الفصل الثاني

2 1 0
                                    



في شقة المعاديرن هاتف آدم و هو يعدل في ياقة قميصه الأبيض، حمل سترته الرمادية بيده اليمنى و التقط هاتفه باليد الأخرى ليجيب على الاتصال:_ اتفاقية ايه دي يا أمير..أنا مش كنت لغيتها من الأساس.!!أتاه صوت أمير قائلا:_الاتفاقية اللي هتم اليوم بالليل، و احنا لازم نحضرها فمش معقول نخلي الساحة فاضية لغيرنا.. صرّ آدم على أسنانه ليجيبه ب:_ أنا قلت مش عايز أتعامل معاهم مرة تانية..تنهد أمير بنفاذ صبر قائلا:_خلاص تمام، لما تيجي للشركة هبقى أفهمك كل حاجة..أغلق آدم الهاتف و خرج مسرعاً من غرفته و هو بملامح متكدرة، فور فتحه للباب ارتطم بصينية القهوة التي أحضرتها رهف، فتعالى صوتها في أرجاء البيت:_آاااآه، أنااا والله ما قصدت..كانت رهف متجمدة في مكانها و هي ترى بقع القهوة متناثرةذش على قميص آدم..نظر في عينيها الفيروزية بشرود قبل أن ينطق بحنجرته الحادة وهو يتحسس لسعة القهوة الساخنة على صدره:_ إنتي عملتي إيييه..سحبت منديلا من جيب مئزرها و بدون تفكير منها اقتربت منه خطوتان و بدأت تمسح بقع القهوة و هي تردد:_ أنا آسفة يا بيه، والله ما قصدتش، أنا هنضفهولك فورا إنت بس اديهو..مسك كلتا يديها قبل أن تكمل جملتها، لترفع عينيها البريئة و هي تتمعن في تفاصيل وجهه الجامد..أغمض عينيه لوهلة قبل أن يفقد سيطرته على نفسه قائلا:_ ممكن تبعدي و تسيبيني أغيّر المصيبة دي، عشان أنا متأخر على مواعيدي بسببك..عضت على شفتها الكرزية بإحراج قبل أن تجيبه على مضض ب: _ حاضر يا بيه..دخل للحمام بعد أن أفلت يديها، و قلع قميصه المبقع و هو يتفحص صدره الذي تورم بالأحمر مقابل المرآة ثمّ بدأ يحدث نفسه بغضب:_ يا بنت المجنونة، ايه الغبية اللي أنا مشغلها ببيتي و أنا عمري ما شفتها..!!ثمّ أسند ذراعيه على الحوض و تنهد بابتسامة ماكرة و هو يقول:_ بس عيونها بتشل من جمالهم..،،ذهبت رهف ناحية المطبخ و هي تحدّث نفسها بلوم:_ شكله هيقطعلي عيشي، بس معاه حق و الله أنا السبب..دايما كده يا رهف مالكيش حظ..أنا ما صدقت الست صفية لاقتلي شغلانة تسدّ حاجتي، اعمل ايه دلوقتي!!سندت رأسها على كف يدها ثمّ قالت بصوتها الطفولي وهي تفكر بصوتٍ عالي:_ أنا فاكرة أنه كان في مرهم هنا للحروق، هاخده لآدم بيه يمكن أقدر أعتذروا كمان مرة.،، في فيلا التميمينزلت من أعلى الدرج ليليان و هي تتمايل بجسدها الرشيق و ترمق زوجها أدهم التميمي بنظرة معاتبة، اقتربت منه و هو غارق في هاتفه لتقول بملامح متجهمة:_ مش كنت وعدتني أنا وبنتك أنه نطلع على باريس بعد أسبوع..شبكت ايديها قدامها و كملت بنفس النبرة :_لينا و خلصت امتحاناتها السنوية..واصل أدهم تفقد هاتفه و لم يُزح عينيه عنه، و بكلّ برود أجابها ب:_ لما الهانم بنتك ما تعيدش السنة زي كلّ مرة، هابقى أسفركم زي ما انتم عاوزين..جلست بجانبه و لوت فمها للجانب لتردف بنبرة دلال:_ وأهون عليك يا حبيبي أحضر فرح بنت صحبتي بفساتيني القديمة..صمت أدهم لوهلة قبل أن يضع الهاتف جانباً و يردف بنبرة تهكمية في وجهها:_قديمة!! وهي الفساتين اللي اشتريتيها قبل يوم قديمة!!اقتربت منه ومدّت يدها النحيلة بدهاء لتضعها على ساقه الممدة و تمررها برفق عليه و هي تقول:_ بس أنا عايزة ألبس ماركة فرنسية و أشوف نفسي قدام صحباتي، مش أنا حرم التميمي و لا إيه..أمسك بذقنها بيده الخشنة ثمّ قربها ناحية وجهه ليهمس بصوت خافت :_ طب إنتي فاكرة الماركة المحلية تبع نسوان الحارة اللي كنت بتلبسيها يا ليليان هانم..أبعدت أصابع يده بغضب لتنفخ بوجهه و تردف بحنق:_ إنت هتفضل تذكرني بالماضي الوسخ ده كتير يا أدهم، ما أنا و إنت واحد ولا إيه..!!أجاب بابتسامة ماكرة :_ هفضل أعبيلك بطاقتك البنكية يا حبيبتي و اشتري اللي انتي عايزاه من هنا..رمقته ليليان بنظرة عتب و وضعت ساقا على ساق و هي تلعب بخصلات شعرها الأسود الطويل قبل أن تتهدج ب: _زي كل مرة، بتعرف تهرب أوي..نهض آدم من مكانه ليجيب على هاتفه الذي كان يرن ب:_ هاا يا أمير ، عملت ايه مع آدم أجابه أمير بنبرة متلعثمة:_ لسه يا أدهم بيه ما جاش للشركة، بس أنا اتصلت عليه و ..قاطعه أدهم قبل أن يكمل جملته ب:_ أنا معتمد عليك يا أمير، لو إنت مش قدها فقولي من دلوقتي..أجابه أمير بلا تردد :_ أوعدك أني هقنعه يا أدهم بيه، خليها عليا..رد عليه أدهم باختصار شديد قبل أن يغلق الخط:_ هاستنى اتصال منك عشان أسمع الكلام ده بعدما يوافق آدم..،،كانت ليليان في تلك الأثناء تنصت للمكالمة وتحدّث نفسها بصوت خافت:_ كل حاجة آدم آدم..طبعا ما هو ابنك، مش عارفة شايف نفسه علينا ليه..ده حتى الفيلا عاملها زي الفندق..في شقة المعاديوجدت رهف مرهما للحروق، و بكلّ حماس التقطته بين كفيها الصغيرة و اتسعت خطواتها تباعاً باتجاه غرفة آدم، دفعت باب الغرفة دون استئذان و وقفت تبحث عنه بحيرة:_ هو فين آدم بيه!! ليكون طلع و ما حسيتش بيه..طب و المرهم ده أعمل بيه إيه، أنا قلت هيغفرلي غلطتي على الأقل لو اديته العلاج..طأطأت رأسها بقلة حيلة ثمّ همت بالخروج من الغرفة وهي تنفض ذراعيها بالفراغ، لكنّها تفاجأت به يقف خلفها فور التفافها، لتردف بنبرة دهشة:_ آدم بيه..أنااا فكرتاقترب منها خطوتان ليلتصق ظهرها بالباب..و أكمل ب:_ فكرتي إني روحت..أومأت برأسها إيجابا على كلامه، و عيناها مثبتة على ملامحه..أسند ذراعه على الباب و أحنى ظهره اتجاهها قائلا بخفوت:_ وإنتي جيتي دوّر عليا ليه، في حاجة ؟!!التقطت أنفاسها بصعوبة و هي تتفحص في الوشوم التي تعلو صدره، لتقول بارتباك جليّ:_ لاااء حضرتك أنا جبتلك مرهم للحروق بس..ثمّ بحركة خاطفة وضعت المرهم فوق التسريحة و انسلت من تحت رحمته لتخرج ركضاً..ابتسم آدم بدهاء و هو يضع المرهم على صدره في أماكن الحرق..بينما تكورت رهف على نفسها داخل المطبخ و هي تضع يدها على صدرها الذي اضطربت وتيرة تنفسه، كانت تحدث نفسها ب:_ هو إيه اللي حصل معايا ده..!! أنا اتجمدت خالص قدامه، ماقدرتش اتحرك و لا عرفت أقول حاجة، أنا مش هاشتغل هنا تاني..أتاها صوتٌ من الخلف:_ لاء إنت هتكملي شغل هنا و كل يوم، سواء رضيتي أو لاء..سمعاني..!!



يتبع..

جحيم وحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن