الفصل الأول

4 0 0
                                    

كنت لسه تحت الصدمة، شايلة هدومي المتبعثرة داخل شنطة قديمة وبإيدي التانية حاملة موبايلي..بصيت على رجلي لقيتني لابسة شحاطة البيت والبيجامة تبع النوم، كانت دموعي متجمدة جوا عيني و كأني أخدت كف على وشي خلاني بعالم تاني خالص..ماعرفش ازاي امشيت لغاية المحطة..
***
قبل ساعة من الآن

دخل مراد الشقة على غير معاد رجوعه، كان الغضب بادي على ملامحه وعلى نبرة صوته وهو ينادي من الباب:
_ندى ياااا ندى يا بنت..
خرجت ندى بسرعة من المطبخ و هي بتمسح ايديها المبللة بأطراف هدومها بعدما كانت تغسل مواعين:
_ أيوه يا مراد..خير في أيه
كان ينفخ بغيظ وهو يحاول يسيطر على نفسه، فقال بنبرة عالية:
_انتي كنتي مع مين النهاردة..انطقي
ارتعشت ندى من سؤاله الغريب و بدت الأفكار تدور براسها قبل ما تجاوبه بكلّ عفوية:
_أنا روحت الجامعة مع منى..بس وانت عارف..
وقبل ما تكمل كلامها كان شاد*دها من شعرها و هو بيقول:
_ انتِ فكراني نايم على وداني يااا***
كانت ندى بتعيط وبصوت موجوع :
_والله ده اللي حصل..اسأل منى..
شدها أكتر من شعرها قبل ما يضربها كف على وشها خلاها توقع من طولها..
وكمّل بذات النبرة الغاضبة:
_ أنا قلت اربيكي و اجوزك على سنة الله ورسوله، لكن انتي رفضتي و اتحججتي بدراستك..بس شكلك دللتك زيادة..

طلعت مراته هالة من الغرفة و هي بتفرك عينيها بايدها الشمال وحاطة ايدها التانية على ظهرها وبطنها اللي بالشهر الرابع بارزة من روب النوم، وبنبرة خبيثة قالت:
_ مش قلتلك يا حبيبي..البنت دي مخبيه حاجة وهتجيب وشك بالأرض..

كانت ندى بتعيط وهي بتبص عليها بطرف عينها و الدم اللي بمناخيرها غطى شفايفها، وهي بتقول بانكسار:
_حرام عليكي بقى ..ما بكفي إنكم معامليني زي الشغالة ومابحكيش حاجة..

ضحكت هالة بكل شر و جمعت ايديها على بطنها قبل ما تقول:
_لو عاوز تتأكد أنه هي ماكانش عقلها بالدراسة، روح لأوضتها وفتش كتبها وشوف هتلاقي ايه..

احمر وش مراد من كلام مراته، و زاد غضبه حدة قبل ما يقول بصوت مكظوم:
_ هشوف ايه أكتر من اللي شفته..
طلع موبايله من جيبه وقربه من وشها وهو بيفتح صور على شاشته وقال:
_مين دي اللي هنا..جاوبي؟

اتصدمت ندى من الصور اللي على الموبايل، ضربت وشها بكف ايديها وعيونها مغرورقة بالدموع، كانت بتحاول تطلع الكلام من جواها بس مافيش حاجة راضية تطلع..دي صورتها بجد..بس هي عمرها ما هتفرط بشرفها وبالشكل ده..
نزل مراد راسه للأرض بكل أسى وحزن وقال بكسرة خاطر:
_ يبقى انتي..
كان الكلام بيتلعثم بفمها وهي بتحاول تقول:
_ أأ..أنا مستحيل..صدقني مش أنا..خليني أفهمك

سح*بها من ذراعها بكل قوة وهو بيقول:
_هتشرحيلي ازاي رميتي نفسك بحضن ***
فتح باب الشقة ودفعها برا من غير مايديها فرصة واحدة، وقبل ما يلف ظهره لقى هالة بتديله شنطة وهي بتقول:
_ اديها حاجتها وبلاش توسخ ايدك بيها يا حبيبي..

***
الآن...》

كانت المحطة فارغة، مافيش غير صوت الريح الذي يسحب الروح من أبسط ثقب بها..جلست ندى على طرف الكرسي المهترأ وهي لا تعلم ماذا تنتظر..إلى أي مكان ستذهب..
وفجأة لقيت بنت قعدت جنبها، كانت بيضاء البشرة ولابسة مانتو بني و فاردة شعرها على ظهرها، منظرها يوحي بالمكانة الاجتماعية اللي بتنتمي ليها..
تململت ندى بمكانها وكأنها استفاقت من غيبوبة همها على منظر هذه المرأة..
جلبت تلك المرأة من حقيبتها سيجارة ثمّ اقتربت من ندى وقالت:
_ معاكِ ولاعة ؟؟.
هزت ندى راسها بالنفي و قالت في سرها:
_ازاي في وحدة بتدخن ومامعهاش ولاعة..!!

ابتسمت المرأة بدهاء وقالت:
_مافيش بنت جميلة زيك تقعد بساعة متأخرة في محطة لوحدها كده!!
بصتلها ندى بطرف عينها وغمغمت قبل ما تقول بصوت مخنوق:
_ عادي..أأنا مسافرة
عدلت تلك المرأة شعرها وهي تنظر للسماء وقالت:
_بس الجو برد على الطلعة بالبيجامة ولا إيه..!!

امتعظت ندى من أسألتها المتكررة، لتجيب باقتباض شديد:
_ أنا حرة بطلع زي ما أنا عاوزة..
رفعت حاجبيها بدهشة من قوة اجابتها رغم عيونها المحمرة و ملامحها الباهتة..
وفجأة وقفت سيارة سوداء ذات نوافذ بالزجاج المعتم، ليُفتح الباب و تقف باستقامتها وهي تقول:
_مش هتركبي معايا هوصلك للمكان اللي انتي عاوزاه..
شدت ندى شنطتها على صدرها و أجابت باحباط وهي تتمعن في تفاصيل تلك السيارة الفارهة:
_لاء شكرا..هستنى الباص..
مطت شفاهها و ألقت بتلك السيجارة على الرصيف وهي تردّد:
_زي ما انتي عاوزة ياااا يا ندى..

تسمرت ندى بمكانها وهي تردد:
_ عرفتي اسمي من فين!! وانتي ميين..

لكن بلمح البصر لم تجد أثراً لها و لا للسيارة وكأنها كانت تحدث نفسها..
مسحت وجهها بكلتا يديها وكأنها تحلم وهي تردد:
_ شكلي هاتجنن..
وسقطت من عينها دمعة وهي تسمع حبات التراب التي يكورها الريح من فرط الهدوء، خبأت وجهها في راحة يديها وبدأت تبكي وجعها وانكسارها وهي تردف بصوت متحشرج؛
_ليه تعمل فيا كده يا مراد..ليه أنا ما عملتش حاجة..

لم تتوقف إلا على صوت أحدهم وهو يقترب من وجهها ليقول:
_ الجميل بيعط لوحده لييه..!!
جزعت ندى و حاولت أن تقوم من مكانها لكن دون جدوى، فهناك سكيران يقفان خلف ظهرها..
وقع الموبايل من ايدها و هي متشوشة هتعمل ايه، كان السكران بيسكب خ*مرة جوا شنطتها وهو بيقول:
_ طب تعالي نساافر سوا وهانن**بسط يا حلوة..

رجعت خطوة لورا لحتى لقيت نفسها وسطهم و هما بيقربوا ناحيتها بكلّ وحشية..و بيرموا القناني على الأرض بكل جنون..
وفجأة ركنت السيارة السوداء قدامها وفتح الباب وهي بتسمع صوت جاي من جوا:
_لسه مش عاوزة تركبي يا ندى!!

يتبع..
آرائكم♥️

أين أنا..؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن