحظِ أنني ر‌جل متَمَلكٌ يريدُكِ له فَقط ؟ ، ألا تؤلِمكِ كـلمةُ صديقٍ مثل ما تَؤلمني وتندسُ في صدري كسكينٌ وتقَطعه الى أشلاء؟؟ " ولَكنني عِندها ضَعفتُ أمامَ مقَلتاكِ الخضراءُ التي تَصبُ في عيناي وجعَلتني ثملاً مسَحتُ كل الكَلماتِ من رأسي وأكتفيتُ بقولي " جميلٌ جداً يليقُ بكِ تماماً " بعدَ قولي تِلك الكَلماتُ أبتَعدتِ أنتِ واستَسمحتِ مني للذهابِ الى مَملكَتكِ المُبجلة تخَلصتُ من غَضبِي أنا وقررتُ أن أطلبَ منكِ المواعدة لأنني اكتفيتُ من كلمة صديق وأكتفيتُ من عشقي لَكِ ، بحثتُ عن ورودٍ لكِ فـ أنتِ من النوعِ الأنتقائي لايلِيقُ بكِ ألا المميز وردة بـلونِ ثغركِ والأخرى بَـلون بَشرتَكِ ولكن لم أتمَكن من إيجادِ وردةٍ بلون عيناكِ فـ أكتفيتُ بعيناكِ ورودي وبستاني وحديقتي ذَهبتُ للصاغة بحثتُ عن خاتِمٍ مرصعٍ بحدقة عيناكِ مطلياً بخيوطِ شعركِ ، لم أنسى الشوكلاته الخاصَة بكِ ولـكنني أخبرتُ البائِع أنني أريدها بـطَعمِ فاهِكِ وبعدَ أدراكِي أنني قَد فَضحتُ نفسي تمنيتُ أن تنشَقَ الأرضُ من تَحتِي وتَبتلعني ، ضَحكَ البائع وأخبرني أن أذوقَها بنفسي ولا أنتَظر منه أعطائي اياها ليتَه يعرفُ أنني أفدي حياتي وأذهبُ ضحيةً فقط لأحظى بقبلةٍ صغيرةٍ مَنكِ خر‌جتُ بعد شرائي لعلبَة الشوكلاته وبدأتُ بالبحثِ عَنكِ بحثتُ في الأرجاءِ ولم أجدكِ عَدتُ أدراجي الى مكانِنا المَعتادِ ، حديقَتنا السرية منذُ أن كُنا في السادِسة عَشر ربيعاً كُنت تسقينَ الزَرعَ وتتلمَسينَ الوردَ بأصابعَكِ وكم شَعرتُ بالغيرةِ وكم تَبينَ أنني رجلٌ غيور فـ بحقِك كيفَ تملكينَ الجمال هَذا كُله ولا تَغارينَ على نفسكِ من أعين الحُسادِ ؟ ، تقَدمتُ ناحيتَكِ لتكتَشفِ وجودي وتبتَسمينَ أمامَ عيناي لأضعَ يدي على قَلبي ولا أجده تقدمتِ أنتِ بغباءٍ ونبستِ " جيميني الصغيرُ أصبح يافعاً وقرر المواعدة من سعيدةَ الحظ التي ستشاركني صديقي؟ "
أنقَلب ثغري عند سماعِي لكلمة صديقي وكم أكرهها بعدَ حارسِ القصر خاصَتكم ضَربتُ جبينـكِ وانحنيتُ أخبَرك بمدى هيامي بِكِ وعشقي الغريبُ بخصَلِ شعركِ المُنسدِل على كَتِفك

بعد أسبوعٍ من قبولكِ لمواعدتي واسبوعٍ من السعادة التي غَمرت كِلانا اسبوعٍ مليءٍ بكلماتِ الحُب والغَزل الرخيصِ الذي كانَ يضحككِ وانا أستَمع لضحكاتك وكأنني أسمعُ لبيتهوفن أثناءَ سقوطِ الندى ، حصَل الحادِث الذي فَصل سعادتي وقطعها الى اشلاء كُنت انتِ في مكانٍ قريبٍ مني شَعرتُ بهزةٍ قويةٍ قَد حرَكت كل شيءٍ حولي واسقَطته أرضاً سَقطتُ انا وأثناءَ محاولاتِي للوقوفِ وجدتكِ تركضينِ ألي بلوعةٍ وخوفٍ صرختُ لكِ كي تتوقفي لكنَكِ لم تأبهِ بكلامي وأستمريتِ بالركضِ أهتزَ كل شيءٍ لأراكِ تسقطينَ أمامي وعيناي بالكادِ تراكِ الضبابُ والغبارُ قد حامَ المكانَ وأنا عيناي تبحثُ عَنكِ حاولتُ أن أستقيمَ لتَسقط على قدمي صخرةٌ كبيرةٌ فقدتُ الأحساس بقدمي والدمُ قد أغرَقني لم أهتم بألمي وبدأتُ بالزَحفِ اليك ، الأرض من تحتي تهتزُ وأنتِ تختفينَ عن ناظري تدريجياً زحفتُ اليكِ بقوةٍ لكنني لم أرى الا يديكِ التي كانت تعافِرُ الصخور القاسية بعكسِ يداكِ الصغيرة العوائق التي منعتني من الوصولِ اليكِ ابكتني دماً نزف قَلبي ونزفـت قدمي وعيني ازحتُ الصخورَ بقسوةٍ لأراكِ تلتَقطينَ أنفاسك الأخيرة ذرفتُ دموعي وأغرقتُكِ بالدمعِ والمآقي حضَنتكِ بقوةٍ وسمعتُ صوتكِ وانتِ تحاولينَ الكلامَ وتقاومِين

" جيمين ، احبكَ تَذكر هذا  " ابعَدت رأسكِ عن كَتفي

" دِيڤِيا عزيزتي هل تَسمعينني ابقي معي ارجوكِ انظري كل شيءٍ أنتهى لقد طَلبتُ المساعدة ارجوكِ استفيقي "
لم تفتحِ عيناكِ وانا لم أستَسلم عن محاولة إيقاظِك ركضوا الحراسَ أليكِ يحملونَكِ من يدي لأصرخ في وجههم أن يبتعدو عَنكِ أخذوكِ مني قسراً لأفترش في الأرضِ وأبكي ، شعرتُ بشيءٍ من قلبي قَد أخذ حينها شعرتُ بموتَكِ .

----

الأن بعدَ ثلاثة اسابيع منذُ انا توفيتِ لازالتُ اراكِ في المَنزل لازَالتُ اشعر برأسِكِ على كَتفي صوتَكِ ، قبلَتنا الأولى ، وحضننا الأخير
طيفكِ يحومُ في المَنزل رغمَ انني تَركتُ القرية من بعدِ موتِكِ لم أطق الموطِن من بعدكِ فأنتِ موطني وأنا من دونَكِ لاشيءٍ
ليتَكِ كُنت هنا ، ليتـني انَا من مُت لا أنتِ ليتَ طفولتنا تعود ، ليتَ الزلزالُ قد أصابني لوحدي ، ليتكِ بجانبي ، اكره القدر ، اكره الدهر ، اكره كل شيءٍ كان سبب بُعدِنا سمائي كل يوم مظلمة ولم تَطلع عليَ شمسُ منذُ رحيلك ، رائحتكِ الممزوجة برائحة الغبارِ والترابُ لازالت في أنفي تذمراتِك اللطيفة وأصراركِ على المثلجاتِ في الشتاء في أذني ، عيناكِ الخضراءُ ويحي اشتاقُ لها جداً عيناي كُل يوم تبحثُ عنكِ انادي كُل ليلةٍ بأسمكِ ولكن لا أجدُ منكِ ردً ، حتى في حُلمي أراكِ ، أراكِ في الحَلمُ تحضنني وتربتينَ على ظهري وكأنك تصبرينني على فراقكِ .
ذهبتِ من دونِ سابقِ أنذار ، بدونِ أي مقدمات ، ذهبتِ انتِ وأخذتي وجودي معكِ .

دِيڤِيا ، دُمتِ شيءٍ لا يموتُ ولا ينتهي ، دُمتِ في قَلبي نبضً لا يتوقف ، دُمتِ حبيبتي الأولى وعيني الثالثة .

وداعاً ، الى يومِنا الموعود ...

دِيڤِيا.Where stories live. Discover now